أكد الأنبا بطرس فهيم أسقف المنيا للأقباط الكاثوليك أن الهجمات التي تعرض لها المسيحيون بالمنيا ممنهجة ومعدة مسبقا, مشيرا إلي أنه إذا أحرقت الكنائس فالدين لن يحرق ولن تحرق وطنيتنا والكنائس سوف تبني واليوم منازل المسيحيين جميعها تحولت لكنائس والكل يصلي انطلاقا من قاعدة الإيمان بأن الكنيسة بداخلنا ونحن سوف نصلي في أي مكان, مؤكدا في حواره لـوطني أننا ندفع ضريبة من أجل أن تعيش بلادنا في عهد جديد.
– المنيا تحتاج إمدادات أمنية لتجفيف منابع التطرف والإرهاب
– نحن في مرحلة التوثيق لخسائر المسيحيين ثم نبدأ حوارا مع الدولة للبناء
– قرية دلجا بدير مواس في خطر.. والأمن يعقد اجتماعا خاصا بها
* هل كنت تتوقع هذه الاعتداءات بهذا الحجم؟
** ما حدث كان متوقعا لأن هذا التيار الذي سقط بإرادة الشعب كان لديه أحلام طويلة للحكم والتمكن من مفاصل الدولة ولديهم مشروع طويل للسيطرة علي الحكم وفجأة بإرادة شعبية كبيرة تم إسقاطهم فكان متوقعا أن يكون رد فعلهم عنيفا, ولكن العنف كان أكبر من المتوقع أن تحدث هذه الهجمات المنظمة في وقت واحد وبهذه الطريقة ولذا للأسف الكثير من الأقباط مرعوبون لأن هناك خطة ممنهجة لضرب أكثر من موقع في وقت واحد وإمكانيات الشرطة لم تسمح برد هذه المواجهات لاسيما أن المنيا معروفة بتواجد مكثف للتيارات الإسلامية المتشددة وفي الفترة الأخيرة قيادات إسلامية وهي أكثر محافظة وقع بها خسائر وبعدها الفيوم واستهداف العنف للمدارس والجمعيات.
* ما حجم الخسائر بمباني الكنيسة الكاثوليكية بالمنيا؟
** الكنيسة الكاثوليكية, لدينا خسائر في قرية دلجا بدير مواس بالكنيسة وسكن الراعي ومبني الخدمات حيث تم تدميرهم, وفي ملوي كنيسة ومدرسة الراعي الصالح وسكن الراعي وفي مدينة المنيا مدرسة الراعي الصالح أيضا بوسط المنيا وتعرضت للنهب والسرقة يوم الأربعاء الماضي فضلا عن حرق في جمعية الجيزويت والفرير وحرق مدرسة راهبات القديس يوسف وسقوط سقف بمبني كامل بالمدرسة ومدرسة الآباء اليسوعيين.
* هل تري هذا الهجوم منظما أم عشوائيا أن يحدث في توقيت واحد؟
** الإنسان البسيط لا يمكن أن يفكر بهذه الطريقة الممنهجة لأن ما حدث وقع بشكل مخطط مثل ما حدث في 28 يناير أن تضرب السجون وأقسام الشرطة.. وكانت التهديدات مباشرة من قيادات الإسلاميين الشرعية أو الفوضي ولذا بعد أن أصبحوا خارج السلطة قاموا بعملية انتقامية وعادة الأقليات تدفع الثمن في أي صراع, ولكن الانتقام هذه المرة كان بشكل مفزع يظهر في مدي حجم الخسائر وتدمير مواسير المياه وسحب أسلاك الكهرباء من الجدران وتدمير المدارس وحضانات الأطفال.
