أمسيات وأغانى وإنشاد دينى أجمل ما يميز ليالى رمضان فى رحاب مسجد الحسينى.. والمكان الوحيد الذي نشعر فيه برمضان في مصر. ليس من المصريين فقط.. لا بل الدول العربية جميعا حريصين على أنهم يحضروا إلى مصر في تلك الأيام المباركة..
يعتبر هذا المسجد من اقدم مساجد القاهرة ويقع بالقرب من منطقة خان الخليل الشهيرة في حي الحسين بجوار الجامع الازهر.
بنى المشهد الحسينى فى عهد الخليفة “الظافر بأمر الله” سنة 1154م تحت إشراف الوزير “الصالح طلائع”. وسمي بالمشهد الحسينى، وتعنى كلمة مشهد المكان الذي يدفن فيه الشهيد لاعتقاد البعض بوجود رأس الإمام “الحسين بن على بن أبي طالب” مدفونًا به، إذ تحكي بعض الروايات أنه مع بداية الحروب الصليبية خاف حاكم مصر الخليفة الفاطمي على الرأس الشريف من الأذى الذي قد يلحق بها في مكانها الأول في مدينة عسقلان بفلسطين، فأرسل يطلب قدوم الرأس إلى مصر وحمل الرأس الشريف إلى مصر ودفن في مكانه الحالي وأقيم المسجد عليه.
وذكر كتاب “مساجد مصر وأولياؤها الصالحون” للدكتورة سعاد ماهر، فى سنة 1242 تعرض المشهد الحسينى لحريق وكان سبب هذا الحريق كما يرويه المقريزى وأبو المحاسن “إن خزان الشمع دخل ليأخذ شيئاً فسقطت منه شعلة، فتدخل الأمير “جمال الدين” نائب الملك “الصالح نجم الدين أيوب” بنفسه لإطفاء الحريق، وقام بالترميم بعد هذا الحريق القاضى “عبد الرحيم البيسانى” ووسعه وألحق به ساقية وميضأة.
وفى العصر المملوكى سنة 1264م. ضم مسجداً بجانب باب مشهد الحسين. وفى عهد الملك “الناصر محمد ابن قلاوون” أمر بتوسيع المسجد وذلك ببناء إيوان وبيوت للفقهاء العلوية وكان ذلك عام 1286م.
وكذلك في العصر العثمانى أمر السلطان “سليمان خان” بتوسيع المسجد وذلك لما رآه من الإقبال العظيم من المصلين والزائرين، ولما تولى الخديوي “إسماعيل” سنة 1863م ، أمر بتجديد المسجد وتوسيعه وبدأ الترميم فيه سنة 1864م وانتهى سنة 1873م فيما عدا المئذنة التى كمل بناؤها سنة 1878م.
وبعد ثورة 23 يوليه 1952م، أمر مجلس قيادة الثورة بتوسيع المسجد بعدما وجد زحام شديد من الزوار ولم يتسع للناس، وزاد مساحته حتى وصل 3340 مترا مربعاً، بعد أن كانت مساحته 1500 متراً مربعاً، وبدأت هذه التجديدات سنة 1959م وانتهت سنة 1963 وبلغت جملة تكاليفها 83 ألف جنيه.
وصف المسجد:
المسجد الحسيني مبنى بالحجر الأحمر على الطراز الغوطى، بينما بنيت منارته على نمط المآذن العثمانية – فهى أسطوانية الشكل ولها دورتان وتنتهى بمخروط. ويضم المسجد 3 أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، باب بالواجهة الغربية وباب بالواجهة القبلية وآخر بالواجهة البحرية يؤدى إلى صحن به مكان الوضوء، وباباً آخر بجوار القبة ويعرف بالباب الأخضر الذى يقع شرق الواجهة القبلية للمسجد.
أما المئذنة المقامة فوق الباب الأخضر – فيدل من كتابة تاريخية على لوحة مثبته أسفلها وكما ذكر د. عبد الرحمن ذكى فى “موسوعة مدينة القاهرة” – بنيت سنة 1237م فى أواخر العصر الأيوبى ولم يبقى منها سوى قاعدتها المربعة أما ما يعلوها فقد جدده الأمير “عبد الرحمن كتخدا” كما جدد القبة المقامة على ضريح الحسين سنة 1861م.
ويشتمل المسجد على خمسة صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية ومحرابه في جهة القبلة من الخردة الدقيقة التى اتخذت قطعها الصغيرة من القيشانى الملون بدلا من الرخام وهو مصنوع سنة 1886م. وبجانبه منبر من الخشب، يجاوره بابان يؤديان إلى القبة وثالث يؤدى إلى حجرة المخلفات التى بنيت سنة 1893م – حيث أودعت فيها المقتنيات النبوية الهامة.
أما ضريح الحسين الذي يوجد أسفله رأس الإمام الحسين، مبني من الحجر ومغطي بالفضة وعليه نقوش
وتعلو هذا الضريح أكبر نجفة بالعالم العربي مكتوب عليها أسماء الله الحسنى.
