بعد حياة حافلة بالروحانيات و الصلوات و الخدمة و البذل و المحبة، رقد فى الرب القمص يوسف عبده راعى كنيسة السيدة العذراء مريم المرعشلى بالزمالك، أمس السبت 23 نوفمبر 2013، عن عمر يناهز 87 عاماً..
القمص يوسف عبده ولد فى 10 نوفمبر عام 1926 في مدينة كفر الزيات -غربية ثم ذهب مع العائلة إلي طنطا وحصل علي التوجيهية -الثانوية العامة- ووقتها رحل والده وأصبح المسئول عن أسرته, حيث كان الولد الوحيد لأمه مع أربع شقيقات, وفضلت والدته الانتقال إلي الإسكندرية لتوفر له ولشقيقاته فرصة التعليم الجامعي, والتحق بجامعة فاروق الأول -الإسكندرية- بكلية الآداب وبعد تخرجه تقدم للعمل بوزارة المعارف -التربية والتعليم حاليا- فعين بمدرسة طنطا الثانوية لمدة أربع سنوات, و نقل بعدها إلي الإسكندرية ، ثم إلي القاهرة, وركزت خدمته في المدرسة الفكرية لخدمة الكنيسة بالجيزة, وجذبته الخدمة فقدم استقالته من التربية والتعليم للتفرغ للخدمة فكان خادما مكرسا بالجيزة.. بعد ذلك جاءته منحة للسفر إلي أمريكا لإعداد الماجستير ووقتها تزوج من أجل رسامته كاهنا بالإسكندرية وتم ترشيحه أيضا لبور فؤاد وسوهاج ولكن الله لم يشأ وقتها وسافر لأمريكا.
و كانت العناية الالهية ترشحه كاهنا لعذراء المرعشلي، فكان مجلس الكنيسة قرر برئاسة المستشار إسكندر بك قصبجي وقتها أنها لن تدشن وتقام بها الصلاة إلا بعد الانتهاء من المباني بالكامل, وبعد الانتهاء من البناء بـ6أشهر كان موعد عودته – القمص يوسف- من الولايات المتحدة الأمريكية , إذ قرر مجلس الكنيسة ترشيحه لقداسة البابا المتنيح الأنبا كيرلس السادس, وعندما ذهبوا له في مقره قال لهم: تعالوا يا أولادي عندي لكم واحد كويس فانزعجوا وخشوا أن يكون هناك كاهنا آخر مرشحا ولكن قداسته استطرد وقال لهم: واحد اسمه يوسف عبده فقالوا: إحنا جايين عشانه, وتمت الرسامة بيد المتنيح الأنبا أثناسيوس الكبير مطران بني سويف في 23 أكتوبر 1960..
و خدم القمص يوسف عبده 53 عاماً فى خدمة الكهنوت عاشها بالبذل و المحبة، كقول الرب “الراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف”.. فقد بذل من وقته و جهده الكثير و الكثير لخدمة الاخرين كوصية السيد المسيح لبطرس “ارعى خرافى.. ارعى خرافى”، عاش فى غربته حياة الحب فعاش محباً للجميع فأحبه الجميع، و تحامل فى أيام غربته الاخيرة على آلامه بالصبر و الرجاء و الشكر مواظباً على تقديم الذبيحة على مذبح كنيسته، و خدمة شعبه بابتسامته الابوية كلماته العذبة و ترحابه الكريم .. و اليوم الاحد 24 نوفمبر ودعت كنيسة السيدة العذراء مريم بالمرعشلى بالزمالك راعيها الامين .. شيخ الكهنة .. القمص يوسف عبده، بحضور أصحاب النيافة الاجلاء الانبا موسى أسقف عام الشباب، الانبا يوأنس أسقف عام الخدمات العام و الاجتماعية، الانبا بافلوس أسقف اليونان، القمص يوحنا منصور وكيل عام مطرانية الجيزة بالنيابة عن نيافة الانبا ثيئودوسيوس أسقف وسط الجيزة، كما بعث نيافة الانبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس و المشرف على كنيسة المرعشلى رسالة تعزية لكهنة و ابناء القمص يوسف عبده، و ذلك لتواجد نيافته حالياً باستراليا، كما شارك فى صلوات الجناز لفيف من اباء كهنة كنائس القاهرة…
و فى كلمة عزاء تحدث فيها نيافة الابنا موسى أسقف عام الشباب فقال: أننى أتذكر القمص يوسف عبده منذ ان كان خادماً.. فتعرفت عليه من خلال مؤتمر كنا نعقده بنادى الشباب القبطى بأسيوط، و جاء الدكتور يوسف – القمص يوسف عبده- ليلقى كلمة روحية و منذ ذلك الوقت اصبحنا اصدقاء طوال نصف قرن، فنحن اليوم ياأحبائى أمام قائد و شخصية غير عادية، فخدم كاهناً طوال 53 عاماً فكم من أجيال و أحفاد تربوا على يده و من تعاليمه ..
