ذكرت صحيفة واشنطن بوست الامريكية ان ادارة الرئيس باراك اوباما وحلفاءه الاوروبيين ركزوا جهودهم على مواصلة الضغط على موسكو لمحاولة اثنائها عن ضم شبه جزيرة القرم وتوسيع تحركاتها العسكرية في اجزاء اخرى من اوكرانيا، وذلك بعد فشل الادارة الامريكية في منع اجراء استفتاء القرم الذي عقد برعاية روسية.
وقالت الصحيفة، نقلا عن بيان اصدره البيت الابيض، ان الرئيس اوباما ابلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي مساء امس، يعد الثالث بين الرئيسين خلال اسبوعين، ان استفتاء القرم “لن ينل مطلقا اعتراف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي”. مؤكدا ان الولايات المتحدة “مستعدة لفرض اثمان اضافية على روسيا بسبب افعالها”.
ومن جانبه، ذكر الكرملين ان بوتين اكد لاوباما ان استفتاء القرم “يتطابق تماما مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”، مقارنا الوضع في القرم باعتراف الغرب بالاطار القانوني لتفكيك يوغوسلافيا سابقا. وكان البيت الابيض قد اصدر بيانا في وقت سابق، قبيل انتهاء التصويت على استفتاء القرم الذي صوتت فيه غالبية ساحقة من المقترعين لصالح انضمام شبه جزيرة القرم لروسيا، وصف فيه افعال موسكو ب “الخطيرة ومزعزعة للاستقرار”، ومؤكدا ان “التدخل العسكري وانتهاك القانون الدولي سيكلف روسيا كثيرا”.
واشارت الصحيفة الى انه من المقرر ان يجتمع مسئولون بالاتحاد الاوروبي في وقت لاحق من اليوم للنظر في عدة تدابير، من بينها تجميد ممتلكات وفرض حظر سفر على شخصيات روسية، لم يتم تسميتها حتى الان، تعتبر مسئولة عن العدوان العسكري وتدهور الوضع في اوكرانيا. وتابعت الصحيفة: رغم كل ذلك لا تزال فرضية الى اي مدى مستعد الغرب لمعاقبة روسيا على استفتاء القرم، والى اي مدى يعتزم بوتين مواصلة سعيه للسيطرة على جزء من اوكرانيا، ان لم يكن كلها، محل تساؤل يبعث بالشك والحيرة. واضافت ان تعهدات الادارة الامريكية الاسبوع الماضي بفرض عقوبات على موسكو في حال تم اجراء استفتاء القرم، حتى قبل اجراء روسيا لتدريبات عسكرية جديدة على الحدود الشرقية والجنوبية لاوكرانيا وقبل الاستيلاء على محطة غاز اوكرانية تقع على الحدود الشمالية لجزيرة القرم امس الاول السبت، سيجعل من مسألة فرض بعض العقوبات في حدها الادني على الاقل خلال الاسبوع الجاري بمثابة نتيجة متوقعة سلفا.
وتساءلت الصحيفة” كيف سيكون وقع العقوبات الغربية على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهل ستجبره العقوبات الغربية على التراجع عن افعاله ام ستزيده عنادا ؟”. واستطردت قائلة: رغم ثبات بوتين وتحديه للتهديدات الامريكية والاوروبية، يعتقد مسئولون امريكيون ان الكلفة التي تم فرضها بالفعل على الاقتصاد الروسي ستصبح غير محتملة في ما هو قادم، اذا لم يتراجع بوتين عن افعاله. واشارت الى انه من ناحية اخرى قد يعاني الغرب ايضا من هذه الاضطرابات، وذلك في حال قررت موسكو قطع امدادات الطاقة عن اوروبا وواصلت ضغطها على الاقتصاد الاوكراني، غير ان مسئولين غربيين يعتقدون ان بإمكانهم تحمل هذا الثمن وتعهدوا بدعم الاقتصاد الاوكراني. وفي الوقت ذاته تريد ادارة الرئيس اوباما الابقاء على بعض العقوبات القاسية في قبضتها واستخدامها في الوقت المناسب، ردا على اي محاولات اضافية من روسيا لزعزعة استقرار اوكرانيا، حسب الصحيفة.
وفي سياق اخر، رأت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية ان سياسة الرئيس باراك اوباما تواجه اختبارا صعبا يضعها على المحك بعد فشلها في معالجة عدد من التحديات والازمات الدولية مثل الازمة الاوكرانية والازمة السورية وحتى استفزازات كوريا الشمالية وتنامي قوتها العسكرية.
وذكرت الصحيفة، في تقرير نشرته على موقعها الالكتروني، انه لمدة خمس سنوات، عكف الرئيس اوباما على اعادة صياغة كيفية تعامل الولايات المتحدة مع اصعب الازمات في العالم، غير ان التدخل الروسي في اوكرانيا واستعداد موسكو لضم شبه جزيرة القرم وتصاعد التهديد في باقي انحاء اوكرانيا، بجانب تصاعد المذابح في سوريا، وضع استراتيجية اوباما تحت ضغط هائل هو الاعنف منذ توليه قيادة الولايات المتحدة.
واشارت الصحيفة الى ان البيت الابيض اشاد بنهج اوباما خلال فترته الرئاسية الاولى ووصفها بانها “بصمة مضيئة”، مضيفة ان اعتماده على هجمات الطائرات بدون طيار والهجمات الالكترونية وغارات فرق العمليات الخاصة التي استفادت من التفوق التكنولوجي الامريكي كانت بمثابة التعبير الجديد للقوة العسكرية والسرية للولايات المتحدة بدلا من الحروب المباشرة، كل ذلك” الى جانب ورقة العقوبات الاقتصادية القاسية التي لعب بها اوباما ضد ايران لاجبار قادة طهران على الجلوس على طاولة المفاوضات” حسب تعبيرها.
وتابعت قائلة: رغم كل ذلك فان هذه الادوات، او حتى التهديد باستخدامها، اثبتت عدم فعاليتها حتى الان بشكل يبعث على الاحباط في اغلب الازمات الحالية، فالعقوبات والمساعدة المتواضعة للمعارضة السورية فشلت في وقف المجازر في دمشق، بل ان الاوضاع تدهورت زيادة مع اطالة امد المفاوضات.
واضافت” ان البيت الابيض فوجئ بقرارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو شبه جزيرة القرم، كما فوجئ ايضا باعلان الصين عن تحديد منطقة دفاع جوي فوق عدد من الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي مع اليابان، ولم يثمر الضغط الاقتصادي او الهجمات الالكترونية -التي اجبرت ايران على اعادة النظر في نهجها- في منع كوريا الشمالية من انعاش برنامجها النووي او برنامج صواريخها المتطورة خلسة”.