تنفس خبراء الطاقة الصعداء بعد اعلان المستشار عدلى منصور الرئيس المؤقت عن البدء فى انشاء اول محطة نووية مصرية داخل منطقة الضبعة غرب الاسكندرية بكونه مشروع معطل طال انتظاره عبر سنوات خلال عهد مبارك دون خروجه للنور مما تسبب فى خسارة لا تقل عن 200 مليار دولار ,
على صعيد آخر قد عارض البعض المشروع بشدة فى ظل اتجاه الدول لاغلاق مفاعلاتها النووية و من ثم كيف يتسنى لمصر اتخاذ ذلك القرار ؟
حول طبيعة المشروع و كيفية تنفيذه , و أسباب توقفه عبر سنوات و الى اى مدى تمت عملية المصالحة مع الاهالى لتسليم أرض المشروع , كان هذا التحقيق …
غياب قرار استراتيجى .. سبب تعطل المشروع
حدثنا د . على الصعيدى – وزير الكهرباء الاسبق و عضو اللجنة العليا للطاقة الذرية كان محدد لمشروع الضبعة برنامج للتنفيذ و طرح أكثر من مرة للمناقصة و لكن جاءت الثورة أوقفته فى ظل الأوضاع غير المستقرة الى ان اعاد فتح الملف مجددا و احياء المشروع باعلان الرئيس المؤقت عدلى منصور طرحه ثانية للتنفيذ , موضحا ان المعوقات التى حالت دون تنفيذ المشروع لسنوات تكمن فى عدم وجود قرار استراتيجى على اعلى مستوى للاهتمام بخروج المشروع النووى للنور بعد وفاة الرئيس انور السادات باعتباره الرئيس الوحيد الذى كان لديه قرار استراتيجى و رؤية بجانب الحكومة و البرلمان فى تلك الفترة للمضى قدما بهذا البرنامج و كانت هناك رؤية للانتهاء منه فى عام 2006 و لكن بعد وفاه الرئيس السادات بدأ التردد و عليه لم يكن هناك التزام استراتيجى لدى الرئيس حسنى مبارك فجمد المشروع فى عهده الى ان اعيد طرحه فى عام 2007 و 2008 و حينما قامت الثورة تعطل المشروع مرة أخرى . اما عن التخوف من اقامة المشروع أكد بانه لابد من قرار استراتيجى بما يعنى حدوث توافق لاستكمال هذا الاتجاه دون تردد بكون التردد سيكلف الدولة آلاف المليارات فحينما نطلع على الوضع داخل ايران و اتخاذها قرار استراتيجى لانشاء محطات نووية دون تردد هذا امر يدعنا اعادة النظر فيما نحن عليه خاصة فى ظل ازمة الطاقة التى نعيشها و مدى احتياجتنا .
هذا و استنكر بشدة د . الصعيدى من يدعى بان اختيار المكان المحدد لاقامة المشروع خطأ بقوله ان هذا يعد جهل بكون المسألة خضعت لدراسات مستفيضة على مدار سنوات و تم مراجعته أكثر من مرة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى جانب خبراء دوليين من دول مختلفة و عليه هذه الادعاءات بمثابة افتراءات ليست مبنية على اسس علمية أو فنية .
نضوب المصادر التقليدية للطاقة
قال الدكتور محمد عزت عبدالعزيز – رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق أن المصادر التقليدية من الطاقة ستنضب ومصر ستواجه تحديات على مستوى الطاقة خاصة بعد انقطاع الكهرباء موضحا أن البرنامج النووى تأخر كثيرا وإن مصر لاتزال متخلفة في مجال تكنولوجيا الطاقة النووية حالياً عن دول أخري مثل الهند رغم أن مصر لديها قاعدة علمية عريضة في هذا المجال تتمثل في ثلاث هيئات نووية وتضم المركز القومي للبحوث وتكنولوجيا الإشعاع والمركز القومي للأمان النووي ومركز المعامل الحارة ثم هيئة المواد النووية المختصة باكتشاف المواد النووية وتوفير الطاقة وقال: إن مصر كانت من أوائل الدول النامية التي بدأت مشروعات الطاقة النووية أوائل الخمسينيات مع الهند كما تعد إحدي الدول المؤسسة للوكالة الدولية للطاقة الذرية وإحدي الدول الموقعة علي معاهدة حظر الانتشار النووي , محذرا من التخلف العلمي وعدم الاستفادة من توقيعنا علي هذه المعاهدة التي تتيح لنا الاستفادة من كافة الإمكانات العلمية السلمية في هذا المجال فى ظل عدم وجود خطة استراتيجية قومية للبحوث والمشروعات وطالب عبدالعزيز بتطوير ورفع مستوي العملية التعليمية وتحسين جودة التعليم والاهتمام بتنمية الموارد البشرية ووضع استراتيجية طويلة المدي للبحث العلمي ، مشيرا الى أن هناك 32دولة فى العالم بها حوالى 450 محطة نووية مطالبا حكومة الببلاوى بضرورة تنفيذ هذا المشروع القومى والتى به سندخل التاريخ .
