وقعت عيني بالصدفة علي موضوع في صحيفة لو فيجارو الفرنسيه يتحدث عن معارضة الإخوان المسلمين ورفضهم لوثيقة حقوق المرأه الصادرة من الامم المتحده قبل أيام و أشارت لو فيجارو الي نقط الاعتراض من قبل جماعة الاخوان وهي أن الوثيقة تساوي بين الرجل والمرأه في الحقوق وهذا يعتبر ضد مبادئ الشريعه الإسلامية بل والأكثر من ذالك أنهم حذروا المجتمعات الغربية من أن هذه الوثيقة سوف تكون المسمار الأخير في نعش الحضاره الغربيه!!
وذكرت الصحيفه أن الجماعة رفضت منح المرأة حق ملاحقة زوجها قضائيا بسبب العنف او التحرش او حتي الاغتصاب وأيضاً رفض مبدأ ان ليس للرجل حق الطلاق ولكنه لابد ان يكون قرار قاضي و محكمة ، وهنا قالت كاتبة المقال السيدة أن لور فريمون وهي متخصصة في الشؤن المصرية انه ولأول مره تكشف جماعة الاخوان المسلمين والتي قدمت نفسها للغرب علي انها جماعة وسطية معتدلة غير مغاليه عن نظرتها لحقوق المرأه في المجتمع المصري ، ومن هنا جاءت التعليقات علي المقال بشكل غير متوقع من قبل العديد من الفرنسيين مما اعتبره المراقبون انه الموضوع الأكثر تعليقا والأكثر قرأه علي الاطلاق في موقع جريدة لو فيجارو الإلكتروني وقد كانت المفاجئة أن اغلب التعليقات تعتبر هجوما علي السياسات الغربيه التي تساند النظم الاسلاميه والتي سوف تعيد هذه المجتمعات الي القرون الوسطي وأيضاً انتقدت الكثير من التعليقات مساندة الغرب لجماعات المعارضة السورية والتي كلها عباره عن جماعات إسلاميه متطرفة ، ثم تساءل كثيرون عن حقيقة الربيع العربي ، وايضا قام الكثيرون بمهاجمة ما اسموه بل الغزو الاسلامي للمجتمع الفرنسي ، ولكن الملفت للنظر ان اغلب التعليقات كانت تقول للحكومة الفرنسية انه كله الا مصر ، اذاكان لابد منها افعلوها في اي مكان الا مصر ، هذه ليست مثل باقي العالم الاسلامي ، فرنسا تعرف قيمة مصر وسوف لايغفر لنا التاريخ ذلك ، لا تتركوا نصف تراث العالم في يد هؤلاء الذين يريدون تدمير هذا التراث الانساني العظيم . ،، وهكذا الي اخره من التعليقات التي تنم عن خوف حقيقي علي مصر ، ولعل يتسأل الكثيرون عن هذا الرفض الجامح الجامع من المجتمع الفرنسي والذي آثار دهشة الكثيرين من المراقبين في اوربا خصوصا عندما رددوا و قالوا الفرنسيين عبارة اذا كان لابد منها فا كله الأ مصر ابحثوا لكم عن بلد اخر ،، وهنا اعتقد انه لابد من توضيح وإلقاء الضؤ لتعريف الكثيرين في مصر ماذا تعني مصر للثقافه الاوربيه وبل الأخص المجتمع الفرنسي .
