بطرس أنكرَ الرب.. والباقون تركوا الرب وهربوا.. أمضى الرب مع تلاميذه حوالي ثلاث سنوات، لكي يُعدّهم ويُدرّبهم ويكشف لهم أمور الملكوت، أمور الشيطان والحروب الروحية، موته وقيامته
بطرس أنكرَ الرب.. والباقون تركوا الرب وهربوا.. أمضى الرب مع تلاميذه حوالي ثلاث سنوات، لكي يُعدّهم ويُدرّبهم ويكشف لهم أمور الملكوت، أمور الشيطان والحروب الروحية، موته وقيامته، والمهمة التي ينبغي عليهم القيام بها، ورأوا معجزاته.. والكثير من الأمور الأخرى الهامة.. وفي اللحظات الحاسمة، قبل موت الرب مباشرةً. التلاميذ نيام.. والرب يطلب منهم أن يسهروا معه، ولو لساعة واحدة.. والرب يُنبِّههم أنَّ عدم السهر والصلاة سيُدخلهم في التجربة.. ثمَّ يمضي ليُصلي ويعود إليهم ثانيةً، ويجدهم نياما أيضًا..
والسبب واحد: أعينهم كانت ثقيلة.. وليس المهم الثقل الجسدي لأعينهم.. بل الأخطر الثقل الروحي.. لم يُدركوا، بسبب ثقل عيونهم ماذا كان يدور من حولهم.. فباغتتهم التجربة وتغلّبت عليهم.. بطرس أنكرَ الرب.. والباقون تركوا الرب وهربوا..
الدعوة للجميع.. ليست محصورة بأشخاص.. ولا بزمن قد مضى. وشعب الرب اليوم كالتلاميذ: لا يُلبُّون الطلب.. بل ينامون.. إذ أنَّ أعينهم ثقيلة.
شئنا أم أبينا، فنحن أولاد الرب، جنود الملكوت، قد دخلنا في الحرب ضد إبليس ومملكته، ونحن مدعوين لكي نحارب، ليس فقط لكي نحمي أنفسنا، لكن مهمتنا أبعد وأكبر وأعمق وأشمل من ذلك، إنها معركة امتداد الملكوت، معركة اقتحام أبواب الجحيم وهدمها وخطف النفوس منها، وعوضًا أن ندخل غرفنا وننام بسبب ثقل أعيننا، فنحن مدعوين لكي نجعل ملكوت الله يغزو كل المسكونة، وكل مكوِّنات مجتمعاتنا وبلداننا، لكن ينبغي علينا أن نعلم كمقاتلين مهرة، أنهُ مع كل تقدُّم عظيم للملكوت، سنواجه مقاومة شرسة من العدو، ولأجل ذلك ينبغي علينا أن نسهر مع الرب ونُراقب جيّدًا، نراقب ما قد يقتحم حياتنا، حياة عائلاتنا، حياة مدننا، وحياة بلدنا، فبدون السهر والمراقبة، سيغزو العدو أرضنا ونحن نيام.
ومهمة أُخرى تتخطى نطاق المراقبة والسهر من أجل أنفسنا، قالها الرب لحزقيال النبي:
” وأنتَ يا ابن آدم فقد جعلتك رقيبًا لبيت إسرائيل، فتسمع الكلام من فمي وتحذرهم من قِبَلي، إذا قلتُ للشرير: يا شرير موتًا تموت، ولم تعمد إلى تحذيره من طريقه، فإنَّ ذلك الشرير يموت بذنبه، أمَّا دمه فمن يدك أطلبه… قُل لهم: حيٌّ أنا يقول السيد الرب إنِّي لا أسرُّ بموت الشرير، بل بأن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا، ارجعوا ارجعوا عن طرقكم الرديئة، فلماذا تموتون يا بيت إسرائيل؟! ” (حزقيال 33 / 7 – 11).أقام الرب النبي حزقيال رقيبًا على شعبه، لكي يسهر مع الرب، ويسمع كلامه، ويرى السيف والخطر قبل أن يُداهما الشعب، فيقوم بتنيه الشعب وحمايتهم، لأنَّ الرب دومًا أمين ومحب، يريد أنَّ الجميع يخلصون، ولا يريد لأحد أن يهلك، وهوَ يقول أنَّهُ لا يُسرّ بموت الشرير بل يُسرّ بتوبته.. لكنها مهمتنا نحن.. والرب حمَّلَ المسئولية للنبي حزقيال.
كم هيَ كبيرة وحسَّاسة المهمة التي ألقاها الرب على عاتقنا، وكم ينبغي علينا أن نصرخ إليه لكي يساعدنا ويؤهِّلنا لكي نغدو حرَّاس ورقباء نسهر معه، نراقب تحركات العدو، ونحمي الرعية، ونحمي بلدنا، ونقوم بدورنا بأمانة.
قد يدعونا الرب في أوقات معيَّنة ليس للسهر فحسب، بل قد يدعونا لكي لا ننام قطعًا ليل نهار.. وقد سجَّل لنا الكتاب المقدس حالات مشابهة:
في سفر التكوين 14، سار إبراهيم ورجاله كل الليل وقاتلوا كل النهار، فلم يستردوا عندها لوط فقط، بل كل المسبيين وغنائم كثيرة.
وفي سفر يشوع 10، سار شعب الله كل الليل وحاربوا كل النهار، فأنقذوا الجبعونيين، ويشوع أمرَ الشمس أن لا تغيب قبل تحقيق النصر الكامل.
وفي سفر صموئيل الأول 30، سار داود ورجاله كل الليل وحاربوا في النهار عماليق الذين أحرقوا صقلغ وسبوا النساء والأولاد، فاستردوا الكل وغنائم كثيرة.
والمثال الأخير هوَ الرب، كان يُصلّي الليل كلّه، ثم يحارب النهار كلّه لكي يسترد ذريته من العدو..
هذه الخطة تُمسك الشيطان على غفلة منه، باستراتيجية وحكمة بعيدة كل البعد عن فهمه.