مدير مكتبة الأسكندرية:”إن الحكومات اليوم أصبحت عاجزة عن تحقيق حقوق المواطن والاتحادات العماليةلا تحاول إيجاد فرص عمل لغير العاملين.
أوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الأسكندرية أن الحكومات اليوم أصبحت عاجزة عن تحقيق حقوق المواطن
أوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الأسكندرية أن الحكومات اليوم أصبحت عاجزة عن تحقيق حقوق المواطن، كما أن الاتحادات العمالية تبحث دائماً عن حقوق العمال الذين توظفوا ولا تنظر للأعداد الهائلة من المواطنين غير العاملين ولا تحاول إيجاد فرص عمل لهم. و أكد على أهمية تغيير نظرتنا وتعاملنا مع المشاكل العمالية بنفس الطريقة القديمة، و أنه يجب علينا خلق حلول جديدة بأنفسنا.
جاء ذلك خلال فعاليات مؤتمر “دور الحركات العمالية في دعم الديمقراطية”،والذى نظمه مركز الدراسات التنموية بمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المعهد السويدي بالإسكندرية في الفترة من 16 إلى 18 مارس الجاري.
شهد المؤتمر عدد من الجلسات التي ناقشت دور الحركات العمالية في دعم الديمقراطية، تحدث فيها مشاركين من عدد من الدول العربية كتونس ولبنان والمغرب والسودان ودول أجنبية مثل بولندا وإنجلترا والسويد.
افتتح المؤتمر كل من الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والسفيرة برجيتا هولست؛ مدير المعهد السويدي بالإسكندرية، والكاتبة الصحفية أمينة شفيق.
وفي كلمته، قدم الدكتور إسماعيل سراج الدين نظرة على الحركات العمالية في العالم، مبينًا أن الحركات العمالية تمثل حركات حقوقية تدافع عن حقوق الإنسان. وقدم نبذة تاريخية عن الحركات العمالية في العالم ومدى تطورها منذ القرن الثامن عشر وحتى الآن، حيث تحدث عن صراع العمال في القرنين الثامن والتاسع عشر للحصول على أدنى حقوقهم، ومدى صعوبة هذا الصراع خاصةً في ظل الرأسمالية والتي اعتبرت العمال كالعبيد.
وأوضح كيف عانى المهتمين بحقوق المرأة وحقوق الإنسان بوجه عام لإنهاء العبودية، وكيف أثر ذلك على آداب وفنون هذا العصر، مشيرًا إلى رائعة تشارلز ديكينز “أوليفر تويست” التي وصفت العشوائيات والفقر واستغلال طبقات المجتمع الفقيرة بأدنى الأجور. وتناول الاحتجاجات العمالية الكبيرة فى أمريكا وإنجلترا وفرنسا، وأوروبا بشكلٍ عام، والتي قامت بسبب الظروف الصعبة للعمل، حيث كانو العمال يعملون 64 ساعة أسبوعياً في الصيف و 52 ساعة في الشتاء في أوضاع غير أدمية.
وتحدثت السفيرة برجيتا هولست عن الدور الذي تلعبه الحركات العمالية في بناء الديموقراطة والتأثير فيها. وأشارت إلى أنه بعد قيام ثورة يناير 2011 بدأ المعهد السويدي بالإسكندرية في وضع خطة عمل مختلفة للتعامل مع الواقع الجديد ودعم التحول نحو الديمقراطية في مصر، مشددة على أهمية تنشيط الحركة العمالية في مصر وارتباطها بترسيخ الديمقراطية.
وأكدت أن الحكومات تقع عليها مسئولية دعم حقوق العمال، مبينة أهمية وجود ممثلين عن العمال في كل دولة للتفاوض مع الحكومة وأصحاب الأعمال على حقوق العمال. وأضافت أنه يجب وجود نية من الطرفين لتقبل آراء واقتراحات بعضهم البعض.
وأكدت الكاتبة الصحفية أمينة شفيق أن ثورة 25 يناير أحدثت خلخلة للنظام الذكوري المستبد، وأنه بهذه الثورة تدخل مصر إلى عصر بناء المؤسسات، وهي مرحلة تحول للنقابات العمالية أيضاً. وأضافت أن المؤسسات الشعبية يجب أن تتوحد وتصبح قوة واحدة لعبور العديد من الأزمات.