و أضاف نيافة النبا موسى قائلاً: القمص يوسف ياأحبائى كان قائداً رائعاً و برغم أنه شخصية حازمة جداً الا انك ترى فيه نهراً يفيض بالحنان الابوى، كان منظم للغاية فعلم شعبه النظام و الحكمة لانه جمع بين العلم و الدين، و دراسة ابونا يوسف بالخارج جعلته نموذج رائعاً للكاهن المتطور و كان حبه لا يتوقف لكنيسته فقط و مساعدة ابنائها بل امتدت خدمته للجميع و لكل الطوائف المختلفة فكان محب و حقاً أحبه الجميع، أبونا يوسف كان يحترم كهنوته جداً و قيادات الكنيسة رغم أن كثير منهم ابناءه فكان متميز و متواضع برغم خبرته.. مضيفاً ان القمص يوسف عبده أحب الفقراء و احب التعامل مع الجميع و كان عادلاً لا يعرف ان يعامل أحد أفضل من أحد كان ينظر للجميع بعين الخدمة..
و فى نهاية صلاة الجناز تحدثنا مع اباء و شعب الكنيسة عن راعيهم الامين .. القمص يوسف عبده..
● ديفيد نيبل خادم باجتماع جامعة قال: “أبونا يوسف كان حريص جداً أنه يكون مع الشباب و متابع جيد لأجتماعنا، و لم يشعرنا يوماً اننا على خطأ بل كان يقدم لنا النصح و الارشاد بطريقة غير مباشرة مما يجعلنا نتقبل الامور السليمة، و أبونا حريص كل الحرص على تقدم الخدمة بكل ادوات التكنولوجيا و ان نكون دائماً مع لغة العصر، فكان برغم كبر سنه الا انه كان يتعامل معنا بروح الشباب و قلب الشباب و فكرنا…”
● القس بولا أخنوخ مرقس قال: “أبونا يوسف هو مربياً لاجيال كثيرة، فكان معلماً بالكلية الاكليريكية، كان قوياً فى عظاته، واسع المعلومات، شجرة روحية عظيمة اشبعت الجميع، كان لديه فضيلة الافتقاد فكان يقف دائماً عند باب الكنيسة ليصافح كل ابناء الراعية و عندما يعرف ان ابناً له مريض أو تغييب عن حضور القداسات يسرع لزيارته و السؤال عنه و الصلاة من أجله.. عندما نقف أمام أبونا يوسف نشعر بالنشاط فى الخدمة، فكان منظماً و يجمع بين الحزم و رقة المشاعر..”
● أشرف حشمت بطرس شماس بالكنيسة قال:”أبونا يوسف محب للجميع، و برغم تعبه الايام الاخيرة الا انه كان يصلى و يعظ بقوة عالماً ان ساعته قد اقتربت، و أتذكر أخر قداس ترأسه قدسه طالبت منه ان يستريح بعض الوقت بين القراءات الا انه كان دائماً يقف امام المذبح بروحانية عجيبة.. و يتميز أبونا يوسف انه يحفظ كل اسماء ابناء الكنيسة فنشعر بالحق اننا اولاده و هو ابونا، فهو كان دائماً يعامل اطفالنا بقلب طفل، و يعامل شبابنا بقلب شاب، و شيوخنا بالحكمة و التدبير.. فحقاً كان شخصية عظيمة سوف نفتقده و لكن عزاءنا انه الان يتشفع لنا فى السماء…”
● شنودة بديع من زوار الكنيسة قال: “أنا أصلى كل أحد بكنيسة و اليوم كان عليا أن اذهب لكنيسة المرعشلى و لكنى فوجأت بهذا الخبر المؤلم، فأنا منذ شهرين كنت أصلى هنا و تقابلت مع أبونا يوسف و أعطنى البركة، و جلس يصلى من أجلى فشعرت بمحبته و أنه يعطى وقته كله من أجل الشعب حتى أن كانوا ليسوا من شعب الكنيسة”
● مارى سمعان قالت و هى تبكى بشدة:”أبونا يوسف كان صاحب قلب كبير يحب الكل و دائم الصلاة، كانت أعماله تسبق أقواله و تعاليمه.. اتسمت شخصيته بالروحانية البسيطة بقوة الحب و الحزم و الوداعة و الشجاعة.. كان يعرف يستخدم كل فضيلة فى الوقت المناسب بها، كان مرشدا روحيا لكثيرين.. و برغم انه كان يخدم بكنيسة بحى راقى الا انه كان عطاء و كان يعطى بكثرة للمناطق الفقيرة المجاورة للزمالك..”
و نحن نتابع موقع التواصل الاجتماعى “الفيس بوك”، وجدنا ابناء الكنيسة من مختلف الاجيال يودعون أبيهم و راعيهم الموقر شيخ الكهنة و معلمهم و مرشدهم القمص يوسف عبده..
● فريدة حنا تقول: أبينا المحبوب أنت حجر زاوية في كنيستنا، سنفتقدك و كل جيلنا فنحن عرفناك يا أبى الكاهن الاول في الزمالك!، يا أبونا يوسف وداعاً أيها الرجل العظيم و الحكيم و أنا حزينة جدا لعدم مشاركتى فى وداعك لكونى خارج مصر..
● شيرين نخله تقول: أبونا أنت زوجت والدى و والدتى، و عمدتنى، و زوجتنى، و عمدت اطفالى.. كنت تعيش لنا دائماً و تقدم لنا المشورة و النصح و الارشاد من الروح القدس، فاسترح يا ابى فى فردوس النعيم..
● هدى مرزوق تقول: جيلنا كله لا يقدر ان ينسى أبدا يا أبونا يوسف كيف وصلت لنا جميعا بتواضعك و محبتك…
● روؤف مالك يقول: بالحقيقة .. أبونا يوسف كان متقدماً فى فكره قبل ما كان المجتمع يتقدم…