* كيف يعيش الأقباط هذه الفترة بعد هذه الهجمات؟
** الأزمة أن هناك فوضي بالمنيا وبدأت بجماعات متأسلمة ثم استغل الأمر البلطجية والمرتزقة وبدأت عمليات خطف الأقباط وفرض إتاوات والاستيلاء علي منازل الأقباط مثل قرية دلجا لكن رغم هذا فالأقباط متماسكون وأصروا علي الصلاة بالكنائس المحترقة في رسالة لتأكيد أننا لا نخاف شيئا, فنحن سوف نصلي مهما حدث ونصلي وسط النيران والدخان, فهذه الأحداث دفعت الأقباط للإقبال علي الكنائس بعدد كبير.. وهناك بعض المسلمين العقلاء الذين أقاموا سلسلة بشرية لحماية الكنائس.
* كيف تري استخدام ورقة الأقباط في هذا الصراع ومحاولة تشويه الثورة بأنها صراع ديني؟
** للأسف خلط الدين بالسياسة أمر مفسد للحياة ويسعي للتأثير علي البسطاء والقضية لا تتعلق بالإسلام أو الدين ولكن هي أطماع في السلطة ولا يوجد تهديد للإسلام كما يروج البعض, وعندما خرج الدستور بالمادة الثانية لم يعترض أحد ولكن عندما شعر الإخوان بسقوطهم وعدم قدرتهم علي العمل السياسي بدأ استغلال ورقة الدين لكسب تعاطف البسطاء وهي نفس الأمور التي عاشتها الكنيسة في أوربا في القرون الوسطي ولم تنجح أوربا في التقدم إلا بعد فصل الدين عن السياسة حتي وصل للكذب والخداع واستخدام دور العبادة مثل إشاعة أن المسيحيين يهدمون مسجدا, ولكن هذا الأمر لن يطول كثيرا رغم استغلال العاطفة والنجاح في التأثير علي البسطاء.
* كيف تعاملت نيافتك مع الأحداث يوم الأربعاء واستغاثات الأقباط؟
** كنت ثابتا متمسكا بوجود الله في كافة الأزمات والله علمنا ألا نخاف شيئا, وإحساسي بالمسئولية وكوني رئيس طائفة بالمنيا فكان يجب مواجهة الأمور بثقة ولذا حاولنا تشجيع الأقباط وتهدئتهم والتأكيد أن المسيحية طوال التاريخ تواجه مثل هذه الأحداث, وكنت أستقبل ما تتعرض له المدارس والكنائس وكنا نحاول الاستغاثة بالجهات الأمنية وطالبنا المسيحيين بعدم الرد ورفضنا أن يذهب الأقباط للتصدي للعنف لأن حياة أبنائنا أغلي من أي شيء, ولذا فالمسيحيون لم يعطوا فرصة للمتشددين لتحويل البلد إلي بحيرة دماء.. وقداسة البابا تواضروس وغبطة البطريرك الأنبا إبراهيم وكافة الطوائف أكدوا أن الكنائس فداء مصر وإذا حرقت الكنائس فالمسيح لن يحرق ولن تحرق وطنيتنا والكنائس سوف تبني واليوم منازل المسيحيين جميعها تحولت لكنائس والكل يصلي انطلاقا من قاعدة الإيمان, نحن سوف نصلي في أي مكان, فنحن اليوم ندفع ضريبة من أجل أن تعيش بلدنا في عهد جديد, والألم الذي تعيشه مصر سوف يخرج بمصر جديدة حتي لو أخذ الأمر بعض الوقت, لكن الأصعب قد مر وسوف تظل بعض المناوشات والاعتداءات خلال الأيام المقبلة ولكن اليوم حجم التيار المتشدد بدأ في الانخفاض وقلت مسيراتهم, ولكن هذه الأمور تتوقف علي الحكومة في نجاحها في القبض علي القيادات ويجب النظر إلي الأجيال التي تحت القيادات حتي يتم السيطرة علي الأوضاع.
* كيف تري التعامل الأمني الآن مع الأحداث بالمنيا؟
** الأمن مازال غير مرتب نتجية وقوع أحداث كثيرة في وقت واحد والقوات الموجودة محدودة العدد وهم أنفسهم مهددون بعد ما حدث لضباط شرطة في أقسام كثيرة من قتل ولكن المنيا تحتاج إلي إمدادات كثيرة لاسيما في مراكز المحافظات التي دمرت فيها أقسام ونقاط الشرطة.
