– وزارة البترول تقدر تكلفة التأثيرات البيئية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 80 دولار سنويا لكل طن
– استخدام الفحم يؤدي لزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 70% مقارنة بالغاز الطبيعي
– تطوير منظومة ادارة المخلفات المنزلية والزراعية لتوفير بدائل الوقود لصناعة الأسمنت بما يسمح باستخدامها في المصانع بنسبة 20%.
– يتم حاليا اعداد استراتيجية الطاقة من خلال المجلس الأعلي للطاقة مع دراسة عدة سيناريوهات للاستفادة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة
تواجه مصر مشكلة عامة من حيث نقص موارد الطاقة نظرا للزيادة المستمرة في معدلات الاستهلاك مع ثبات أو انخفاض الانتاج المحلي من الغاز الطبيعي والبترول بالاضافة لظروف عدم الاستقرار منذ قيام ثورة يناير 2011 مما ادى الى وجود أزمة حالية في تدبير احتياجات الطاقة بما ساهم فى تكرار انقطاع الكهرباء وتوقف جزئي لبعض خطوط الانتاج داخل المصانع .
تعتبر مشكلة الطاقة نتيجة طبيعية لنمط التنمية غير المستدامة التي تم اتباعها علي مدي العقود الماضية حيث لم تحقق العدالة الاجتماعية ولم تراعي حق الأجيال القادمة في موارد البلاد خاصة الغاز الطبيعي , وفي ذلك الإطار فقد تم تخصيص جزء كبير من ميزانية الدولة لدعم الطاقة والذي يذهب معظمه لغير مستحقيه. و لعله أدت سياسات دعم الطاقة الي زيادة الاستثمارات في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة للحصول علي الطاقة بغير سعرها الحقيقي وتحقيق أرباح كبيرة ومن ناحية أخري فان أسعار الطاقة المنخفضة أدت الي عدم الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية والرياح) وهي متوافرة بشكل هائل في مصر.
و بالنسبة لأزمة الطاقة الحالية تري وزارة البيئة انه نظرا لأهمية الطاقة في دعم وتنمية الاقتصاد الوطني، فانه ينبغي علي كافة الأطراف العمل علي إعطاء الأولوية لحل الأزمة الحالية بتوفير أنواع الوقود المطلوبة (الغاز الطبيعي – المازوت) سواء بزيادة معدلات الانتاج أو الاستيراد أو الاثنين معا بما يتناسب مع الظروف الحالية.
لا يعتبر الفحم ضمن بدائل حل الأزمة العاجلة نظرا لعدم توفره داخل مصر وعدم وجود البنية الأساسية لمنظومة الاستيراد (الواني) والنقل والتخزين والتداول بالاضافة الي ان الاستثمارات الضخمة التي يتطلبها استخدام الفحم تستوجب الاستمرار في استخدامه لمدة لاتقل عن 10- 15 سنة حتي لو ظهرت آثاره السلبية علي البيئة وصحة المواطنين في وقت مبكر , واذا شملت هذه الاستثمارات جهات خارجية يصبح التحكيم الدولي احدي عقبات اتخاذ قرارات تصحيح الأوضاع .
و عن توفير الطاقة في اطار التنمية المستدامة فبالنسبة للمشكلة العامة وهي نقص موارد الطاقة مقارنة بالاحتياجات ، تري الوزارة ضرورة حل هذه المشكلة من خلال وضع استراتيجية للطاقة في اطار التنمية المستدامة وعلي ذلك فانه يجب وضع وتنفيذ السياسات التي تحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة ومصادر الثروة الطبيعية بها.
هذا و يتم حاليا اعداد استراتيجية الطاقة من خلال المجلس الأعلي للطاقة مع دراسة عدة سيناريوهات للاستفادة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وكذلك مصادر الطاقة التقليدية التي تعتمد علي الوقود الأحفوري وسوف يتم تقييم البدائل أخذا في الاعتبار كافة أبعاد التنمية المستدامة أي التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة ومصادر الثروة الطبيعية بها.
في اطار وضع استرايجية الطاقة المستقبلية تري الوزارة أنه يجب الالتزام بسياسات الحكومة المصرية بشأن حماية البيئة باعتبارها احدي عناصر الهدف الاستراتيجي الخاص بالحفاظ علي الأمن القومي وتأمين حق الأجيال القادمة في ثمار التنمية الوارد في إطار وثيقة الرؤية والأهداف الإستراتيجية وسياسات العمل الصادرة في ديسمبر 2009، وكذا إطار استراتيجية التنمية الشاملة الذي أعدته وزارة التخطيط والتعاون الدولي (2012-2022 ) والتي تتسق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر والمعنية بحماية البيئة وقضايا التغيرات المناخية.