مقتنيات ثمينة:
وداخل المسجد – حسب موسوعة “مساجد مصر” الصادرة من وزارة الأوقاف سنة 1948، أكبر نجفة في العالم العربي والتي يصل وزنها إلى خمسة أطنان من الكريستال المحلى بالذهب الخالص وقوائمه من الفضة الخالصة.
ويحتوي المسجد على الكثير من المقتنيات الهامة فى الحجرة النبوية داخل المسجد، منها سيف رسول الله محمد (ص) ويسمى “العضب والقاطع” وكان هذا السيف من ضمن 7 سيوف مهداة إلى رسول الله. وكذلك قطعة من قميص رسول الله محمد (ص) وهو من الكتان المصري.. أهدته إليه زوجته السيدة “ماريا القبطية”. وأيضا يوجد أربع شعيرات من شعرات رسول الله محمد (ص).. ولقد ذكر لنا التاريخ بأن الصحابة كانوا يتهافتون على شعيرات رسول الله عند حلق لحيته وذلك للتبرك بهن.
ويوجد قطعة من عصا رسول الله محمد (ص) والتي حملها عندما فتح مكة وهدم أصنام المشركين. ومن ضمن المقتنيات مكحلة الرسول (وهي تشبه ملعقة الشاي) والمرود والتي كان يستخدمهن الرسول لوضع مسحوق حجر المسد (الموجود في الحجاز) لتكحيل عيونه لا لأجل التجميل بل للوقاية من الأوبئة.
وأيضا يوجد مصحف الخليفة عثمان بن عفان وهو من ضمن 7 وقيل 4 من مصاحف كتبها الخليفة عثمان بن عفان وكان نصيب مصر هذا المصحف الذى يزن 80 كيلوجرام أما عدد صفحاته فهو 1087 صفحة وارتفاعه يبلغ 40 سم وعدد اسطره 12 سطر وكتب هذا المصحف بحبر دم الغزال وقيل المسك وبخط مكي يعود إلى القرن الهجري الاول, وكما هو معلوم بأن أحرفه كتبت قبل التنقيط (أي وضع الحركات) وأن هناك فواصل بين السور وهي عبارة عن رسومات نباتية متعددة الألوان..
ومن المقتنيات أيضا بعض من كسوة الكعبة التي كانت تبعثها مصر إلى الحجاز والتي كانت ترسل على المحامل وكانت الكسوة الجديدة تبعث ويأتي بالقديمة لتوزع على المساجد فى مصر للتبرك بها.
ومن أهم ما عثر عليه فى المشهد الحسينى تابوت خشبى جميل وجد فى حجرة أسفل المقصورة النحاسية وسط القبة يتوصل إليها من فتحتين صغيرتين بالأرضية.
وفي سنة 1939م – أمر الملك “فاروق الأول” بإصلاح أرضية القبة وفرشها بالرخام. فانتهزت إدارة حفظ الآثار العربية هذه الفرصة للتحقق من وجود هذا التابوت ولما وجدته وعاينته، رفعته من مكانه وأصلحته وتم نقله إلى دار الآثار العربية ليعرض بها. ولهذا التابوت ثلاثة جوانب وهو مصنوع من خشب التك المستورد من جزر الهند الشرقية وقد قسمت وجهته وجانباه إلى مستطيلات يحيط بها ويفصلها بعضها عن بعض إطارات محفورة بالخطين الكوفى والنسخ المزخرفين وتجمعت هذه المستطيلات على هيئة أشكال هندسية بداخلها حشوات مزدانة بزخارف نباتية دقيقة تنوعت أشكالهاوأوضاعها.
نسب وحياة الإمام الحسين..
الحسين هو الحسين بن على بن أبى طالب حفيد النبى محمد(عليه الصلاة والسلام)
ولد فى السنة الرابعة من الهجرة فى المدينة و نشأ فى بيت النبوة
وبعد أن أوهمه أهل الكوفة أنهم بايعوه للخلافة بدلا من “يزيد بن معاوية” سار إلى” الكوفة” وعند “كربلاء” هاجمه جنود “عبد الله بن زياد” وقتلوه هو وأهله و قطعوا رأسه يوم عاشوراء عام 61 هـ .
واختلفت الآراء حول مكانها و قيل أن رأس الحسين تم دفنها فى ضريح الحسين بالقاهرة بعد إحضارها من عسقلان سنة 1154 ميلادية وهناك ست مدن ذكر أن رأس الحسين مقبور بها وهي:
“دمشق – الرقة – عسقلان – القاهرة- كربلاء – المدينة
مولد سيدنا الحسين:
أما مولد الحسين فيعد من المناسبات التي ينتظرها الكثيرون، حيث تتحول ساحة المسجد والميدان الذي يطل عليه إلى مهرجان عظيم، يكتظ بحلقات الذكر والإنشاد الديني وقراءة القرآن.. وهو يجتذب الزائرين والمريدين من جميع أنحاء مصر والعالم العربي .