المشروع سلمى لسد احتياجات مصر من الطاقة
قال د . خليل ياسو – رئيس مجلس ادارة هيئة المحطات النووية ان بعد قرار الرئيس المؤقت باحياء المشروع جارى استكمال الاجراءات التى اتخذت سابقا لاعادة تنفيذه كان اولها المصالحة مع الاهالى و تسليم ارض المشروع للقوات المسلحة على ان يتم تعويضهم بالصورة المرضية علما بانه سبق تعويض الاهالى سابقا خلال عام 1993 بقيمة تقدر بحوالى 11 مليون جنيه و يجرى حاليا دراسة آليات التعويض وفق لدراسة كل حالة على حدى .
أوضح د . ياسو أن مدة تنفيذ مشروع المحطة النووية ستستغرق من 10 الى 15 عاما حتى يمكن تشغيلها و لعل المرحلة الاولى منها فى عام 2029 ستوفر طاقة بحوالى 4 آلاف ميجاوات . كما أن تكلفة المشروع تتراوح ما بين 4 أو 5 مليار دولار و جارى دراسة شروط أوجه التمويل مع الدول المتعاقدة لتنفيذ المشروع فالمقرر انه سيتم التعامل مع الدولة المتعاقدة بحيث يتم السداد بعد تشغيل المشروع و نجاحه من خلال العائد من الكهرباء .
و بسؤاله بشأن اتجاه الدول لغلق مفاعلاتها النووية و من ثم كيف تقدم مصر على هذه الخطوة ذكر ان عملية اغلاق المفاعلات تأخذ تحت ظروف سياسية , و لم يكن هناك سوى ثلاث دول اتخذت هذه السياسات مثل المانيا و سويسرا و ايطاليا و جميعا دول مستوى المعيشى لديها مرتفع بجانب انخفاض معدل النمو فدولة مثل المانيا تقع فى اوربا وسط شبكة كهرباء و من ثم احتياجها للكهرباء ليس بحاجة لوجود محطات نووية فيوم ما يحدث عطل فى الكهرباء أو حدوث عجز ما لم تقم بقطع الكهرباء عن مواطنيها مثلما يحدث لدينا نظرا لوجود شبكة كهرباء متصلة مع بلجيكا و فرنسا و عادة ما تستورد من فرنسا بكونها تعمل بطاقة نووية بنسبة 78 % . و بالتالى فمعدل النمو داخل دول اوربا كالمانيا و فرنسا و بلجيكا و ايطاليا قليلة و بطيئة تصل بنسبة 1 % فى ظل قلة عدد المواليد و عليه احتياجاتهم لعمل مصانع جديدة أو مشروعات جديدة بسيطة قد يعوضونها باستيراد الكهرباء أو بناء محطة لتوليد طاقة من الرياح و من هنا يصعب علينا مقارنة ظروف و طبيعة و احتياجات دولتنا بدول اوربا خاصة و ان معدل النمو لدينا يصل لنسبة 7 % و بالتالى نحن فى امس الحاجة لانشاء 3 محطات نووية تنتج ألف ميجا كل عام , انما نقارن وضعنا مع الصين على سبيل المثال و التى تعمل على انشاء 28 مفاعل نووى ايضا روسيا تنشىء 11 مفاعل و الهند تبنى 9 مفاعلات ايضا انجلترا فتعمل على انشاء مشروع كبير لانشاء محطات نووية كذلك فنلندا و اوكرانيا التى تبنى حاليا محطتين , فضلا عن الامارات العربية رغم ما لديها من غاز و بترول لكن لديها أكبر مشروعين تحت الانشاء . فهذا امر واقع فلسنا أقل من تلك الدول على الاطلاق فى ظل وجود معدل نمو سكانى كبير و بحاجة لتوفير طاقة .