وشددت على أن الحركات العمالية ليست ندًا للحكومة ولا لرأس المال ولكنها عنصر محرك للصناعات. وحذرت من تحول الحركات العمالية إلى هيكل خالي من مضمونه النضالي الأساسي من أجل تحسين ظروف وشروط عمل العمال. و أضافت أنه يجب خلق مساحة من الديمقراطية تجعل الناس قادرة على التعبير عن آرائهم وعن الدفاع عن مصالحهم الإجتماعية. وأكدت على فكرة التعددية التي ستصل بنا إلى الوحدة ولكنها ليست هدفاً في حد ذاتها، وأن هذا سيخلق مجتمع منظم يسير في طريق الحداثة.
وأعطت نبذة تاريخية بسيطة عن النقابات العمالية في مصر وكيف بدأت. وتناولت موضوع المرأة وأهمية الدور الذي تلعبه في تشكيل المجتمع كمرأة عاملة كونها رصيد للإنتاج المصري، مبينة أن المرأة العاملة تفيد نفسها وأسرتها بتلقيها أجر مقابل عملها وبالتالي سوف لا تشكل عبء على المجتمع، وبذلك تتحول شرائح مجتمعية من كونها مستهلكة إلى مشاركة في العملية الإنتاجية.
وجاءت الجلسة الأولى لليوم الثاني من المؤتمر بعنوان “دور الحركات العمالية كجهات سياسية فاعلة في المجتمعات المعاصرة”. وأدار الجلسة سيسيليا سترنمو؛ نائب مدير المعهد السويدي بالإسكندرية.
تحدث في الجلسة كل من الدكتور بارتوليمي نافوتوراسكي؛ أستاذ العلوم السياسية بجامعة وارسو وأحد مؤسسي معهد الدراسات الإسلامية. والكاتب الصحفي البولندي فويتشيك أورلنسكي، وآلان ماننج؛ والذي عمل باتحاد نقابات العمال في المملكة المتحدة منذ عام 1977 حتى 2013، والدكتور وليد عبد الناصر؛ سفير مصر السابق في اليابان، والسيدة كيث تابر من السويد، والدكتور فريدريك أوجلا متحدثًا عن تجربة أمريكا اللاتينية.
وقال الدكتور بارتوليمي نافوتوراسكي إن السؤال المهم الذي يجب طرحه في هذا اللقاء هو ما إذا كانت الحركات والنقابات العمالية يجب أن تشارك في الحياة السياسية أم لا، وما هي حدود هذه المشاركة؟
وأكد أن دور الحركات العمالية والنقابات العمالية واضح في حالات الديمقراطية أو انعدامها، إلا أنه يصبح غامض في المراحل الانتقالية، كالتي تمر بها مصر الآن. وأضاف أن الحركات العمالية لا تنتمي للعمال فقط وإنما للمؤسسات المجتمعية أيضًا، وهي مؤسسات تعاني بدورها من الضعف الشديد في المراحل الانتقالية.
وتحدث نافوتوراسكي عن تجربة حركة التضامن البولندية (نقابات العمال) والتي تحولت إلى حزب سياسي في الفترة الانتقالية في بولندا، وتمكن الحزب من تشكيل خمس حكومات متتالية.
من جانبه، تناول فويتشيك أورلنسكي المفارقات المختلفة في المراحل الانتقالية، متخذًا الدستور البولندي كمثال على هذه المفارقات، ومبينًا أن الدستور الديمقراطي البولندي قد تم وضعه في سبع سنوات، وتطلب وضعه تقديم عدد كبير من التنازلات من جانب القوى السياسية البولندية المختلفة، وبذلك فإن كل الجهات البولندية لديها تحفظات على الدستور بنفس الدرجة.
وقال إنه يرى أنه من الخطأ الشديد أن تتدخل الحركات العمالية بدرجة كبيرة في الحياة السياسية، مبينًا أن حركة التضامن البولندية أصبحت الآن من أقل الحركات فاعلية في الحياة السياسية البولندية.
من جانبه، قدم آلان ماننج عرضًا تاريخيًا لدور الحركات العمالية في المملكة المتحدة، مبينًا أن العمال عانوا من التهميش والظلم في القوانين التي دفعتهم إلى أن يثوروا ضدها في القرن الثامن عشر، واستمر العمال في محاولات الحصول على حقوقهم وصولاً إلى تكوين حزب العمال البريطاني عام 1990.
