الوثيقة الأهم فى كواليس وقرارات الحرب وقائد سلاح الجو
“لقد كانت حرب أكتوبر 1973 محكا للتجربة ومحكا للقدرة… على التخطيط… وعلى القتال.. ولقد كتب الله لنا النصر من عنده… وسجلناه بدمائنا… وأرواحنا.
ولقد كان دور القوات الجوية في هذه الحرب بارزا، فلعبت أروع أدوارها على التاريخ كله، وضرب طياروها وضباطها وجنودها وكل رجالها أروع الأمثلة في التضحية
والبطولة والفداء.
ولقد كان لي شرف قيادتها خلال المعارك وقبلها وبعدها، ما زادني فخرا بقيادتهم، وإن كان لنا أن نسجل أعمالهم للتاريخ، فإن بطون الكتب أحفظ لأعمالهم، وستبقى هذه الأعمال
فخرا للأجيال القادمة.
غير أن أسرار حرب أكتوبر.. ستظل محلا لدراسات مكثفة على المستويات العسكرية والسياسية والشعبية، وإن كانت هذه إحداها فالأمل أن تتلوها آخريات.
ولا تزال آمال أمتنا معلقة بقواتها المسلحة، حتى تستكمل النصر تحت قيادة الرئيس باعث الشرارة الرئيس محمد أنور السادات… والله ولي التوفيق.”
محمد حسني مبارك نائب رئيس الجمهورية هكذا سجل حسنى مبارك ذكريات وأسرار حرب اكتوبر 1973 وكتب المقدمة بخط يده حيث كان قائدا لسلا الجو
قصة المذكرات
أوضحت مذكرات مبارك، أن الدكتور رشاد رشدى قد اعتذر للسادات عن كتابة مذكرات مبارك في الحرب لأنه كتب “البحث عن الذات” الكتاب الخاص بالراحل السادات.خوفا منه أن يكرر ذات الأسلوب فى الكتابة ،لذلك رشح الكاتب والدرامى محمد الشتاوى الذى كان حاصلا على ماجستير علم النفس وله العديد من السهرات الدرامية فجلس مع مبارك عشرات المرات لتسجيل كواليس حرب أكتوبر وسلاح الجو
وأظهرت المذكرات ، أن مبارك قد كتبها في صورة “مبارزة” مع “مردخاى هود ” 1967، وحلل أسباب هزيمة مصر في يونيو، وأنهى المذكرات بإعلان انتصاره على “مردخاي هود”رئيس القوات الجوية الإسرائيلية أثناء حرب يونيو 67.
كما كشفت المذكرات عن قصة الفنانة الشابة التي حقق معها “مبارك” بعد حفل ساهر في القوات المسلحة قبل هزيمة يونيو وما قالته للمحقق عن أخطاء قائد قاعدة بني سويف الجوية دون أن تعرف أنه نفسه “حسني مبارك”.
ووصف “مبارك” حرب الاستنزاف كانت بـ “الجامعة” التي التحق بها الضباط المصريون قبل نصر أكتوبر الكبير، قائلا: “حرب الاستنزاف كانت جامعة التحقنا بها قبل النصر الكبير، وكان ضروريًا أن يواجه الطيار المصري عدوه الإسرائيلي في الجو ليتعرف عليه قبل معركة الثأر، فالهزيمة ليست قدرًا والنصر لم يكن صدفة”.
وأكد مبارك أن “الضربة الجوية” لم تكن معجزة او أسطورة.لأن المقاتل المصرى بامكانه تحقيق هذه وأكبر منها اذا أتيحت عوامل النجاح
وقد كشف الكاتب الصحفي عبدالله كمال، عن كواليس الكتاب الذي تم نشره مؤخرا تحت اسم “كلمة السر”،عن دار نهضة مصر والذي يعيد من خلاله كتابة مذكرات الرئيس الأسبق
حسني مبارك في الفترة ما بين “1978-1973” المقبل .
وقال كمال إن الكتاب أملاه وسجل الوقائع وحرر النسخة الأصلية المرحوم الإعلامي “محمد الشناوي”، وإنه بعد أن أطلع على النص قام بتحريره وكتابة مقدمة تحليلية له بجانب
دمج بعض الفصول وتغيير نظام الأبواب التي كانت بالكتاب، وجعل الكتابة أكثر ملاءمة للعصر الحالي، حيث إن اللغة الأصلية التي كُتب بها كانت لغة تناسب فترة السبعينات،
مؤكدا سعيه الحفاظ على روح النص المكتوبة بخط الكاتب الشناوي.
