نظم المكتب الإعلامي للأمم المتحدة بالقاهرة أمس 12 سبتمبر مؤتمر لإطلاق التقرير السنوي لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” عن التجارة والتنمية لعام 2013،
نظم المكتب الإعلامي للأمم المتحدة بالقاهرة أمس 12 سبتمبر مؤتمر لإطلاق التقرير السنوي لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” عن التجارة والتنمية لعام 2013، وحمل التقرير عنوان جانبي هو “التكيف مع ديناميات الاقتصاد العالمي المتغيرة” وقام بتقديمه دكتور جودة عبد الخالق المفكر الاقتصادي ووزير التضامن الاجتماعي الأسبق ومحمود الخفيف منسق المساعدات للشعب الفلسطيني شعبة استراتيجيات العولمة والتنمية
ويذهب التقرير إلى أن النظام المالي في معظم البلدان المتقدمة والنامية لا يوجه الائتمانات توجها كافيا نحو الاستثمار الإنتاجي في القطاع الحقيقي، ويشير إلى إنه من الضروري إجراء إصلاحات على المستويين المحلي والعالمي لا من أجل تعزيز الاقتصاد المالي والاقتصادي فحسب، بل أيضا لضمان توجيه ما يكفي من تمويل الاستثمار نحو الأنشطة الإنتاجية ومساعدة البلدان النامية على مواجهة التحديات الإنمائية الجديدة التي نشأت في بيئة ما بعد الأزمة والتي اندلعت في العام 2008. كما يلاحظ إن دعم الاستثمار الإنتاجي يتطلب توجيه أكبر من التمويل الطويل الأجل نحو الصناعة والزراعة والخدمات والبنية التحتية. ويفيد التقرير إن الائتمانات سواء حاليا أو خلال السنوات التي أفضت إلى اندلاع الأزمة المالية- ظلت في معظم الأحيان توجه نحو الاستهلاك ونحو فقاعات الأستثمار في قطاعات مثل قطاع العقارات و ليس لقطاعات الابتكار والإنتاج.
وأوضح التقرير إن الاقتصاديات النامية والانتقالية يمكن أن تعوض عما ينتج من نقص في النمو وذلك باعتماد سياسات اقتصادية كلية مضادة للتقلبات الدورية لفترة من الوقت، ولكن سيتعين على واضعي السياسات على المدى الأطول إعادة النظر في استراتيجيات التنمية التي تعتمد اعتمادا مفرطا على الصادرات، ويقترح التقرير بدلا من ذلك أن تشدد استراتيجيات التنمية تشديدا اكبر على دور الأجور والقطاع العام في عملية التنمية.
وقال دكتور محمود الخفيف إن بعد أزمة العام 2008 حدثت ضعف في الصادرات من الدول المتقدمة فأصبحت الدول النامية هي قاطرة الاقتصاد العالمي، وقد تراجع إنتاج الدول المتقدمة من إجمالي الإنتاج العالمي من 80% في العام 1990 إلى 60% ف العام 2012. وأضاف: “نستنتج من ذلك إنه لا يمكن العودة إلى سياسات ما قبل 2008 فشركاءنا في حالة إعادة هيكلة اقتصادية وبالتالي العودة إليهم قد تكون غير متاحة.” مشيرا إلى أن أزمة السياحة في مصر جزء منها اعتماد السياحة المصرية على السائح الأوروبي الذي قد لا يأتي.
“ وأكد خفيف لوطني في تعليق له على فكرة التوجه نحو أسواق جديدة بديلة عن الأسواق الأوروبية: “يجب أن نقوم بدور حيوي في هذا الأمر، ويجب استخدام هذه الأسواق سواء لإمدادنا بالموارد وأدوات الإنتاج أو تسويق منتجاتنا، وهناك بدائل كثيرة مطروحة مثل مجموعة البريكس والتي تضم البرازيل والصين والهند وجنوب إفريقيا وروسيا، أو الكوميسا والتي تعتبر مصر عضوة بها بالفعل، لكن يجب أن نفعل هذه العضوية.” وأكد أن الاتحاد الإفريقي يعتبر حلا للخروج من تلك الأزمة مؤكدا إن إفريقيا هي البعد السياسي والاستراتيجي لمصر بالإضافة إلى أنها سوق في منتهى الضخامة من الممكن أن تستفيد منه مصر بالإضافة إلى كونه سوق قد يتناسب مع قدراتنا الإنتاجية حاليا.
ومن جانب آخر أشار إلى أن البدائل الاقتصادية المطروحة للخروج من الأزمة هو الاعتماد بشكل اكبر على الطلب المحلي والطلب الأسري لأنهم يمثلان جزء كبير من الاقتصاد المصري وزيادة الطلب في هذين الشقين سيزيد من الإنتاج ومن ثم زيادة الاستثمارات، أما الاعتماد على التصدير فقد يكون غير مواتي للفترة القادمة نظرا للضعف الاقتصادي العالمي وضعف الاتحاد الأوروبي شركائنا الأساسيين ولهذا يجب الاعتماد على التمويل المحلي والحد من تقلبات تدفقات رؤوس الأموال، كما يجب أن يكون للبنك المركزي دور مهم وأساسي في وضع سياسات إنمائية وليس فقط لمحاربة التضخم.
أما دكتور جودة فألمح إلى أن الدول النامية والآخذة في التحول تواجه هشاشة مستمرة رغم أداءها الأفضل لأنها لا تضع قواعد اللعبة بل تتبع القواعد الموضوعة مسبقا، كما تطرق إلى أهمية الانتباه إلى خطورة اعتماد دول العالم على السوق المحلية حيث سيؤثر ذلك على حركة نقل البضائع ومن ثم ستتأثر عائدات قناة السويس. وأوضح إن التوصية الرئيسية في التقرير في تقديره هي موازنة قوى النمو الداخلية والخارجية، المحركات الداخلية مثل الاستثمار والادخار المحلي، أما القوى الخارجية فهي القروض والمساعدات والاستثمار الأجنبي. وأضاف: “وإذا نظرنا للوضع في مصر سنجد إن القوى الخارجية تطغى على القوى الداخلية في محددات النمو، فيجب أن ننتهز هذه الفرصة ونعمل على هذا التوازن من خلال زيادة الاستهلاك والاستثمار المحلي من خلال زيادة الطلب المحلي عن طريق الإنفاق العام والسعي لمزيد من التكامل الإقليمي من خلال زيادة التبادل التجاري بين دول الجنوب جنوب بدلا من التبادل بين دول الجنوب ودول الشمال، وسياسة صناعية داعمة للاستثمار والاستهلاك المحلي.”
وتطرق دكتور جودة إلى زيادة الاستهلاك المحلي ملمحا إن الميل الحدي للاستهلاك (نسبة ما ينفقه شخص من كل زيادة في أجره) لدى أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة أعلى منها لدى الأغنياء حيث يصل الميل الحدي للاستهلاك لدى الفقراء ومتوسطي الدخول 70% وأحيانا إلى 100% إن لم يكن أعلى، بينما يصل لدى الأغنياء إلى 40% فقط، وهذا يؤدي بنا إلى وجوب اتخاذ إجراءات وتدابير لإعادة توزيع الدخل والثروة لصالح الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وذلك ليصب في اتجاه زيادة الطلب الكلي.