و عن الضمانات لاستخدام المشروع النووى فى اغراض سلمية بصورة لم تعرض مصر لاى عقوبات أكد د . ياسو ان مصر اعلنت لدول العالم سلمية المشروع و ان الغرض منه توليد الكهرباء و تحلية المياه كما ان مصر كدولة موقعة على اتفاقية حظر انتشار الاسلحة النووية الى جانب عقد اتفاقيات مع الهيئة الدولية للطاقة الذرية لسلامة و امن المنشأت النووية لضمان عدم التأثير على اى دولة اخرى فبطبيعة الحال اذا ما حدثت حادثة ستؤثر على العالم باكمله مثل هيروشيما و تشرنوبل و عليه المشروع ينفذ وفق المتطلبات الامنية المطبقة عالميا .
و عن الاثار البيئية و الصحية للمشروع و هل من تقييم للاثر البيئى بشأنه فى ظل معارضة الاهالى داخل المنطقة للمشروع تخوفا من اثاره الجانبية مطالبين بنقله الى منطقة كلابشة بمحافظة اسوان أوضح د . ياسو ان تقييم الاثر البيئى جارى اعداده و لكن لا داعى للتخوف على اعتبار ان المحطات النووية منتشرة فى انحاء العالم وسط الاماكن الاهلة بالسكان كما نرى وجود محطات نووية فى قلب باريس و انتشارها فى اوربا و منها ما هو قائم من منتجعات سياحية حول المحطات النووية و عليه لا ضرر فى هذا و رغم ذلك نصبح أكثر تشددا و جاء التوافق بشأن عدم بناء المحطات داخل المناطق الاهلة بالسكان تحسبا لوقوع اى اضرار ايضا مراعاة البعد عن الانهار مثل الدلتا و نهر النيل و عليه اتخذنا احتياطات أكثر من دول العالم كما اننا كدولة سنعمل على انشاء محطات لا تقل عن المستوى التكنولوجى المطبق بدول العالم .
اما عن مطالبة الاهالى بنقل المشروع لمنطقة اخرى فهذا امر بامكانه حدوث بلبلة اذا ما رضخت الحكومة لمطالب الاهالى لاشاعة القلق تجاه المشروع و تخوف الاهالى المقرر نقل المشروع اليهم و عليه يفترض عدم تعطيل المشروع خاصة و ان عوامل الامان النووى مطبق و عملية اختيار الموقع جاء بناءعلى دراسات عدة اجريت عليه لاستيعاب المشروع من عدمه سواء من الناحية المناخية حيث درجات الحرارة و اتجاهات الرياح و سرعتها ايضا دراسة المياه الجوفية حتى لا نتفاجىء ب ” طفحها ” على المشروع و من ثم تأثيرها على المشروع فضلا عن مسار التبريد من خلال البعد عن الانهار . كما ان مسألة اختيار موقع اخر امر يحتاج على الاقل 3 سنوات لدراسة الموقع بما سيكلف ميزانية الدولة مليارات الدولارات .
الضبعة .. مشروع استثمارى
قال الدكتورإبراهيم العسيرى – مستشار البرنامج النووى المصرى وكبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا إن أى تأخير يكبد مصر خسائر تبلغ 8 مليارات دولار فى السنة الواحدة، وهو مبلغ يوازى تكلفة إنشاء محطتين نوويتين ، مشيرا إلى أن هيئة المحطات النووية ستقوم بإعادة هيكلة البنية الأساسية خاصة برج الأرصاد ومنظومة قياسات التيارات البحرية والمياه الجوفية والزلازل إضافة إلى دراسات التربة ووضع منظومة لتأمين موقع المحطة النووية .