أما قرية دلجا وهي الأخطر الآن فكان هناك لقاء خاص للقيادات الأمنية من أجل دلجا نتيجة احتشاد الإسلاميين بها وتحتاج خطة لتجفيف منابع التطرف في القرية التي بدأ اعتصام المتشددين فيها وتهديد متواصل للأقباط.
* لماذا لم يضع الأمن خطة محكمة قبل فض الاعتصام؟
** الأمن كان متوقعا أن يحدث عنفا لاسيما أن هناك تهديدا وهناك أسلحة كثيرة دخلت البلاد ولكن لا نعلم لماذا لم يحدث انتشار قوي بالمحافظات لاسيما أن الجيش لم ينتشر بشكل مكثف, ولكن أعتقد أن الأمر مدروس ولم يتم الدفع بالجيش وترك الشرطة لأن أنظار المجتمع الدولي كانت متجهة لمصر وربما انتشار الجيش بالمحافظات والاشتباك مع الإخوان كان سيصور بأنه دعم للانقلاب العسكري ولذا كانت الشرطة هي التي تواجه هذا العنف وقدمت الكثير من أبنائها شهداء في مواجهة هذا العنف والإرهاب التي نجحت في إحكام السيطرة لحد ما بالقاهرة فتحول العنف إلي المحافظات في إطار خطة معدة مسبقا من تيارات الإخوان ولذا فعدم تدخل الجيش في البداية يعود للضغوط الدولية علي مصر ومحاولة وصف ما حدث بأنه انقلاب.
* كيف تري الموقف الدولي وتجاهل الاعتداءات علي الأقباط؟
** هذا يعود لسببين لم نستطع تسويق ما يحدث في مصر بطريقة احترافية في الإعلام الذي فشل في هذا التسويق أمام التسويق الذي قام به الإخوان وأعتقد أن أدوات العمل الإعلامي لم تكن كافية لتوضيح ثورة 30 يونية وتوضيح اعتصام رابعة أنه خرج عن الإطار السلمي وأصبح اعتصاما مسلحا فكان يجب توضيح هذه الصورة التي بدأت تتضح مؤخرا, وأمريكا وتركيا أنفسها تعاملت من قبل مع اعتصامات بهذه الطريقة ولكن الدولة المصرية تحملت كثيرا وأعطت فرصا كثيرة لإنهاء الأمر ولكن الرئيس والإخوان لم يلتفتوا إلي أي من الأمور ورفض دعوة الانتخابات الرئاسية المبكرة فمنطق الصندوق ليس أمرا مقدسا لأن الديموقراطية هي إرادة الشعب والجيش لم يقف متفرجا أمام الملايين التي قررت الرحيل ونفذ إرادة الشعب بعد أن أعطي أكثر من فرصة للوصول إلي حل.
والنقطة الثانية فالمجتمع الغربي يعمل من أجل مصالحه, وفهمه للديموقراطية مختلف لأنهم غير قادرين علي رؤية الصورة داخل مصر فالذي حدث بمصر ظاهرة جديدة لأن من خرج بصناديق الانتخاب دفع البلاد للتدمير والانهيار, مما دفع لخروج ما يزيد علي 30 مليونا لرفض هذا الاختيار لأن الانتظار 4 سنوات كان سيدفع البلاد لكارثة ولذا وصلت الشرعية في جمع 22 مليون توقيع لإسقاط النظام.
* البعض يري أنه كان علي الفاتيكان دور في صد هجمات الدول الغربية علي مصر؟
** الفاتيكان يعمل سياسة الروحانية والبابا عبر في أكثر من مناسبة الصلاة لمصر والسلام ومصلحة البلاد ولكن البابا ليس لديه أدوات ضغط علي الدول الخارجية والبابا دائما يدعو لنبذ العنف ويميل للحوار, ولكن حدود تأثيره أقل مما نتوقع لأن البابا لن يسحب علي سبيل المثال سفراء ولكن ونحن في أكثر من مناسبة مع مستشار السفارة في مصر ننقل الصورة الحقيقية ونطلب منه نقل الصورة للعالم وكان من ضمن الأشياء التي كان يجب فعلها أن الرئيس مرسي أرسل 26 سفيرا قبل 30 يونية وبالتالي كان يجب تغيير هؤلاء السفراء لأهم يتحدثون بلسان مرسي وبالتالي فكان يجب بعد تصحيح مسار الثورة أن يتم تغيير السفراء الذين لم يعبروا عن منطق الثورة.