وتابع أنه من المؤكد أن الكتاب تم مراجعته من قبل الرئيس الأسبق مبارك، مرة عام 1978 لبعض الصفحات، والمرة الأخرى في الأيام الماضية من خلال الأستاذ فريد الديب، والذي
أطلع مبارك عليها وعلى كافة التفاصيل وأضاف قائلا: إن المعلومات وصلت إليه في بداية 2013، وأرسل رؤيته لـ”مبارك” من
خلال بعض الأصدقاء ولكن باءت المحاولات بالفشل، حيث لم يوضحوا الرؤية بشكل جيد لمبارك أو عدم إطلاعه على المضمون بطريقة جيدة، ولكن المحامي الديب وضح الأمر
بشكل جيد وبالتالي تذكر مبارك النص ووافق عليه.
وقد أعرب عبد الله كمال على تقديره للمرحوم الكاتب محمد الشناوي على الجهد المبذول في تحرير المذكرات وكيفية الكتابة الي خرجت بها حيث تمت بلغة طيبة ومناسبة للعصر
آنذاك، وتتضمن روح ورؤية صاحب المذكرات وأكد كمال، أن الكتاب الذي سيتم نشره لاحقا يختلف كثيرا عن مذكرات مبارك التي تم
نشرها مؤخرا، كما أكد أن كتاب “كلمة السر” يختلف عن كتابه الخاص به “الفرعون قبل الأخير” الذي يرصد فيه كيف ولماذا انتهى عصر مبارك.
من جانبه، قال حازم الشناوي، نجل الكاتب الصحفي محمد الشناوي، أن الرئيس الراحل أنور السادات كلف أباه أن يجلس في جلسات مكثفة مع مبارك الذي كان
يشغل حينها منصب نائب رئيس الجمهورية لرصد ما حدث خلال الفترة ما بين “1978 -1973″، وبالفعل عقدت الجلسات ولمدة ست شهور متتالية ولكن توفي السادات وأصبح
مبارك الرئيس، فلم تكن الظروف حينها تسمح لخروج مثل هذه الوثائق.
وتابع قائلا “لفترة طويلة لم يكن أحد يعلم شيئا عن هذه الوثيقة والصدفة، هي التى جمعتني مع الكاتب عبد الله كمال، والذي تحمس للفكرة الكتاب، وبعد ذلك تم الوصول إلى مبارك
الذي قرر الموافقة على نشر هذه الوثيقة”.
وأضاف “هناك ظروف عديدة منعت خروج الكتاب بعد الانتهاء منه وهي تولي مبارك للحكم حينها، وحتى بعد خروجه من الحكم لم يكن الوقت مناسبا حتى لا يتصور البعض
إن الكتاب بمثابة الإشادة به على الرغم من إن ما في الكتاب ليس له علاقة بفترة حكمه”.
وختم قائلا “الكتاب سيكشف العديد من تفاصيل الحرب، وكيف كانت الأوضاع آنذاك في وقت لم تعرف العديد من الأجيال ماذا حدث، ولذلك أتمنى من القراء عدم إصدار أي
أحكام عن الكتاب وما جاء به قبل إصداره”.
مذكرات سلاح وليس مذكرات شخص
والقارئ لهذا الكتاب، يدرك حقيقة هامة جدا وهى إن مبارك كان حريصا أن يكتب مذكرات “سلاح” وليس مذكرات “شخص” فلم يكتبها بمنطق “قابلت وجالست”، بل يرصد فيها كيف تم تطوير القوات الجوية
من هزيمة 1967 وحتى نصر أكتوبر 1973 وتتضمن رؤية إستراتيجية وتفصيلية لم تذكر قبل ذلك في أي من مذكرات مبارك، حيث يرصد الصراع بينه وبين قائد سلاح الجو
الإسرائيلي الذي تسبب في هزيمة مصر 1967، فمبارك في مذكراته يستخدم منطق المواجهة والمناقشة لتفكير قائد سلاح الجو الإسرائيلي، ويصل مبارك بمذكراته إلى مرحلة
التأكيد على الابتكار المصري في تحقيق نصر أكتوبر، إلى جانب تحليل أسباب الهزيمة ورصد عملية البناء في حرب الاستنزاف.
أن مبارك لم يذكر نفسه كثيرا في الكتاب سوى في أماكن محددة، وهي حين ذكر تعرض بني سويف ومطار الأقصر للقصف عقب الهزيمة، وعندما كان هو رئيس لجنة تحقق في
حفل ساهر نُظم في أحد المناطق العسكرية، وعندما تعلق دوره بعملية الخداع الإستراتيجي في إعلان موعد حرب أكتوبر والإعلان عن رحلة له إلى ليبيا، وبخلاف ذلك تحدث
مبارك عن عمليات التدريب وإعادة بناء القوات الجوية والفكر العسكري.
