نشرت صحيفة المصرى اليوم فى عددها الصادر بتاريخ 12 نوفمبر 2013 نتائج استطلاع الرأى الذي أوردته «رويترز» بشأن حالة النساء في الدول العربية.
وأظهرت الدراسة أن مصر تأتى فى قاع قائمة التى تضم22 دولة عربية، وتعد العراق ثانى أسوأ بلد، والسعودية الثالثة، أما جزر القمر فهى الأفضل من بين بلدان جامعة الدول العربية. ورغم أننى لم يتاح لى الإطلاع على الدراسة ذاتها، بل اطلعت فقط، مثل الغالبية، على ماورد فى المصرى اليوم،ومع ذلك، يحق لنا التعليق، بما أن هذه التغطية ذاتها أصبحت هى الموضوع وتم تداولها بشكل واسع على شبكة الإنترنت.
وبداية أقول أنه ليس غريبا أن نسمع عن سوء الأوضاع بالنسبة للنساء فى مصر والتى باتت مكان سئ للعيش بشكل عام، وللنساء على وجه الخصوص بسبب تفشى العنف والتحرش والتمييز وعدم الاحترام. والمشكلة الأكبر تتمثل فى وجود منظومة قيمية متدنية تتعايش وأحيانا تبرر مثل هذه الانتهاكات.
ومع ذلك فإن التعميم الذى يتسم به هذا النمط من الدراسات أو استطلاعات الرأى يثير دائما دائما تساؤلات حول مدى دقته.والمسألة هنا لا تتعلق بحالة النساء فى مصر فى حد ذاتها، ولكن فى المقارنة مع بلدان أخرى، فهل أحوال النساء فى السودانأواليمن أوالسعودية أو غزة مثلا أفضل حالا من مصر؟ وفى أى الجوانب بالضبط؟ وهل وجود جماعات مناصرة لحقوق النساء تتحدث عن الانتهاكات فى مصر له أثره فى فى إبراز الوضع السئ، فى حين أن غياب مثل هذه الجماعات فى بلدان أخرى يجعل الكثير من الانتهاكات مسكوت عنها ومستترة؟
لنأخذ مثالا يتعلق بالسيطرة على النساء فيما يتعلق بالحق فى الاختيار وتقرير مصيرهن وحرية الحركة وغيرها من الحقوق والحريات الشخصية، أتصور أن القيود المفروضة على النساء فى كثير من المجتمعات العربية أكثر سوءا من حالة مصر. ولكن فى الكثير من هذه المجتمعات تبدو مثل هذه القيود وكأنها أمورا”طبيعية”. فلو افترضنا أن السلطات المصرية قررت، مثلا، منع سفر النساء إلا فى وجود “رجل محرم”، أو النقاش حول حق المرأة المصرية فى قيادة سيارة، فكم سيثير مثل هذه القرار من جدل؟ فى حين أنه يحدث فى مجتمعات أخرى بدون الكثير من الجدل. كما أن العقوبات المهينة التى تفرضها السلطات السودانية على النساء باسم الشريعة هى من الممارسات التى أتصور صعوبة قبولها فى السياق المصرى.
كما أن التعميم غالبا ما ينطوى على بعض الأخطاء، فحالة النساء فى مجتمع ما تخلتف بحكم الوضع الاجتماعى والتعليمى بل والنطاق الجغرافى الذى تعيش فيه النساء. صحيح أن السياق العام واحد، لكن علاقات القوى تختلف وفق هذه المحددات، فنساء الأحياء الراقية لسن مثل نساء الأحياء الفقيرة. وهذا معروف. يضاف إلى ذلك أن ظروف معينة تعيشها النساء تفرض أوضاعا ربما تكون مدمرة، مثل الظروف التى تعيشها نساء سوريا والتى فرضت عليهن اللجوء أو النزوح وتحمل كوارث النزاعات المسلحة، ومن المعروف أن هذا النمط من الحركة يرتبط بإنتهاكات استثنائية ويؤثر على كافة الحقوق، أو على الحد الأدنى من الحقوق الذى تمتع بها النساء. وفى حين أننا نركز على الجانب السياسى فى غزة، ولكن لا نتحدث كثيرا عن أوضاع النساء هناك فى ظل ثقافة محافظة وحصار يسلب الجميع الحق فى التنقل والسفر، وحرية الحركة. تماما مثل حالة اللاجئات الفلسطينيات فى بلد مثل لبنان.
وفى النهاية، يجب التأكيد أن هذا ليس دفاعا عن مصر، فالمصريون يعرفون أكثر من غيرهم مدى تدنى الأوضاع وخاصة بالنسبة للنساء، ولكن التعميم دائما ما يثير التساؤل، لأنه عندما يبرزالأسوأ فى بلد ما، فإنه يؤدى فى الوقت ذاته إلى إخفاء أو تجاهل الأسوأ فى بلدان أخرى.