كيف تصف الموقف الدولي تجاه ما يحدث لمصر الآن؟
** ما حدث بمصر يعارض مصالح بعض الدول الخارجية لذا تتمسك بوقف مضاد لمصر ونحن لدينا محوران مثل تركيا وقطر وأمريكا وهي تقف موقفا مضادا ومحور آخر مثل السعودية والإمارات وروسيا ولذا نجد أن الموقف بدأ يتغير مع حالة الاستقرار النسبي وغيرت الكثير من الدول موقفها تجاه ما يحدث بمصر لاسيما بعد مشاهدة عنف الإخوان, والسعودية فعلت وقامت بموقف تاريخي لن ينسي لها في صد هجمات الغرب ويتبقي موقف أمريكا التي أنفقت الكثير من المال علي الإخوان وبالتالي فإدارة أوباما أصبحت مسئولة عن فشل مشروع كانت تنوي إقامته بالشرق الأوسط عن طريق الإخوان ولذا فهي تشن هجوما علي مصر ولكن المظاهرات التي قام بها المصريون بالخارج ويجب أن تستمر كشفت أمورا كثيرة للرأي العام الأمريكي نحو إدارة أوباما.
* ماذا عن مرحلة بناء ما دمر من كنائس ومنشآت؟
** نحن الآن نقوم بالتوثيق لكل ما تعرضت له الكنائس والمباني من الخسائر ثم بعد ذلك تأتي مرحلة التنسيق مع الكنائس الأخري ونحن نقوم بتجميع هذه الملفات مع رصد الأماكن المهددة وتكوين رؤية عامة سوف نقدمها لغبطة البطريرك ونري ماذا تفعل الدولة المصرية وماذا عن موقف وزارة التعليم بالنسبة للمدارس التي دمرت ونحن علي مقربة من العام الدراسي, وماذا عن مصير الطلاب في هذه المدارس فهذه أمور لم يتم حسمها بعد, وإذا كان الجيش أقر ببناء الكنائس متي سيبدأ وماذا عن مناطق المتشددين؟ ولذا فالأهم من هذا بناء النفوس وعودة الثقة والأمن للمواطنين, وصد البلطجية والمتطرفين الذين يفرضون إتاوات علي المواطنين ولذا فبناء مصر أمر ومطلب أساسي والحل الأمني هو مطلب للاستقرار.
* ماذا عن تعويض المواطنين؟
** نحن نطلب من جميع الضحايا الحصر وتقديم مذكرة ونحن نعلم أن الدولة لن تعوض هؤلاء ولكن يجب أن يكون هناك مساهمة لاسيما أن الدولة تمر بأزمة اقتصادية ولذا يأتي دور الجهود الشعبية ورجال الأعمال وأصحاب الخير لتعويض هؤلاء الضحايا التي دمرت أعمالهم وأن تصل هذه الموارد بعدالة لمستحقيه بالتنسيق مع الكنائس والمحافظة.
ماذا عن مستقبل المسيحيين في ظل تزايد الاحتقان؟
** سوف يعيش المسيحيون أفضل من أي فترة لأن مصر تمر بمرحلة تاريخية مهمة ومصر تولد من جديد ولذا نحن نتألم في طريق مرحلة العلاج ثم الشفاء لإنتاج حياة جديدة ونحن نثق في دستور ديموقراطي للبلاد يقوم علي المواطنة ولن نقبل أي مواد تنتقص من حق أي مواطن في مصر, والمسيحيون يريدون مصر أفضل.