“الأحباء شباب وشبات كنيسة العذراء بالفجالة أفرح معكم وبكم فى هذا المعسكر السنوى والذى نلت بركة الإشتراك معكم خلال السنوات الماضية .. وأفرح بأفكاركم ومحبتكم التى تعبرون عنها من خلال مشروعات قيمة فى تصنيع السراير وإعداد طعام جاف للأسر المحتاجة .. محبتى وتقديرى لكم جميعاً ولكل أباء الكنيسة وشعبها المبارك ”
بهذه الكلمات تحدث قداسة البابا تواضروس الثانى لشباب وشبات كنيسة بالعذراء الفجالة والمشاركين فى معسكر العمل السنوى والذى صادف هذا العام أن يتمم عامه العاشر مكللاً بالنجاح الملحوظ لكل متابع لمسيرة هذا المعسكر الذى يجمع بين الخدمة والبناء الروحى بل الترويج عن النفس لمن اتيحت له المشاركة فى هذا العمل .
عقد معسكر العمل هذا العام بمقر أسقفية الخدمات بأبوتلات لمدة ثلاثة أيام.. كان الهدف منه هذا العام عمل 3 آلاف كرتونة طعام تحتوى على أرز ، مكرونة ، عدس ، فاصوليا ، فول ، زيت ، سمنة ، صلصة ، سكر، شاى ، جبن .. حيث تكفى كل كرتونة أسرة مكونة من أربعة أو خمسة أفراد لمدة شهر تقريباً .
أما الجانب الآخر من العمل فهو تجميع مائة سريرمتكامل ليتم توزيعه على أسر تعيش تحت خط الفقر والإحتياج لا تعرف معنى أن يكون لديها أبسط أشكال الأثاث المنزلى وتعيش فى الغالب فى بيوت غاية فى البدائية .
وقد بادر ما يقرب من 300 من الخدام والخادمات والمخدومين ، ولم يُقتصر الأمر على جيل واحد ، بل جمع المعسكر كعادة كل عام أعمارا مختلفة بما فيها الأطفال الذين كانوا مصدر للبهجة على الجميع ، وقد تضاعف عدد المشاركين من الأطفال فى المعسكر هذا العام . كما أنهم كانوا أول مستقبلى قداسة البابا تواضروس بالورود – فى اليوم الثانى من المعسكر- والكثير منا يعرف مدى حُب قداسة البابا تواضروس للأطفال ، ولذلك استغرق قداسته معهم وقتاً ليس بالقليل فى التسامر معهم قبل أن يتفقد العمل بالمعسكر و يطلع على التطورات التى استجدت فى هذا العام عن العام السابق . حيث أن قداسته يُشارك معنا ويدعمنا منذ بداية فكرة المعسكر .. إذ كان دائم الحرص أن يقضى معنا وقتاً طويلاً – وقت أن كان الأنبا تواضروس أسقف عام البحيرة – قدر استطاعته .
وفى العام السابق كان حاضراً وسطنا فى المعسكر كعادة قداسته وقد تصادف وجوده معنا العام السابق وقت أن كان أحد المرشحين للجلوس على كرسى مارمرقس الرسول وإستكمال مسيرة مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث . أما هذا العام وقد عَلمنا بشكل مُسبق أن المعسكر أصبح برعاية قداسته ، لكن لم نكن مُتأكدين أن قداسته سيشارك بالحضور .. وكانت كل التوقعات ترى أن مشغوليات ومسئوليات قداسته لن تتيح له فرصة الحضور ..لكن قداسته بكل الأبوة التى تملأ قلبه لم يتنحى عن عادته فى مشاركة أبناءه “عذراء الفجالة ” فى معسكرهم السنوى .. وخرج كل المشاركين فى المعسكر – أطفال وشباب .. خدام و خادمات – يستقبلون قداسته مرتلين لحن “إفلوجيمينوس “.
ساعات مباركة قضاها قداسة البابا .. تفقد مراحل العمل بالمعسكر .. أطلع على خط تعبئة “الكراتين “وشارك فى تعبئة كرتونة كاملة حتى مرحلة إغلاقها وأثناء هذا كان قداسته يبدى رأيه وملاحظاته ، وأبدى إعجابه بما راى من تطورات استجدت على مراحل الإعداد والتعبئة .
