رغم ان بعض وسائل الإعلام في بدايتها كانت داعمة للإخوان في إدارة شئون البلاد ، ولكن بعد فشل النظام في إدارة شئون البلاد في أشهر معدودة وإثارة المعارك الدامية التي راح فيها الشهداء،وإشعال الحرائق في كل مكان
رغم ان بعض وسائل الإعلام في بدايتها كانت داعمة للإخوان في إدارة شئون البلاد ، ولكن بعد فشل النظام في إدارة شئون البلاد في أشهر معدودة وإثارة المعارك الدامية التي راح فيها الشهداء،وإشعال الحرائق في كل مكان وإثارة الفوضي في البلاد ، فما كان من الاعلام ان صوب صوته ضد النظام ناقدا وكاشفا للاخطاء ، فكانت الشاشة الصغيرة والكلمة المقروءة والمسموعة والمقالات الجادة والساخرة كاشفة لخبايا الصفقات، فما كان من النظام الى ان وجه سهامه صوب الصحافة والإعلام بالتهديد والبلاغات وإعداد الملفات وتوجيه الاتهامات والإحالة الي المحاكمات وإصدار أوامر الحبس ومع كل ذلك سيظل الإعلام مدافعا عن الحقوق والحريات ورقابة شعبية علي كل السلطات .
حول استمرار الهجوم على الاعلاميين بتهمة ازدراء الدين الاسلامى واهانة الرئيس واثارة الرأى العام بهدف التخويف والارهاب وما حدث اليوم للاعلامى باسم يوسف وامر النيابة بضبطه واحضاره كان لنا هذا التحقيق .
رقم قياسى
فى يناير الماضى أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، تقريرًا يتناول أكثر الانتهاكات التي طالت الاعلام والصحافة خلال المائتي يوم الأولى من حكم الرئيس محمد مرسي ، والتي سُجل فيها رقم قياسي في ملاحقة الصحفيين والاعلاميين بتهمة إهانة الرئيس، حيث بلغت في نصف عام، اربعة اضعاف ما شهدته الأعوام الثلاثون من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك ، و24 ضعف لعدد القضايا التي شهدتها فترة الرئيس الاسبق أنور السادات ، وأكثر من كل حكام مصر منذ بدأ العمل بالمادة التي تجرم إهانة رأس الدولة في عام 1909، واستخدمت اتهام الصحفي الراحل “أحمد حلمي” في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، في السابقة الأولى من نوعها.
تأليب البسطاء ضد الاعلام
وحول قضية الاعلامى باسم يوسف يقول المهندس عمرو علي أمين الإعلام بحزب الجبهة الديمقراطية أن القضية مسيسة وصبغها النظام بالشكل الديني وهو ما تستخدمه النظم الفاشية السياسية فما بالنا بالنظم الفاشية الدينية والتي تريد أن توزع صكوك غفران لمؤيدي النظام وتستخدم سيف الدين لقطع رقاب المعارضين.
واضاف ” علي ” أن البلاغ يحاول أن يربط في فهم العامة بين إنتقاد الرئيس وإزدراء الاديان وهذا شئ خطير ولم تقم الثورة من أجل ذلك الخلط المرفوض تماما . معتبرا التهمة ثوبا فضفاضا تستخدمه السلطة لتأليب الرأي العام ضد الإعلاميين ، ودغدغة مشاعر البسطاء الدينية والذين لا يشاهدون الاعلام بشكل ثابت ويعتبرون الدين خط أحمر فقررت السلطة تأليب البسطاء ضد الاعلام وإستخدامهم طرفا داخل معادلة الصراع .
اعلام فاشستي
فى البداية يؤكد الكاتب الصحفى صلاح عيسى اننا لا يجب ان نعيب على اعتراض الاعلام على القرارات السياسية التى اثبت فى كثير منها صحة موثقه مثل الاعلان الدستورى المكمل الذى اكد الاعلام على خطأ ذلك وبعض الفصائل السياسية والتى على اثر ذلك اعترف الرئيس بخطاؤه وكذلك قانون الانتخابات ، فكيف ينسى ان الاعلام نبه الى ذلك وتبين انه على حق وهذ ما كان يحدث فى عهد مبارك ولم يسمع له حتى قامت الثورة .
ويوضح عيسى ان تعريف الاعلام فى الدستور هو انه يعبر عن اتجاهات الرأى العام ، وفى اى بلد ديمقراطى يوجد اراء محتلفة واحزاب مختلفة ، بل وكل حزب له اتجاه مختلف . والاعلام يعكس كل هذا الاختلاف ويعبر عنه وينقل اراء كل المختلفين واصحاب كل الرؤي فى المجتمع . واذا كنا بلد ديمقراطى سيوجد بها اعلام حر وديمقراطى ، اما اذا اردنا اعلام لا يعبر سوى عن رأى واحد سيكون معبر عن راى الحاكم وهذا يعبر عن وجهه نظر فاشستية وعن نظام ديكتاتورى ، حيث نجعل المجتمع صاحب اتجاه واحد والصحف تظهر بنفس المانشيتات والاخبار ومثل العهد السابق صورة الرئيس وخطاباته تتصدر كل الصحف وتبدأ بها برامج القنوات، فكيف نعود الى ذلك وكأننا لم نثور على ذلك ، فنحن نطالب فى المظاهرات منذ عام 64 بتحرير الاعلام من هيمنة الدولة .