ومن مخاوف عدم الامان النووى أكد العسيرى أن حادثة مفاعل تشيرنوبيل الذي وقع في عام 1986 والتي تعتبر الحادثة النووية الأخطر في تاريخ الطاقة النووية و على اى حال فطبيعة مفاعل تشيرنوبيل يختلف في نواحي كثيرة عن جميع مفاعلات العالم ولا يوجد هذا النوع من المفاعلات إلا في دول الاتحاد السوفيتي سابقا ، وهو مصمم لإنتاج البلوتونيوم لأغراض عسكرية إلي جانب إنتاج الكهرباء وتشير الدراسات والتجارب العملية أنه لو وقعت ذات ظروف حادثة مفاعل تشيرنوبيل في أنواع المفاعلات الأخري ما كانت عواقب الحادثة بحجم عواقب حادثة مفاعل تشيرنوبيل, والدليل علي ذلك أنه قد وقع حادث في الوحدة النووية الثانيــة بمحطة ثـــري مايلز أيلاند النــووية وبعد الدراسات الدقيقة لعواقب الحادثة و بعد أكثر من 27 عاما اصدرت لجنة الأمم المتحدة العلمية المعنية بتأثيرات الإشعاعات النووية في 28 فبراير 2011 التقرير التفصيلي الأدق تحليلا حتي الأن لمستويات التعرض الإشعاعي والعواقب الصحية لحادثة مفاعل تشـرنوبيل , وطبــقا لهـذا التقرير استخلص انه من إجمالي 600 من العاملين بالموقع وقت حدوث الحادثة تعرض 134 لجرعات عالية من الإشعاع وتوفي منهم 28 في الشهور الثلاثة الأولي ثم توفي 19 آخرون في الفترة من 1987 – 2004 لعدة أسباب لم يثبت أنها نتيجة التعرض الإشعاعي النجم عن الحادثة, أما الباقي فقد استغرقت عمليات شفائهم سنوات عديدة نتيجة لتعرض الصغار والكبارالمقيمين في بلاروس وأوكرانيا وأجزاء من روسيا الإتحادية لمواد مشعة من جراء الحادثة وتأثيراتها السرطانية اللاحقة وبالأخص سرطان الغدة الدرقية ، فقد تم تشخيص أكثر من 6000 حالة إصابة سرطان بالغدة الدرقية من المحتمل أن يكون إصابة بعضهم بسبب استنشاق المواد المشعة وتم علاج معظمهم فضلاعن عدم وجود أي دلائل علي تأثر أو تناقص الخصوبة أو عوامل الإنجاب بين الذكور أو الأناث داخل المناطق التي تأثرت بحادثة مفاعل تشيرنوبيل .
أما مأساة فوكوشيما اليابانية أعلنت الحكومة اليابانية تأييدها للبحوث والدراسات التي نشرت عن المعهد القومي الياباني للعلوم الإشعاعية والمتعلقة بحادثة مفاعلات فوكوشيما وقد اثبتت هذه الدراسات أنه لا يوجد آثار صحية سلبية نتيجة الإشعاعات الناجمة عن مفاعلات فوكوشيما من جراء تعرض المنطقة للزلزال والتسونامي في 11 مارس2011 الماضي .
الحل النووى ليس الخيار الانسب
استنكر د . مهندس هشام العجماوى – مستشار وزير البيئة للطاقة سابقا و رئيس الجمعية المصرية للطاقة و البيئة اتجاه مصرتنفيذ مشروع نوورى فى ظل اتجاه الدول لغلق مفاعلاتها النووية بقوله : لا اعتقد ان الاتجاه لانتاج الطاقة النووية هو الحل الاسرع و الاجدى لانهاء الازمة و لنجد دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2009 قامت بتوقيع عقد مع تحالف كيبكو الكوري لتصميم وبناء والمساعدة في تشغيل أربع محطات للطاقة النووية بقدرة 1400 ميجاوات لكل محطة وتبلغ قيمة العقد 20 مليار دولار أمريكي , كما تعاقدت مع ستة شركات عالمية لتوفير الوقود النووي على مدار خمسة عشر عاماً الأولى من عمر تشغيل المحطات وتقدّر قيمة العقود الستة بحوالي ثلاثة مليارات دولار أمريكي , وبحسبة بسيطة نجد أن تكلفة انشاء محطة نووية قدرة 1400 ميجاوات وتكلفة شراء الوقود اللازم لتشغيلها 15 عام هي 5.75 مليار دولار بخلاف القسط السنوي الذي سيتم سداده سنويا لشركات التأمين علي المحطة بالإضافة الي المبلغ الذي سيتم تخصيصه لإغلاق المحطة بعد انتهاء عمرها الإفتراضي . واذا علمنا أن اجمالي القدرة الكهربائية المولدة في مصر منتصف 2012 هي 27 ألف ميجا وات وان الحكومة كما أعلنت ستضيف 2400 ميجا وات سنويا لمواجهة النمو المتزايد في استهلاك الكهرباء والذي يتراوح بين 6 الي 8% سنويا ولمدة العشرة أعوام القادمة ، فانه بحلول عام 2020 سيكون اجمالي القدرة المولدة 45 ألف ميجاوات وبفرض أن المحطة النووية قدرة 1400 و سيبدأ تشغيلها عام 2020 فأنها ستمثل حوالي 3% من اجمالي الطاقة الكهربائية المولدة وهي نسبة مشاركة ضئيلة ومنخفضة للغاية إذا أخذنا في الأعتبار تكلفة انشاؤها وتشغيلها التي لن تقل عن 6 مليار دولار بخلاف تكلفة تأهيل أرض الضبعة وانشاء البنية التحتية اللازمة لها والتي طبقا لتقديرات وزارة الكهرباء بمليارات وهو ما يعني أن الأتجاه لإنتاج الطاقة النووية يمثل عبء شديد علي موارد الدولة حاليا .