قبل نهاية زيارة قداسة البابا للمعسكر جلس أمامه كل المشاركين يستمعون إلى كلمة منفعة من قداسته .. تحدث عن السلوك بأمانة ، وفضيلة الشكر .. وتحدث عن سُبل اجتياز الكنيسة لأحزانها بوحدتنا كنسيج واحد فى مصرنا الحبيبة .. وقال : إن الروح الطيبة التى سادت بلادنا بعد ثورة 30 يونيه هى مكسبنا الحقيقة والداعم لتقدم بلادنا .
تميز معسكر هذا العام بالإعداد والتخطيط المسبق الذى جمع بين تقسيم العمل و التخصص و التنويع فى تنفيذ المهام وبين الدقة والجودة فى تشطيب السراير وإعداد الكراتين فى الزمن المحدد .. حيث تم الإستفادة من الخبرات المتراكمة على مدار الأعوام العشرة السابقة فى شتى النواحى بدءاً من شرح أساليب التنفيذ خاصة بالنسبة للأجيال الأحدث التى تشارك فى معسكر العمل للمرة الأولى ، مروراً بتفاصيل الجوانب التنظيمية و استخدام المعدات والأدوات و سيارات نقل السراير والكراتين قبل وبعد تجهيزها ، كذلك توظيف الكثير من التخصصات والمهارات الفردية والجماعية لخدمة العمل جنباً إلى جنب حُسن إدارة الوقت رغم بعض المعوقات التى صادفتنا .
كما أن المناخ الروحى والأسرى ألذى يُغلف أيام المعسكر له أبلغ الأُسر على جميع المشاركين ويُشكل دافعاً قوياً لإنجاز العمل وبذل المزيد من المجهود ودافعاً لإبتكار أفكار جديدة تحسن العمل وتجوده وتنجزه فى وقت أقل ، فأنغام الترانيم وسماع العظات المُعزية أثناء العمل فى المعسكر تترك أثراً ايجابياً على إنتاج المعسكر والذى لم يخل من روح المرح والمداعبة بين الكبير والصغير وبين الخادم و المخدوم .. فكان دستور المعسكر: خدمة ،التزام ، عمل جماعى.
وعندما تحدثت مع أحد الخدام الذين نمت لديهم فكرة معسكر لعمل سراير للفقراء مُبكراً قال لى :بدأت الفكرة عام 2003 عن طريق حوار بينى وبين أحد خدام كنيسة “مارمرقس” بالمعادى ،وكانوا يقوموا بعمل معسكر عمل لتجميع السراير على مستوى خدمة ثانوى ، أعجبتنى الفكرة وطرحتها على خدام إجتماع الشباب ، فأعجبتهم وكان أول معسكر لتجميع حوالى 25 سرير . وبالإستفصار عن أى عقبات واجهت مسيرة المعسكر على مدار العشر سنوات الماضية ، فأوضح قائلاً : “لا أستطيع أن أقول أن هناك عقبات واجهت معسكر العمل على مدار ال10 سنوات بل بالعكس دائماً نرى يد الله ممدودة لهذا المعسكر ، خاصة إننا فى كل عام نستهدف عمل سراير أكثر من السراير وصناديق الطعامالمعد بها ، وفى كل مرة نرى مشاركة أكثر من شعب الكنيسة ومن آخرين أرادوا المشاركة فى دعم هذه الخدمة ، وبفرح حقيقى . أما عن المستقبل فلدينا طموحات كثيرة لهذه الخدمة ، فبالفعل أصبح هناك يوم عمل شهرى لسد احتياجات حوالى800 أسرة من الطعام ، ونتمنى أن نستطيع زيادة هذا العدد ، وأيضاً زيادة عدد السراير التى يتم تجميعها سنوياً ، وأن نستطيع أن نقوم بهذا العمل بشكل شهرى لمساعدة الأسر الفقيرة فى أن تحصل على أبسط شيء وهو “السرير” .
