اصدر نيافة الحبر الجليل الانبا مارتيروس الاسقف العام كتابا جديدا اطلق عليه عنوان ” نور اشرق في الظلمة” وقد يتبادر الى الذهن انه يتكلم عن ميلاد السيد المسيح الذى قيل عنه انه نور اشرق في الظلمة..الا انه يتحدث عن احد أبناء الرب يسوع الذين استطاعوا ان يكونوا نورا للعالم كوصية رب المجد لابنائه
بل اصبحوا بالفعل نورا ساطعا مستمدا من نور سيدهم …وهو الأرشيدياكون حبيب جرجس الذى اثمر كل ماتمتعنا به في زمننا المعاصر من بطاركة واساقفة وكهنة وخدام متميزين بل هو من أسس لنا ولابنائنا خدمة مدارس الاحد
قصة الاعتراف به قديسا
ويقول نيافة الانبا مارتيروس في كتابه عن القديس حبيب جرجس ” انه شخص جدير بالإعتراف به ليكون أحد قديسي الكنيسة القبطية من طبقة العلمانيين، الذي وهب حياته للنهوض بأبناء الأمة القبطية ليكونوا علي مستوي جيد من التعليم اللاهوتي والعقيدي والطقسي، وحفظ تراث الكنيسة بمجمله، إنه إستطاع أن يقود دفة التعليم في السنوات الأولي من القرن العشرين وحتي منتصفه، وإستطاع أن يقود هذا العمل من خلال المؤسسة الإكليريكية ومؤسسة مدارس الأحد لتعليم النشئ متسلحاً بالفضائل العظيمة التي جعلت منه نموذجاً جيداً أمام الرعاة والخدام، وفي مشواره الطويل الذي إمتد إلي الخمسون عاماً، تكبد التجارب الشديدة والمحن التي أضنت قواه، حتي سلم روحه الطاهرة في ليلة عيد السيدة العذراء مريم عام 1951م، عن عمر يناهز الــ 76 عاماً، وإن إعتراف المجمع المقدس برئاسة حضرة صاحب القداسة والغبطة البابا تواضروس الثاني، بقداسة الأرشيدياكون حبيب جرجس، هو بمثابة أعظم تاج وضع علي جبين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فكل أباء الكنيسة ومطارنتها، وأساقفتها، وخدامها، وخادماتها، والشعب القبطي منذ بداية القرن العشرين هم أبناء الأرشيدياكون حبيب جرجس.
ومن الطبيعى ان يهتم الانبا مارتيروس بإصدار كتاب عن القديس حبيب جرجس وهو اول الداعيين الى الاعتراف به رسميا قديسا ..وكشف نيافته ذلك في كتابه موضحا ان هذه الرغبة كانت قوية لديه وعرضها على مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث في فترة مرضه الأخيرة ووعده بدراستها وبنقل جسد القديس الى كنيسة مهمشة التي بناها بنفسه ، وبعدإنتقال مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة عاد فعرض الامر على حضرة صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريركى، فأخبره أن هذا الأمر يحتاج إلي قرارمن المجمع المقدس، وجاءت القرعة الهيكلية التي أبهجت قلب الكنيسة القبطية ،بإختيارقداسة البابا تواضروس الثاني،وعاد فأخبر قداسته بأهمية الموضوع فأمر بإرجائه إلي لجنةالطقوس ولجنةالإيمان والتعليم والتشريع بالمجمع المقدس،وتمت الدراسة بعنايةشديدة وبحث الأمرمن جميع جوانبه.
وجاءت الثمرة بالإعتراف رسمياً بقداسة الأرشيدياكون حبيب جرحس،قديساً بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية،في جلسة المجمع المقدس المنعقدة في يوم الخميس الموافق20/6/2013 بالإعتراف بقداسة الأرشيدياكون حبيب جرجس وقداسة البابا كيرلس السادس ،وتفضل قداسة البابا تواضروس بإصدار الأمر بنقل جسده من مدافن العائلة إلي كنيسة العذراءمهمشة لتستعيدالكنيسة أجمل وأقدس ذكرياتها،وتعلن لأبناء الكنيسة قصة كفاح وتضحية رسمت للكنيسة القبطية طريقاً أفضل. ويركز نيافة الانبا مارتيروس ان الإصلاح الكنسى في نهاية القرن ال19 وبداية القرن العشرين كان منصبا على الإصلاح الادارى الا ان القديس حبيب جرجس كان حريصا على تثبيت هوية النسان القبطى الأرثوذكسي وتثبيت وطنيته واواصر المحبة مع شركائه في الوطن
القديس وخمس باباوات
يتناول الكتاب الذى يتكون من 83 صفحة من القطع المتوسط نشأة القديس حبيب جرجس ( 13 نوفمبر 1876 -21 أغسطس 1951) والمناخ التاريخى والسياسي والكنسي الذى عاصره..ونشأته في حى الفجالة وكيف تربى في الكنيسة المرقسية بكلوت بك ومعاصرته لقداسة البابا ديمتريوس الثانى وكان تلميذا خاصا للبابا كيرلس الخامس الذى اصطحب القديس حبيب جرجس في خدمته بالوجه القبلى والسودان… كما عاصر البابا يوأنس التاسع عشر والبابا مكاريوس الثالث والبابا يوساب الثانى
تأسيس مدارس الاحد
يتناول الكتاب أيضا اشهر إنجازات القديس حبيب جرجس وعلى رأسها تأسيس خدمة مدارس الاحد المعروفة بشكلها الحالي وكانت اول مدارس احد للأطفال في الكنيسة المرقسية الكبري بالأزبكية،عام 1900 ويلقي حبيب جرجس عليهم دروس مدارس الأحد، ويرنم معهم ويعلمهم الألحان، وفعل ذالك أيضاً بكنيسة السيدة العذراء بالفجالة([1])وكان قبلها قد دفع بمعلمه البابا كيرلس الخامس أن يصدر بياناً يحث فيه الشعب القبطي بالإهتمام بتعليم أبنائهم التعليم الديني والروحي السليم، وبدأت تنتشر الفكره إلي الكنائس الأخري بالقاهرة، ثم بالأسكندرية ثم إلي باقي الإيبارشيات، ووصل الأمر إلي إنتشار الفكرة بالسودان وإثيوبيا، وذلك بحماس الشباب الغيور من أبناء الكنيسة، وقد أخذوا الأستاذ حبيب جرجس مثلاً أعلي لهم، وأطلق علي هؤلاء الشباب مصطلح الخدام.