حقيقة أن مبارك في هذا الكتاب لا يريد صنع مجد له بل يريد إضافة مجد للقوات الجوية،
معجزة المقاتل المصرى
وتواصل المذكرات الحكى عن معجزات المقاتلين المصريين، نافية عنهم تهم العجز
والتقصير وقلة الحيلة، تؤكد أن ما يملكونه من قوة إيمان وعزيمة وإصرار على نصرة بلادنا أقوى من كل أسلحة العالم، وأن ما يمنحونه لبلادنا من عزة ليس وليد الصدفة على الإطلاق. فيحكى عن بطولة شاءت الأقدار أن يكون بطلها يوم الثانى عشر من أكتوبر، هذا «النجيب» الذى لا تأتى المذكرات على اسمه بالكامل، فيقول مبارك: «فى نهاية الأسبوع الأول من حرب رمضان المجيدة، يوم الجمعة الثانى عشر من أكتوبر، اكتشفت قوات الاستطلاع المصرية، ظهور «قول» إمداد إسرائيلى، يتقدم إلى جبهة القتال، حاملا شحنة من صواريخ «س/س 1» الرهيبة، لتدعيم قوات العدو. وعلى الفور صدرت الأوامر لأحد تشكيلاتنا الجوية، بالإقلاع لمهاجمة «قول» الصواريخ الإسرائيلى، وتدميره قبل أن يصل إلى جبهة القتال، وشاء القدر أن يكون التشكيل الجديد، هو نفسه التشكيل الذى يقوده الطيار المقاتل «نجيب». كرر التشكيل نفس العملية بنفس الخطوات تقريباً.فى معجزة سابقة . تدمير «القول» المعادى بضربه بالقنابل والصواريخ، ثم قصف البقية الباقية منه بالمدافع لتدميرها وإحباط محاولتها اليائسة للإفلات بحمولتها الرهيبة. وفى اللحظة التى يفرغ فيها التشكيل المصرى من تحقيق مهمته الهجومية على الوجه الأكمل يفاجأ بظهور تشكيل جوى معادٍ، يعترضه بعد أن فرغت ذخيرته تماماً، بلا أدنى تردد وبحسم أكثر، وبإصرار يستمد من نجاح التجربة الأولى يأخذ الطيار «نجيب» نفس القرار، ويأمر بمهاجمة التشكيل الإسرائيلى، وتصيد طائراته، والإمساك بها من الذيل. ومرة ثانية، يتمكن الفزع من قلوب الطيارين الإسرائيليين، ويسرعون بالهرب، نجاة بأنفسهم وبطائراتهم الجيدة التسليح، من فوهات المدافع المصرية التى كانت خالية تماماً من كل ذخيرة. ويعود المقاتل «نجيب» هو وتشكيله، سالماً إلى قاعدته الجوية
مساحة من الاختلاف
من حقك ان تختلف معه سياسيا ما شئت، حاكمه على فترة حكمه التي انتهت بمؤامرة أو بجزاء عادل كما تحب، ولكن لا تنسى أن التاريخ لا يسجل احداثه بشكل انتقائي متحيز، بل يسرد في صفحات أيامه التي يسجلها يوما بيوم وساعة بساعة وموقف بموقف، بطولات و هزائم، اخفاقات ونجاحات، خير وشر…فالتاريخ يعلم أنه يوثق مسار بشرية لها ما لها وعليها ما عليها. ومن هنا كان قرار نهضة مصر بنشر مذكرات اللواء طيار محمد حسني مبارك،
التي يوثق من خلالها حقيقة ما تعرضت له القوات الجوية المصرية في نكسة يونيو عام 1967، وكيف أعادت بناء نفسها لتكون رأس الحربة في نصر السادس من اكتوبر بعد ذلك بسبع سنوات في عام 1973. لا تلمح في
المذكرات شخصية مبارك الانسان، ولكن تلمح شخصية الضابط العسكري الذي يحلل هزيمته في يونيو 67 فيحمل قادته المسئولية، ويحلل خطة العدو الاسرائيلي مؤكداً أنها لا تحمل أي ابداع عسكري بل تعتمد على سلاح متطور
وحسب. ولا يمل من التأكيد على تميز العنصر البشري المصري شعبا وجيشاً…مذكرات كتبت في نهاية السبعينيات، وشاءت الأقدار الا تظهر إلا اليوم.