اختتم مؤتمر أصدقاء سورية في اسطنبول باستقالة معاذ الخطيب، الذي لا يملك كتلة وازنة في “الائتلاف”، بدأ حملة “فايسبوكية” قبيل الاجتماع الإسطنبولي بأيام ضد الأخوان المسلمين وقطر والفضائيات الموالية لهما
اختتم مؤتمر أصدقاء سورية في اسطنبول باستقالة معاذ الخطيب، الذي لا يملك كتلة وازنة في “الائتلاف”، بدأ حملة “فايسبوكية” قبيل الاجتماع الإسطنبولي بأيام ضد الأخوان المسلمين وقطر والفضائيات الموالية لهما.
كتب محمد بلوط في صحيفة السفير اللبنانية عن اجتماع مخيب للآمال لوزراء خارجية 11 دولة من “أصدقاء الشعب السوري” في اسطنبول، قدمت فيه المعارضة السورية كل التعهدات المطلوبة لقاء الحصول على أسلحة لـ”الجيش الحر” وتشكيل “تحالف للدول المقتدرة” يعمل على توجيه “ضربات جراحية للمواقع (التابعة للنظام) التي ثبت إطلاق صواريخ منها عن طريق طائرات من دون طيار. والعمل على فرض حظر طيران وحماية على الحدود الشمالية والجنوبية لضمان عودة وسلامة اللاجئين السوريين”، فحصلت من المجتمعين على مدّها “بمعدات غير قاتلة” وحثّها على التفاوض مع النظام.
وطالب جون كيري وزير الخارجية الأمريكي بقبول المعارضة الجلوس على طاولة تفاوض في إطار اتفاقات جنيف مع تهديد النظام بأنها فرصته الأخيرة. ولو رفضها فإن الأصدقاء سيزيدون عندئذ من مساعدتهم للمعارضة، وهو ما يطيل من عمر الحرب بنظر زعيم الائتلاف، ويترك سوريا عرضة للتدمير المنهجي المتواصل اجتماعيا وعمرانيا على السواء.
وظهر موقف أمريكي مسبق يرفض تسليح المعارضة، وهو ما بينته قبل أسبوع تقييمات قدمت لمسؤولين عسكريين وسياسيين في الكونجرس. واكتفى كيري بتوفير 100 مليون دولار سبق أن قدمها بـ123 مليون إضافية استثنى منها كل ما هو “فتاك” .
وبدا معاذ الخطيب زعيم “الائتلاف” وحيدا أكثر من أي اجتماع سبق. وقال في رسالة داخلية مقتضبة إلى أعضاء “الائتلاف” إنه كان ينوي وضع استقالته، الموضوعة أصلا على الطاولة، واعتبارها نهائية بعد مغادرته اسطنبول إلى القاهرة، ولكن “احدهم قام بتسريب الخبر، لذا فأنا أؤكد لكم إنني مستقيل نهائيا، ولكن أبقى عضوا في الائتلاف ممثلا لمحافظة دمشق”، من دون أن يشرح الأسباب التي دفعته مجددا إلى اعتبار استقالته نهائية. لكنه نفى “إرسال رسالة استقالة الكترونية إلى قيادة الائتلاف، فقد كانت هيئة الرئاسة ووزراء عدة دول موجودين في عشاء ما بعد الاجتماع عندما أبلغتهم استقالتي ورفضت الطعام لأن الشاشة كانت مملوءة بالدم”.
ومن الواضح أن الخلاف مع القطريين وجماعة الأخوان المسلمين الذين فرضوا عليه غسان هيتو “رئيسا للحكومة المؤقتة” وهيمنتهم على “الائتلاف”، قد دفع بخطيب الجامع الأموي السابق إلى الخروج من موقع أصبح فيه مجرد غطاء، يستنزف شرعيته الوطنية وشعبيته في الشارع السوري للتغطية على سلسلة من القرارات تساعد على تمكين “الاخوان” من الهيمنة على مؤسسات المعارضة السورية برعاية قطرية وتركية.
