ثمانية أعوام تتم اليوم على ذكرى محرقة مسرح قصر ثقافة بنى سويف والذى راح ضحيته خمسون شهيداً من المسرحيين والأدباء والمثقفين .. وذلك دون أن نشعر ودون أن نتذكر .
ثمانية أعوام تتم اليوم على ذكرى محرقة مسرح قصر ثقافة بنى سويف والذى راح ضحيته خمسون شهيداً من المسرحيين والأدباء والمثقفين .. وذلك دون أن نشعر ودون أن نتذكر .
إن آخر ما ينتظره المبدعون الهواة مصر هو أن يتقاضوا بعضاً من الأجر مقابل حفاظهم على ما تبقى لمصر من بقايا هويتها الثقافية والإبداعيه .. فهم ينفقون أموالهم ووقتهم فى ذلك عن طيب خاطر .. ولكنهم فى المقابل لا يتوقعون الموت بدون أدنى ذنب إقترفوه .
كان هذا بالضبط ماحدث فى تلك الليلة القاتمة .. ذلك حين سقطت شمعة على إحدى ستائر المسرح وأضرمت النيران فيها ثم مالبثت تلك النيران أن إجتاحت كل شئ أمامها من أجساد الضحايا فى غرفة غير مؤمنة وغير مؤهلة لإستضافة مهرجان للعروض المسرحية ولا تصلح للإستهلاك الآدمى .
كل ذلك كان من الممكن أن يتم تفاديه إن كانت هناك سيارة إطفاء وسيارة إسعاف واحدة فقط لا غير .. ولكن فقط لإننا فى مصر فإن سيارات الإسعاف لا تصل إلا بعد ساعة على الأقل .. وهى لم تسعف أحداً فى ذلك اليوم .
لم يكن نظام مبارك الغاشم ليكتفى بقصف الأقلام وقمع المبدعين والفنانيين فقط .. بل أشرف أيضاً على دماءهم الزكية الطاهره بالإهمال والإزدراء والنظرة المتعاليه .
ومن العبث أيضاً أن ذلك كان فى عهد فاروق حسنى وزير الثقافة الذى لم يتزعزع قيد أنملة عن منصبه حتى قيام ثورة يناير المجيدة التى أطاحت بهذا النظام بلا رجعه .
هل ذهب أحدكم يوماً إلى قصر ثقافة الفيوم ؟
من ذهب إلى هذا المكان فى آخر ثمانية أعوام يعى تماماً أن هذا المكان ممتلئ بالأشباح .. إنها ليست أشباح بما تحمله الكلمة من معنى فى الأساطير والخرافات .. ولكننى أعنى تلك الذكريات المؤلمة التى لدى كل من أمضى عمره فى هذا المكان الذى قدم بمفرده واحد وعشرين شهيداً وأربع مصابين .. كل رواد هذا المكان لديهم من فقدوه من أب وأخ وصديق وربما أستاذ وقدوة يحتذى بها .. ربما كلهم يبكون الآن فى ذكرى “صلاح حامد” الذى كان بمثابة الأب الروحى لكل مثقفى الفيوم .. الجيل الحالى من ممثلى المسرح فى الفيوم جميعهم خرجوا من عباءة هذا الرجل .. ربما لن يتذكره أحد بعد برهة إلا هؤلاء الشباب المكلوم الذى تمر الذكرى الثامنة أمامهم كأنها كانت بالأمس .
واليوم بعد أن مر كل هذا الوقت .. نحن لم نتعلم من الصفعة ولم نمنح هؤلاء الشهداء التقدير والإحترام الذى يستحقوه .. ولم نعط إهتماماً لمن بقى على قيد الحياه .. لابد أننا فى إنتظار صفعات أخرى حتى نعى أن لدينا مهمشون فى هذا المجتمع .