اما عن الفحم واستراتيجية الطاقة فرغم أنه يتم استخدام الفحم منذ فترة طويلة علي نطاق واسع في أوربا وأمريكا نظرا لتوافره في هذه البلاد الا أن ما أظهرته الدراسات العلمية من ارتفاع التكلفة المجتمعية نتيجة الآثار السلبية للفحم قد أدي الي مراجعة استراتيجيات الطاقة في هذه البلاد وزيادة الاعتماد علي مصادر الطاقة النظيفة علي حساب الفحم , وفي هذا الاطار بدأت أمريكا التخلص من محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم وهي تمثل أكثر من 50% من مصادر الكهرباء وذلك من خلال وضع معايير صارمة ستؤدي الي الاستغناء عن الفحم نهائيا قبل عام 2040 . وفي ألمانيا تم اقرار استراتيجية جديدة للطاقة يتم من خلالها الاستغناء عن الوقود الأحفوري والطاقة النووية . وفي أوربا تم وضع معايير خاصة بالصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري حيث يعتبر الفحم من أكبر مصادر هذه الانبعاثات .
و تشير الدراسات العلمية الي أن التكلفة المجتمعية للفحم تتراوح بين ضعف الي عشرة أضعاف سعره الأصلي , فاذا تم وضع ذلك في الاعتبار عند التقييم الاقتصادي لمصادر الطاقة لن يكون الفحم هو الوقود الأرخص لذا تحذر بعض الدراسات الاقتصادية من مخاطر الاستثمار في مجال الفحم نظرا للانخفاض المستمر في تكلفة انتاج الطاقة النظيفة (طاقة الشمس والرياح) . الى جانب الاثار البيئية والصحية للفحم بكونه يعتبر من أسوأ أنواع الوقود من حيث تأثيراته السلبية وأهمها المخاطر الصحية بالاضافة الي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتأثيرها علي التغيرات المناخية , وتهدف المعايير والضوابط البيئية الي الاقلال من الانبعاثات وآثارها وليس منعها وتعتمد كمية الانبعاثات علي ما تسمح به المعايير مع مراعاة درجة الالتزام بتنفيذ هذه المعايير والذي يعتمد بدرجة كبيرة علي درجة تقدم المجتمع من الناحية الاقتصادية والسياسية وكذلك النظم والقوانين والتشريعات السائدة ومستوي التعليم والثقافة والوعي بالحقوق والواجبات . وهذا يفسر التحسن الكبير في نوعية البيئة في الدول المتقدمة وهي تستخدم الفحم في مقابل تدهور نوعية البيئة داخل مصر وهي تستخدم الغاز الطبيعي .
يؤدي استخدام الفحم الي زيادة كبيرة في كمية الانبعاثات ذات المخاطر الكبيرة علي صحة المواطنين ليس فقط في المنطقة المحيطة وانما داخل المناطق البعيدة ايضا نظرا لان بعض الملوثات الخطيرة مثل الجسيمات الدقيقة (PM2.5 ) والزئبق والديوكسين تنتشر علي مسافات قد تزيد علي 1000 كيلومتر . وتوضح نتائج قياس الانبعاثات في دول الاتحاد الأوربي ان متوسط كمية الانبعاثات من أكاسيد الكبريت تزيد عشرات الأضعاف مقارنة بالغاز الطبيعي بينما تزيد انبعاثات الرصاص بأكثر من عشرة آلاف ضعف .
يؤدي استخدام الفحم في صناعة الأسمنت في مصر الى زيادة انبعاثات أكاسيد الكبريت (~168.000 طن/سنة) والجسيمات الصدرية الدقيقة (~ 20.000 طن/ سنة) وأكاسيد النيتروجين (~ 18.500 طن/سنة) وذلك مع افتراض استخدام المخلفات كبدائل للوقود بنسبة20% . وقد تزيد هذه الكميات نظرا لان الالتزام بالمعايير في مصر أقل من المتوسط العام لدول الاتحاد الأوربي .
كما أن استخدام الفحم يؤدي الي زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة حوالي 70% مقارنة بالغاز الطبيعي ، وهذا يتعارض مع سياسات الدولة المعلنة وهي التنمية الاقتصادية الأقل اعتمادا علي الكربون واستخدام تكنولوجيات الانتاج الأنظف.
