كتب سيرج تروفو في جريدة لو دفوار Le Devoir الكندية المونتريالية عمودا بعنوان “انتصار السعوديين”، تحدث فيه عن أن إقرار الدستور في مصر يعد انتصار للسعودية. وأن هذا الدستور هو المدعوم من قبل الجيش عامة، والجنرال عبد الفتاح السيسي تحديدا.
والصراع الكامن بين السعودية والإخوان المسلمين، جعل السعودية تراهن على الجنرال السيسي، باعتباره رجل مصر القوى والأكثر شعبية، والذي وضع المسمار الأكبر في نعش الإخوان.
وأكد تروفو أن ثورات الربيع العربي في تونس، ليبيا، اليمن، البحرين، وخاصة مصر، بعد إطاحتها بحكام ديكتاتوريين، هزت كثيرا الأسرة المالكة في السعودية. فالملك السعودي وكل الأمراء في المملكة يخشون من تصاعد وانتشار الإسلاموية، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين، التي تعمل على نشر الدين، عبر النشاط الاجتماعي والتوزيع العادل للثروات، حسب كاتب المقال.
وأشار تروفو إلى الضربات المتتالية التي وجهتها إدارة أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كيلينتون إلى حليف المملكة الاستيراتيجي مبارك، وأدى الأمر إلى سقوطه في النهاية.
هذا الدرس تعلمت منه السعودية الدفاع المستميت عن حليفها الجديد الجنرال السيسي، بل ووظفت له مختلف أجهزتها، بما فيها السيادية والمخابراتية للبحث عن بدائل، للتخفيف من الضغوط الأمريكية، عبر فتح قنوات تواصل مع موسكو وفلاديمير بوتين، لتثير لعاب واشنطن على مصالحها في المنطقة بأكملها، في ظل ترحيب روسي عميق بإعادة العلاقات بين القاهرة وموسكو، وبواسطة خليجية سعودية.
كما رأت السعودية في تحالفها مع السيسي ضد الإخوان المسلمين، حلقة في حربها مع إيران الشيعية، الساعية للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، في ظل التقارب الغريب بين طهران والإخوان المسلمين، وهو ما أثار مخاوف عميقة لدى الأسرة المالكة في السعودية. وتعاظمت هذه المخاوف بعد الزيارات المتبادلة بين بين قادة الإخوان والساسة الإيرانيين، خاصة بعد فوز محمد مرسي بمقعد الرئاسة، بعد انقطاع في العلاقات المصرية الإيرانية منذ عام 1979 حتى عام 2012.
واعتبرت السعودية، مباركة الإدارة الأمريكية للتقارب بين الإخوان المدعومين من واشنطن، وإيران، نوعا من الخيانة السياسة. وبذلك السعودية كل امكاناتها لتطويق هذا التحالف الوليد المضر بها، ووجدت في الجنرال السيسي الهدف والغاية. ولذا كان قرارها الاستيراتيجي بدعم السيسي، أيا كانت الضغوط الأمريكية، وأى كانت التكلفة، بعد أن تأكدت أن تحركات السيسي المحققة للأمن القومي المصري، تصب وتتوازي مع أولويات الأمن القومي السعودي، وكان قرار مصر بعد 30 يونيو بتخفيض مستوى العلاقات مع إيران ووقف موجات السياحة الإيرانية لمصر، وهو ما أثلج قلوب السعوديين، وجعلهم على استعداد لدعم السيسي إلى أقصى الحدود.