كانت فكرة مدارس الأحد تشغل دائماً فكر الأرشيدياكون حبيب جرجس، وكان السبب الرئيسي لقيام هذه الفكرة هو إهمال المدارس الأهلية والأميرية في ذلك الوقت من تعليم الدين المسيحي، فعمل علي تعويض النقص الذي كان يعانية الطلبة الأقباط، في دراسة مادة الدين في المدارس الأميرية، وعدم وجود أساتذة متخصصين، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء مدارس الأحد، الغرض منها تعويد الأطفال والشبان حضور الكنيسة وتزويدهم بعلوم الدين.
وفي عام 1918م، كون لجنة عامة بإسم”اللجنة العامة لمدارس الأحد” وكانت أهم أهدافها تعويد الأولاد والبنات لحفظ يوم الأحد يوم الرب، والمواظبة علي حضور القداسات يوم الأحد لأولاد المدارس القبطية ويوم الجمعة لأولاد المدارس الأميرية، وتعليمهم حقائق الأنجيل، لجعلهم أعضاء حية وقوة نافعة للكنيسة، وتعليمهم الفضائل والأخلاق السامية وتحذيرهم من الوقوع في خطايا الحلفان، والكذب، وغيرها…، وتعليهم العناية بنظافة ملابسهم، والتوعية بصحة أجسادهم، وبث روح القومية فيهم،وإعدادهم ليكونوارجالاً نافعين لأوطانهم وتعويدهم علي خدمة شعبهم.
مؤسس الكنائس والاكلريكية
يستعرض الكاتب العديد من إنجازات القديس مثل انشاء كنيسة العدرا بمهمشة والتي أقامها القديس باهتمام ودفع من ماله الخاص 400 ج من اجمالى ثمن الأرض الذى بلغ 1200 ج وطاف بنفسه يجمع التبرعات لشراء ارضها وخصص فيها مقرا للبابا كيرلس الخامس الذى فرح بها كثيرا وكانت مقرا بابويا.. يستعرض الكتاب أيضا اهم الكنائس الذى أسسها القديس الى جانب العذراء بمهمشة او كان وراء فكرة شراء أراضيها وهى كنائس تعد منارات ساطعة في الخدمة الى يومنا هذا ومنها كنيسة مارمرقس كيلوبترا بمصر الجديدة.، وكنيسة مارجرجس بألماظة، .وكنيسة مارجرجس بعين شمس.،وكنيسه مارجرجس بالقناطر الخيرية.، و كنيسة الأنبا انطونيوس بشبرا مصر، .وكنيسة مارجرجس بالجيوشي.، و كنيسة مارجرجس بجزيرة بدران بشبرا مصر.، وكنيسة الأقواز بالصف بالجيزة.
نظير جيد تلميذ حبيب جرجس
قام حبيب جرجس بانشاء المدرسةالاكلريكية بمهمشة واهتم بتطويرها بمساندة الإباء البطاركة الذين عاصرهم..ومن الجدير بالذكر ان الأستاذ نظير جيد ( البابا شنودة الثالث ) تخرج في هذه الكلية الاكلريكية عام 1949م كان من أوائل خريجي القسم الذى يستقبل خريجى الجامعات كثمرة لاهتمام قديسنا بتطوير الكلية الاكلريكية والتي وضع في قلبه ان تستعيد امجاد مدرسة الإسكندرية اللاهوتية
واهتم حبيب جرجس بانشاء العديد من الجمعيات الخيرية واستغلالها في الخدمة الروحية ومنها جمعية اصدقاء الكتاب المقدس وحرصه الشديد على العقيدة الارثوذكسية وتعايمها الاصيلة وتنقية الخدام دائما من اى فكر دخيل على عقيدتهم
تناول الكتاب أيضا الكتب التي أصدرها حبيب جرجس والتي تعد مراجعا مهمة في الكنيسة ومنها كتاب اسرار الكنيسة السبعة، والصخرالارثوذكسية ، و المدرسة الإكليريكية بين الماضى و الحاضر وغيرها
يستعرض الكتاب – الذى يستحق ان يقرأ – أيضا العلاقة الحميمة التي كانت تربط بين الأستاذ نظير جيد وقديسنا ، ويتعرض أيضا لمعلومات قد يجهلها الكثيرين من ترشيح الارشدياكون حبيب جرجس الى منصب الباببوية مرتين
ويختتم الكتاب بمجموعة من اقوال القديس والقابه ومديحا له