و عن معارضته للاستمرار فى انتاج الطاقة النووية بمصر ذكر د . العجماوى الهدف الرئيسي من استخدام أي مصدر لانتاج الطاقة هو أن يكون مصدر طاقة آمن واقتصادي وصديق للبيئة ، ويجمع خبراء البيئة في العالم أن الطاقة النووية هي مصدر غير أمن وليس صديق للبيئة لنفاياتها وانبعاثاتها الإشعاعية الخطرة واحتمالات الكوارث الطبيعية ، ويدللون علي رأيهم بوضع النمسا والدانمرك وايرلندا حيث تمنع اقامة مفاعلات لتوليد الكهرباء بها ايضا سويسرا ستغلق محطاتها النووية الخمسة في 2034 والمانيا ستكهن كافة محطاتها النووية في 2022 الى جانب ايطاليا لم تنشيء اي مفاعل نووي بعد كارثة تشرنوبل في 1986 . فضلا عن بلجيكا وفرنسا تخطط للوقف التدريجي للتوليد النووي حيث تعهد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مؤخرا بالألتزام بنفس الخطوات التي تتبعها الحكومة الألمانية نحو الخفض التدريجي للمحطات النووية حيث سيتم خفض 25% من القدرة الكهربائية المولدة من الطاقة النووية في فرنسا اعتبارا من 2012 حتي 2025 , و اليابان قررت مضاعفة استيرادها من الوقود الحفري لتوليد الكهرباء لتعويض النقص الناتج عن وقف تشغيل كافة محطاتها النووية والبالغ عددها 52 محطة بعد كارثة فوكوشيما في 11 مارس 2011 حيث كانت المفاعلات النووية تنتج 30% من اجمالي الكهرباء المولدة.
وعلي اية حال فان الطاقة النووية تعد أكثر جاذبية حين يصبح الطلب سريع التنامي علي الطاقة كما هو الحال في الهند والصين حيث تكون بدائل مصادر الطاقة نادرة ومكلفة , وفي اليابان وكوريا الجنوبية حيث تكون الأولوية لأمن الإمداد بالطاقة ، كما تكون الطاقة النووية أكثر جاذبية حين يتيسر التمويل في المدي البعيد وحينما تكون المخاطر المالية منخفضة. وكل هذه الأسباب غير متوافرة في حالة مصر فنجد ان المحطة النووية المقترح اقامتها لن تقل تكلفتها عن 4.5 مليون يورو/ م . و . وهو ما يعادل 8 أضعاف تكلفة محطة شمال القاهرة بما يمثل أهدار للمال العام .