وبسئوال القس “فيلوباتير سمير” – راعى كنيسة العذراء بالفجالة – عن إنطباعاته عن معسكر العمل قال : إنه فكرة لتجميع الشباب حول عمل خاص يتعلق بالإحساس بالغير ، مُتمثلين بالآية التى تقول :
” بما أنكم فعلتموهُ بأحد إخواتى هؤلاء الأصاغر ، فبى فعلتم” (متى 25:40 ) ، فأهم ما يٌميز معسكر العمل أنه ينبع من القلب وليس لأى أهداف أخرى ، وأعطى الموضوع ثقل اهتمام قداسة البابا تواضروس الخاص جداً ، بالحضور لمباركة هذا العمل المُتواضع .
و مِن مَن اقتربوا من قداسة البابا تواضروس الثانى و لمس خدمته لأخوة الرب المستشار “أمير رمزى ” : إن البابا تواضروس كان خادما ًمن الدرجة الأولى سواء فى دمنهور أو البحيره أو فى الخمس مدن الغربية وقت أن كان أسقفاً عاماً للبحيره،وعُرف عنه حُبه الشديد لخدمته للفقراء والمحتاجين ،بالإضافة لرعايته للطفولة . كما كان يتميز البابا تواضروس وقت اسقفيته للبحيره بقدرته على توظيف الإمكانيات والطاقات وكافة الخبرات لخدمة الفقراء والمحتاجين .. ويتسم قداسته بصفات طيبة كثيرة منها البساطة والتحدث بلباقة شديدة ..وهذه كلها تعينه على أداء خدمته ومنها خدمة أخوة الرب والذين ليس لهم مُعين ، فقداسته رجل يجيد التنظيم والإدارة ،ويستطيع تحديد أهدافه فى الخدمة بشكل جيد،كما أنه صاحب فكر عميق ،فهو يستطيع الاستفادة من كل الطاقات والخبرات الضخمة المتاحة فى مواجهة المصاعب والمشاكل التى تواجه الخدمة ،ومنها خدمة الفقراء والمُعوزين الذين ليس لهم من يعولهم .مُشيراً إلى الأثر الهائل لتشجيعه لمن يخدمون أخوة الرب من كل مكان ، مثلما يحدث مع خدمة “مُعسكر العمل” التى تقوم بها كنيسة السيدة العذراء بالفجالة وبمشاركة قداسته .واستطرد المستشار أمير رمزى قائلاً : فما تتمتع به خدمة الفجالة رائع ،حيث لديها من الإمكانيات والطاقات و الخبرات الشبابية للخدمة فى هذا المجال .ومن هنا نتمنى أن تتسع خدمة المناطق الفقيرة والمحرومة ،خاصة فى صعيد مصر ..فهذة الفئة علينا أن نهتم بها ، و العمل على مُساعدتهم .
وقال مينا فايز الخادم بكنيسة السيدة العذراء بالفجالة وأحد المشاركين فى مُعسكر العمل عندما تحدثت معه العام السابق: لقد كان قداسة البابا تواضروس الثانى دائم الحديث عن فضيلة الأحساس بالآخر. إذ كان يقول : يجب علينا أن يضع كل واحد فينا مكان الفقير والمحتاج ،لمحاولة الشعور بما يشعر به وقت فقره واحتياجه .وأشار مينا إلى قصة بسيطة سمعها من قداسته ذات مرة فى معسكر العمل مُفادها أن الأنبا تواضروس كان فى مؤتمر لأخوة الرب ،وعندما تم اختيارالطفلة المثالية للمؤتمر ، سألها ٌقداسته :ايه أفضل شىء عَجبكِ فى المؤتمر؟ فرَدت قائلة : النوم على السريرهو أفضل شىء عجبنى يا سيدنا . وكان يعتبرالأنبا تواضروس الأطفال هم أفضل شىء للمستقبل ، ونحن نعرف جميعاً مدى اهتمام قداسته بالطفولة مُعتبرها حسب تعبيره “بذرة بكره”. كما قال فى المعسكر رقم 9 : أكثر شىء عجبنى تزايد عدد الأطفال بينكم فهؤلاء يتعلمون العطاء والعمل من أجل المُحتاجين دون دروس ومواعظ وإنما بالتعود والمُمارسة التلقائية . وهذا أفضل تعليم منذ الصغر.