و عن التكلفة المجتمعية للفحم فقد أظهرت بعض الدراسات العلمية الحديثة أن تكلفة المخاطر الصحية في أمريكا بسبب استخدام الفحم في توليد الكهرباء تقدر بعدة أضعاف قيمته السوقية ، وذلك مع وجود الضوابط والمعايير الصارمة والالزام بتطبيق القوانين ومستوي الالتزام العالي لدي المنشآت. وتصل القيمة المتوسطة للتكلفة المجتمعية أمريكا الي حوالي 345 مليار دولارسنويا . وتصل تكلفة التأثيرات الصحية نتيجة حرق الفحم في أوربا الي حوالي 42.8 مليار يورو سنويا .
كما تشير دراسة للبنك الدولي (2002) الي أن تكلفة التدهور البيئي في مصر تعادل حوالي 4.5% من الناتج القومي الاجمالي , وتشكل تكلفة تدهور نوعية الهواء في القاهرة والأسكندرية نصف هذه التكلفة . ونظرا لأن ملوثات الهواء عند استخدام الفحم تزيد عشرات أو مئات الأضعاف مقارنة بالغاز الطبيعي فان التكلفة المجتمعية سوف تزيد بدرجة كبيرة جدا الامر الذى يحتاج لدراسة متخصصة في هذا المجال.
و طبقا لتقديرات وزارة البترول فان تكلفة التأثيرات البيئية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون تصل الي 80 دولار سنويا لكل طن , وعلي ذلك فان تكلفة استخدام الفحم لانتاج 60 مليون طن من الأسمنت تصل الي حوالي 536 مليون دولار سنويا بسبب زيادة انبعاثات الكربون بمقدار 6.7 مليون طن (مع فرض استخدام بدائل الوقود بنسبة 20%) كما أن تكلفة استخدام الفحم لتوليد الكهرباء (محطة بقدرة3000 ميجا وات) تصل الي حوالي 700 مليون دولار سنويا مع زيادة انبعاثات الكربون (5.7 مليون طن) .
هذا و يضر استخدام الفحم بموقف مصر التفاوضي في اتفاقية التغيرات المناخية كما يعرض مصر لمخاطر عدم الاستجابة لمطالبها بالتعويضات التي تستحقها لأن مصر من الدول الأكثر تعرضا للأضرار نتيجة التغيرات المناخية حيث تبلغ الخسائر بسبب الأضرار في منطقة الدلتا فقط حوالي 100-500 مليار جنيه سنويا .
يمثل استخدام الفحم عائقا للتنمية بسبب زيادة انبعاثات الكربون في ظل التوجه العالمي لتحديد الانبعاثات في جميع الدول ومن بينها مصر اعتبارا من 2015 , و يؤثر استخدام الفحم سلبا علي فرص تصدير المنتجات المصرية نتيجة زيادة انبعاثات الكربون حيث يتجه العالم الي اعتماد (البصمة الكربونية) كأحد معايير تقييم السلع والخدمات .
و بالنسبة لرؤية وزارة البيئة لسياسات واستراتيجية الطاقة , تري أنه يجب وضع السياسات الملائمة لجذب الاستثمارات في ترشيد وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في كافة القطاعات والأنشطة وأهمها قطاع الصناعة والمنازل والمباني الحكومية والتجارية بالاضافة الي رفع دعم الطاقة عن الفئات القادرة مع مراعاة الاستفادة من مصادر الطاقة الطبيعية الهائلة في مصر وهي الرياح والطاقة الشمسية مع التحسن الكبير والمستمر في اقتصاديات الاستثمار . ايضا تعظيم الاستفادة من الكتلة الحيوية والمخلفات من كافة الأنشطة .
و في اطار تنفيذ سياسة الوزارة لحماية البيئة وتنميتها تقوم الوزارة بتوفير الدعم الفني ومصادر التمويل لمشروعات التحكم في التلوث من الصناعة حيث تم تقديم القروض والمنح للمنشآت الصناعية لتنفيذ المشروعات البيئية (269 مليون دولار) وقد كان لمصانع الأسمنت النصيب الأكبر من هذه المنح والقروض لمشروعات استبدال الفلاتر واستخدام الغاز الطبيعي واستخدام المخلفات كبدائل للوقود ( 70 مليون دولار) . ايضا تطوير منظومة ادارة المخلفات المنزلية والزراعية لتوفير بدائل الوقود لصناعة الأسمنت بالكميات والنوعيات المناسبة بما يسمح باستخدامها في كافة المصانع بنسبة 20%. فضلا عن تشجيع مشروعات التنمية الاقتصادية الخضراء الأقل اعتماداً علي الكربون و تنفيذ البرنامج القومي للادارة المتكاملة للمخلفات الصلبة بالتعاون مع الحكومة الألمانية وبالاشتراك مع وزارة التنمية المحلية وكافة جهات المجتمع المدني .