و اكد د . العجماوى بان المحطات النووية تعتبر عالية التكلفة بالنسبة للأنشاء ومتوسطة التكلفة فيما يتعلق بالتشغيل مما يجعل الخيار النووي في ظل الظروف الاقتصادية الحالية والتي قد لا تمكن الاقتصاد المصري من تحمل أعباء تمويل إنشاء تلك المحطات أو أعباء تمويل فرق سعر الكيلوات ساعة المنتج ليس الخيار المناسب حاليا في مصر لاسيما أن التنمية المستدامة تنص أحد مبادئها علي ضرورة مراعاة حق الأجيال القادمة في موارد الدولة وعدم استنزافها لخدمة الأجيال الحالية . مؤكدا ان مصر ستعبر الازمة فى ظل ما قام المجلس الأعلى للطاقة بوضع إستراتيجية للوصول بمساهمة الطاقات المتجددة الي 20% من إجمالي الطاقة الكهربائية المستخدمة عام 2007 بحلول عام 2020، وترشيد استهلاك الطاقة بنحو 20% من إجمالي الطاقة الكلية المستخدمة عام 2007 بحلول عام 2022 .
كما أوضح د . هشام العجماوى : ان عملية التأثير البيئى فى حالة حدوث تسرب اشعاعى ما يتوقف على درجة الاشعاع نفسه و خطورته و حجم الحادث , فحسب معدل التسريب اذا ما كان شديد أو متوسط أو محدود لكل منه له تأثيره السلبى و لعل اشدها خطورة تصبح الاضرار ممثلة فى حالات تسمم و حدوث عمليات ابادة كاملة فى محيط الحادث .
اما عن كيفية دفن النفايات النووية فبالطبع هناك تكنولوجيات عالية المستوى تطبق لعمليات الدفن و لكن حتى الان لم تحدد كيفية دفن النفايات بشأن مشروع الضبعة فلازالت فى طى البحث و الدراسة , و من المعروف انه منذ عهد الرئيس السادات كان من المخطط تخصيص موقع بمنطقة العلمين و تحديدا الكيلو 71 لدفن النفايات النووية و كان فى ذلك الوقت جدل حول كيفية الموافقة على دفن نفايات نووية داخل الاراضى المصرية .
و اضاف قائلا ما زال التخلص من المخلفات الإشعاعية قضية شائكة تواجه الصناعات النووية وكان هناك قناعة سابقة بأن هذه القضية قد تم حلها إلا أن تقريراً صادراً عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2007 أظهر أن التخلص عبر الدفن العميق لا يستطيع منع المخلفات الإشعاعية من الوصول إلى التربة ومصادر المياه وتهديد وجود الكائنات الحية على سطح هذا الكوكب. فعادة ما تحتوي النفايات أو المخلفات الإشعاعية على عدة نظائر مشعة , ولهذه النظائر المشعة بنية غير مستقرة ونشاط إشعاعي ناتج عن تفكك نويات الذرات غير المستقرة و عليه خلق إشعاع مؤين يشكل خطراً على الحياة .
و استطرد حديثه د . العجماوى إن الطاقة الإشعاعية الموجودة في المخلفات الإشعاعية تضمحل مع الزمن، ولكل نظير مشع نصف عمر ( الزمن اللازم للنظير المشع ليفقد نصف طاقته الإشعاعية) . و منها على سبيل المثال بعض النظائر المشعة مثل البلوتونيوم 239 الموجود في الوقود النووي الناضب يبقى خطراً على الحياة لمئات الآلاف من السنين نتيجة أن عمر النصف فيه طويل جداً (24110 سنة) بينما يكون عمر النصف لبعض المواد مثل اليود المشع 131 قصيراً (8 أيام) بما يعنى انه كلما زادت سرعة تفكك النظير المشع كلما زاد نشاطه الإشعاعي ، الطاقة المنبثقة ونوع الإشعاع المؤين هما عاملان مهمان في تحديد مدى خطورة المادة والخصائص الكيميائية للمادة تحدد مدى سهولة وقابلية تسربها وانتشارها .
كما ذكر ان من أهم أهداف معالجة المخلفات الإشعاعية هي التخلص أو تدمير النظائر المشعة لمنع ضررها ووقاية البيئة والإنسان ، ويتم ذلك عبر عزل أو تخفيف التركيز أو تدمير المخلفات الناتجة وحتى الآن فإن أكثر هذه الطرق قابلية للتحقيق كان وما يزال الدفن العميق للمخلفات الإشعاعية على اعتبار ان الهدف الأساسي من هذه العملية هو عزل المخلفات الإشعاعية ومنع تسربها للنظام البيئي حتى يزول النشاط الإشعاعي الناتج عنها بأن تتأين كافة العناصر المشعة الموجودة داخلها .