وقال إن اتحاد نقابات العمال يلعب دورًا رئيسيًا في الحياة السياسية، حيث يستخدم عدد كبير من الأدوات لتحدي القرارات التي تتخذها الحكومة ضد العمال. وأضاف أنه في عام 2011 تم تنظيم حملة عامة ناجحة للحفاظ على حقوق موظفي القطاع العام في الحصول على المعاشات. وأكد أنه يتم استخدام الطرق الحديثة كمواقع التواصل الاجتماعي والدعاية في الإعلام للفت نظر الجمهور العام للمشكلات التي تواجه العمال.
وألقى ممدوح مبروك؛ الباحث بمركز الدراسات التنموية بمكتبة الإسكندرية، كلمة الدكتور وليد عبد الناصر والتي تحدث فيها عن الحركات العمالية وعلاقتها بالديمقراطية في اليابان. وقدم نبذة تاريخية عن النقابات العمالية في اليابان، مبينًا أن اليابان يوجد بها أربعة اتحادات عمالية بدأت عام 1980، مع وجود 74,500 إتحاد تجاري.
وأشار إلى وجود ثلاثة أنواع من اتحاد النقابات التجارية في اليابان الآن؛ وهي: الاتحاد الاول مكون من نقابات عمال القطاعين العام والخاص، ومجلس إتحاد النقابات التجارية؛ وهو يمثل اتحاد النقابات الوطنية للقطاعين الخاص والعام، ومقره في العاصمة طوكيو، والاتحاد الثالث الذي نشأ عام 1989 وتعود جذوره إلى الاتحادات العمالية اليسارية قبل الحرب العالمية الثانية.
وأشار إلى وجود بعض الأشكال الأخرى للإتحادات مثل: إتحاد المعلمين، والإتحاد العام الذي يخدم احتياجات العاملين الغير منظمين، والإتحاد الوطني العام للعمال الذي كان يجمع العمال من أصول وجنسيات مختلفة.
وتناولت الكلمة السياق القانوني لإتحاد العمال في اليابان وتطوره، وكيف نص القانون على وجود حد أقصى لعدد ساعات العمل، والسماح للعمال بتكوين إتحادات خاصة بهم في العام 1948.
وتناولت السيدة كيث تابر في كلمتها إعلان حقوق الإنسان للأمم المتحدة الذي ينص على حق الأشخاص في الحصول على عمل كضرورة لتحقيق تقدم البلاد، وحقهم في تكوين إتحادات تجمعهم وتدافع عن حقوقهم. وأكدت على أهمية وجود اتحادات ديمقراطية مستقلة، مبينة أن واحدة من العناصر الهامة في المجتمع هي وجود حركات اجتماعية تلعب دوراً في تحسين الأوضاع المعيشية للأشخاص وفي تحقيق العدالة والسلام وتجنب الصراع.
وتحدث الدكتور فريدريك أوجلا عن الحركات العمالية في أمريكا اللاتينية من الثمانينات وحتى الآن، مقارنًا وضعها مع الحركات العمالية في دول الشرق الأوسط. تناول أوجلا تأثير التجمعات العمالية على الحركات السياسية والحياة السياسية بوجه عام، وكيف استفادت الأحزاب السياسية في أمريكا اللاتينية على المدى الطويل من الحركات العمالية.
وأشار إلى أن هناك تشابه كبير بين أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذة الفترة، منها أن المجتمع غالبيته العظمى تتلقى دخل متوسط، كما أنهم عانوا من قمع من الديكتاتوريات العسكرية السابقة في بلادهم ، بالإضافة إلى انتقالهم إلى الديمقراطية وإنشائهم لإتحادات ونقابات. وأشار إلى مرور المنطقتين بأزمة اقتصادية في الثمانينيات ساعدت على تشكيل المجتمع بعد ذلك.
وأكد على أن تجربة أمريكا اللاتينية لا تقدم حلول جذرية في إشكاليات الحركات العمالية، إلا أن تطورها جدير بالدراسة والبحث، مؤكدًا أن الاتحادات والنقابات سوف تواجه تحديات سياسية واقتصادية دائمًا.
وجاءت الجلسة الأخيرة لليوم الثاني بعنوان “الحركات العمالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الربيع العربي”. وأدار الجلسة الدكتور عمرو الشوبكي. تحدث في الجلسة رضا تليلي من تونس، وداليا موسى من مصر، والدكتور عبد اللطيف حسني من المغرب، وخالد التيجاني من السودان، وفرح قبيسي من لبنان.
إ س