فا المجتمع الفرنسي من اكثر المجتمعات الأوربية اهتماما وشغفا و ولعاَ بمصر وتاريخها القديم وهذا الولع له شواهد عديده تبدأ بمتحف اللوفر وما حوله في ميادين باريس الي ما تضمنه مناهج التعليم الفرنسيه في جميع مراحلها من موضوعات عده عن تاريخ مصر القديم ، وحتي اذا نظرنا الي تاريخ مصر الحديث فسوف نجد ان الثقافه الفرنسيه حاضره وبقوه في مظاهر عديده في الحياه المصريه وأبرزها هو المجال الثقافي والفني ، علاوه علي ان العلاقات السياسيه الفرنسيه المصريه كانت دائماً علي ما يرام منذ بداية حقبة السبعينيات ومجئ فالاري جيسكار ديستان الي الحكم والذي استطاع هو والرئيس السادات ان يطووا صفحة العدوان الثلاثي علي مصر والاعتراف بأن ما قام به مولييه في عام ١٩٥٦ كانت حماقه لا داعي لها . ثم بعد ذالك جائت فترة فرانسوا استمر هذا الوضع في أيام الرئيس السادات ثم من بعده الرئيس مبارك ، ثم جاء جاك شيراك والذي كانت العلاقات المصريه الفرنسيه في عهده في أقوي حالاتها وأروع صورها علي كل المستويات
وبل طبع انعكست كل هذه العلاقات الجيده بين البلدين علي المجتمع الفرنسي من خلال الميديا و أصبحت صورة مصر ومن ثم المجتمع المصري لدي الفرنسيين هي صورة لها خصوصية تختلف كثيرا عن الصورة النمطية لباقي العرب المهاجرين الي فرنسا ، و سمعت ولاحظت ذالك كثيرا عندما كان يجمعني العمل مع زملاء فرنسيين وكنت دائماً اسألهم عن سبب لهذه الخصوصية ، والحقيقة أنني قد سمعت الكثير من الأسباب المختلفه لهذا الشعور الإيجابي ولكني توقفت كثيرا عند احدي هذه الأسباب وهي ان خصوصية المصريين تكمن في اعتدالهم في دينهم ، فمنهم من قال لي مثلا انه عندما يزور مصر ويتجول في أنحائها من القاهره الي أسوان يلاحظ ان الدين الإسلامي و هو دين الاغلبيه في هذه البلد يختلف في عاداته وتقاليده وسماته عن باقي الدول العربيه وان له في مصر مذاق خاص ومسحه حضاريه لا تجدها في اي بلد عربي أخر وقد عبر لي احد الأشخاص الذي كان يعمل مديرا في احد الفنادق الكبري في القاهره في حقبة الثمانينات ثم ذهب ليعمل بعد ذالك في نفس سلسلة الفنادق في خمس دول عربيه اخري .
قال لي بل حرف، لا أخفيك سرا أن صوت الأذان في فجر كل يوم في كل بلد عربي عملت به كان يقلقني ولا استطيع النوم بعده الا بصعوبة ، الا أن صوت الأذان في القاهره فقد كان له سحر خاص اشعر معه بل راحة والسكينة، وهذا الشعور لم اجد مثله في اي بلد عربي اخر فا انا اشعر دائما ان الحياة في مصر وبين المصريين لها مذاق مختلف يحلو لي ، بل رغم من صعوبة الحياه في مدينه مثل القاهره مثلا مقارنة بدول عربيه كثيره الحياه فيها اكثر سهوله ويسر ومستوي اعلي بكثير من مصر لكن تبقي دائما الحياه وسط المصريين هي كلمة السر ، فسألته عن ما يعتقد من تفسير لهذه الظاهرة فقال بل حرف الواحد ،، انا لا اعرف بل تحديد لماذا يراودني دائماً هذا الشعور لكن لعل له علاقه بل جينات الحضارية الكامنة في هذا الشعب والتي يحتفظ بها المصريون طوال تاريخهم والتي انطبعت علي حياتهم ،، فقلت له أتريد ان تقول انه حينما جاء الإسلام الي مصر فانه قد تمصر وأن الحضارة المصريه قد صبغته بصبغتها فا قال لعله كذالك و يمكن ان يكون هذا ماقصدت ان أقوله لك عندما ذكرت ان لها مذاق وسحر خاص ولعل هذا هو السر في انني اتابع اخبار مصر دائما علي الرغم من انني تركتها منذ ٢٠ عاما واتحين اي فرصه لزياراتها .
وهنا يتضح لنا ان القلق علي مصر أصبح ليس فقط ظاهرة مصرية او عربية ولكنه اصبح ظاهرة اوربية ايضا ، فهناك شئ ما خاص و مميز يراه العالم في هذا البلد وفي الهويه المصريه و معه لا يستطيعوا ان يقبلوا فكرة ان مصر سوف تطلق لحاها وان تغطي ملامح وجهها ، واعتقد ايضا ان كثيرا جدا من المصريين قد أدركوا ذالك الان لانهم ببساطه شديده اكتشفوا ان ما يحدث هو ضد طبيعتهم الثقافيه والحضاريه ، اذا الموضوع هنا كله في حقيقة الامر ما هو الا صراع له علاقه مباشره بل هويه المصريه والتي اعتقد انه لن يقبل المصريين ان يساوموا عليها، مهما حدث وإنني علي يقين انه في اخر الامر لا يصح الا الصحيح وان مصر تعرف طريقها وهويتها جيدا ، وسوف تنتصر الهويه المصريه في نهاية الامر كما انتصرت من قبل في مرات عديده عبر تاريخها الطويل ولم تستطع اعتي الامبراطوريات ان تسلبها هويتها والتي هي سر بقائها، فقد ذهبوا جميعا الي غير رجعه وبقيت مصر أم الدنيا .
إ س