وكان الخطيب، الذي لا يملك كتلة وازنة في “الائتلاف”، قد بدأ حملة “فايسبوكية” قبيل الاجتماع الإسطنبولي بأيام ضد الأخوان المسلمين وقطر والفضائيات الموالية لهما.
وقدّم الخطيب لخروجه من زعامة “الائتلاف” بالإعلان “انه لن يبقى ليكون شاهد زور” أمس الأول. وعاد ليقول مساء الأمس إن “الطائر في القفص يبقى حبيسا وعاجزا، والبارحة خرجت من القفص الذهبي الخادع الذي كنت فيه”.
وجرت الاستقالة رغم تسريبات صحافية عن اتفاق هذه المرة، مع داود اوغلو بالبقاء في زعامة “الائتلاف” ستة أشهر إضافية لقاء إعطاء المزيد من التمثيل في “الائتلاف” لـ”الجيش الحر” والاستماع إلى “المجلس العسكري” في طريقة تشكيل الحكومة، وفتح “الائتلاف” أمام 25 عضوا من هيئات مدنية واتجاهات لا تضم ممثلين من الإخوان المسلمين أو مقربين من قطر.
وقال عضو من “الائتلاف” إن الاقتراح نفسه تبنته مجموعة من 12 عضوا من غير “الإخوان” أو المقربين من كتلة مصطفى الصباغ القطرية، ولكنها لم تحظ بأي تأييد. وعرض “الإخوان” على المجموعة زيادة تمثيلهم بنسبة أربعة مقاعد لا تغير شيئا في حقيقة التوازنات التي ترجح بقوة كفة جماعة الإخوان المسلمين والقطريين. ويتمتع “الأخوان” ومصطفى الصباغ بقوة “تصويتية” كما قال عضو في “الائتلاف” تتجاوز الأربعين صوتا من أصل الـ66 عضوا الفعليين.
وقال عضو “الائتلاف” إن الرئاسة ستذهب حتى موعد إجراء انتخابات جديدة في النصف الثاني من أيار المقبل إلى رياض سيف، احد نواب الرئيس الثلاثة، ولكن نائبين آخرين للرئاسة قد يتوليان المنصب، هما سهير الأتاسي أو مصطفى الصباغ، في حال رفض رياض سيف تولي المنصب لأسباب صحية.
ويعطل اختيار الخطيب البقاء في “الائتلاف” ممثلا عن دمشق، فرزا لا بد منه في صفوف المعارضة، كما قال قطب سوري معارض، بين تيار يؤيد الحل السياسي وآخر يراهن على الحل العسكري وحده.
والأرجح أن “الائتلاف” أصيب بانتكاسة كبيرة بخروج الخطيب من زعامته وفقدانه احد أكثر الوجوه المعارضة حضورا ومصداقية على الساحة الدولية والسورية. ويظهر ذلك الإخفاق في إصلاح المعارضة السورية من الداخل وهي التجربة الثانية، بعد تجربة “المجلس الوطني السوري” التي تعثرت بسبب تفرد جماعة الإخوان المسلمين في قيادته واختراقهم لمؤسساته، وفرضهم خياراتهم السياسية عليه.
والحال أن استقالة الخطيب ستطرح على المجموعة التي جمدت عضويتها في “الائتلاف” أسئلة مشابهة في البقاء أو الخروج منه، علما أن من جمدوا عضويتهم مع استقالة الخطيب وتعيين هيتو “رئيسا لحكومة مؤقتة” ليسوا مجموعة متجانسة سياسيا، ولن يكون ذلك مؤشرا ايجابيا لمصلحة المعارضة. وكان جمد عضويته كل من كمال اللبواني، وريما فليحان، وسهير الأتاسي (عادت عنها بعد ساعات قليلة) ومروان حجو، ويحي الكردي، ومحمد العاصي جربا، ووليد البني، وبرهان غليون، وعقاب يحيى والحارث النبهان وزياد أبو حمدان.