يضيف عيسى ليس معنى ان الاعلام يعبر عن وجهة نظر واحدة ان يعنى ذلك استقرار المجتمع ، فنحن كمصريين لدينا مصالح مختلفة ورؤي مختلفة واجتهاد لتحقيق هذه المصالح وهذا نراه فى المجتمع ومهمتنا الوصول الى التوافق وحينما تصل الفصائل السياسية الى التوافق سيعكس ذلك الاعلام .
تجميل القبيح
أكد مكرم محمد احمد نقيب الصحفيين السابق ، ان الاعلام يعكس الواقع الموجود ولكنه لا يعكس ذلك على المجتمع ، فسبب الانقسام فى المجتمع هو القرارات الخاطئة للرئيس والرغبة فى السيطرة على مفاصل الدولة واعلان
الدستور وحصار المحكمة ورفضه للحوار مع قوى المعارضة . وما يؤدى الى الاستقرار هو تحقيق وحدة الجبهة الداخلية ، الاستجابة لمطالب الشعب وقبول الحوار الوطنى وعدم اهانة القضاء ، وليس هذا دور الاعلام .
وان كان الاعلام ينقصه بعض المعايير المهنية مثل نشر اخبار قبل التأكد من صحتها واطلاق الاحكام العامة دون اسانيد او ادلة ، تعميم الاحداث الفردية لذا وان كان على الاعلام ان يعالج اخطاؤه فهو لا تحكمه وجهة نظر واحدة ، بل يعرض وجهتى النظر والحكم فى النهاية للقارئ ، فالاعلام يعكس الواقع الموجود و لا يستطيع ان يجمل قبيحا ، ممكن ان يبالغ بعض الشئ ولكنه لا يخلق شيئا من العدم .
الاعلام شماعة الاخفاق
تتفق مع الاستاذ مكرم محمد الدكتورة ليلى عبد المجيد عميدة كلية الاعلام جامعة القاهرة سابقا ، من ان الاعلام يعبر عن سياسات مختلفة ووسائل اعلام مختلفة وكل وسيلة لها رؤيتها واسلوب معالجتها الخاص والا ما كان هناك داعى الى التعدد فى التوجهات الفكرية ، وكان يكفينا جريدة واحدة او قناة واحدة .
وترجع عبد المجيد الانقسام الى ظروف المجتمع الغريبة والتى لم تمر على مصر مثلها حتى فى احلك الاوقات مثل هزيمة 67 او وفاة عبد الناصر او اغتيال السادات . فلم تصل مصر الى هذه الحالة المتردية والصعبة والمشحونة من قبل فنحن فى ظرف تاريخى صعب والاعلام مظلوم فلا يوجد رؤية سياسية ( بوصلة السياسة غائبة ) منذ الثورة وهذه الحالة من التوتر وعدم الاستقرار لابد ان ينعكس على الاعلام ، فالاعلام هو انعكاس للواقع .
وتؤكد عبد المجيد ، انه منذ التحدث عن الدستور اولا ام الانتخابات غابت مصر عن التوجه السياسى السليم . ودائما فى اى مشكلة او اخفاق يتم اتهام الاعلام وكأنه الشماعة وان كنا لا ندعى بذلك انه لايخطأ فهو يعيش نفس الواقع ، وهو الواقع منقسم فالمجلس الرئاسى منقسم وكذلك الحكومة والمؤسسة العسكرية . لذا نجد اخطاء الاعلام فى بعض المبالغة او نشر اخبار غير دقيقة ، كما احيانا يقدم الاعلام بعض الحالات الفردية او التى تمثل تطرف حاد فى الفكر من باب الاثارة مثل القائل بهدم ابو الهول لذا على الاعلام عدم التركيز على ذلك كأنه ظاهرة فيؤدى الى رد فعل عكسى ، ولننتقل الى الاستقرار علينا اعمال العقل وليس لوم الاعلام .
وترى عميدة الاعلام ان ينبغى ايضا فى التغطيات الاعلامية وجود توازن بين الوجهين من متفق ومختلف ومعالجة اوجه الاختلاف فلا يجب ترك قضايا البلد والالتفات الى من يوجهوا الشتائم والنقد لبعض ، فنجد الاعلام يترك ما
يحدث للشرطة ويعطى الاولوية لبعض الناس تريد تطويل لحيتها ، فاذا كان هناك مقارنة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة يجب ان نعطى الاولوية للعامة لمصلحة الوطن فلا يجب على الاعلام الانجراف وراء هذه الغيبوبة التى نعيش فيها بل عليه مساعدة المواطن لاستعادة وعيه وليس تزييفه .