اهتمت الأوسط السياسية والحزبية والدينية بزيارة الرئيس الايراني أحمدي نجاد لمصر على هامش قمة الدول الإسلامية. وشهدت الزيارة جدلا واسعا حيث سلط الاعلام والفضائيات الضوء على موقف مصر
اهتمت الأوسط السياسية والحزبية والدينية بزيارة الرئيس الايراني أحمدي نجاد لمصر على هامش قمة الدول الإسلامية. وشهدت الزيارة جدلا واسعا حيث سلط الاعلام والفضائيات الضوء على موقف مصر من العلاقات المصرية الايرانية، و ارتفعت أصوات التحذير من مخاوف الدور الايراني لاسيما المؤسسات الدينية الرسمية ( الازهر الشريف) وظهر ذلك واضحا خلال زيارة نجاد لمقر المشيخة، وبعد الترحيب الحذر بالزيارة جاءت الانتقادات والمطالب وتثديم التوصيات فى حديث فضيلة شيخ الازهر وأهما ضرورة اعطاء اهل السنة فى منطقة الاهواز بإيران حقوقهم وعدم التدخل فى شئون دول الخليج و احترام أصحاب السلطة فى دولة البحرين كدولة عربية. وقوبلت زيادة نجاد لمنطقة الحسين والسيدة زينب باستنكار حيث أن المتحدث الرسمى باسم الجماعة السلفية يرى أن نجاد رجل يديه ملوثة بدماء اهل السنة و كان لا يجب أن يزور هذه الأماكن المقدسة في ظل عمليات التعذيب و الاساءة لسيرة الصحابة .
و على المستور السياسى حذر السياسيون من محاولة السير على النهج الايرانى والتحول لدولة دينية عقب ثورة شعبية حيث ألقى المعارضين للإسلاميين فى السجون دون معرفة ماذا فعلوا ووجهت لهم اتهامات بالخيانة العظمى.
وهذا وأصدر الأزهر الشريف بيانا منذ شهر حذر فيه من تنامى التيار الشيعى عن طريق تقارب العلاقات مع ايران داخل المجتمع المصرى السنى وأن هذا سيحدث بلبلة واضطرابات فى المجتمع المصرى .
وكان هناك رد من مؤسسة الرئاسة تنفى فيه تدخل ايران فى أمور مصر الداخلية أو وضع النموذج الايرانى كمثال يمكن تطبيقه فى مصر التى لها طبيعة معينة لا يصلح معها النموذج الايرانى ولكن بدأت تظهر منذ أيام شائعة بأن عدد من قيادات الإخوان ألتقوا برموز سياسية ايرانية ورغم نفى الرئاسة و الإخوان مرة اخرى لهذا اللقاء الا أن عقب ذلك مباشرة زار مصر وزير الخارجية الايرانى ولم يعلن بشكل واضح عن أسباب الزيارة سوى قفط توطيد العلاقات المصرية الايرانية. و السؤال هل يمكن أن تقوم علاقات مصرية ايرانية بنية خالصة لا تتضمن تدخلا أيرانيا فى الشأن المصري أم ان العلاقات المصرية الايرانية كارت يلوح به عند الضرورة وورقة ضغط للوصول الى أهداف معينة . كان لنا لقاء مع فضيلة الدكتور احمد محمود كريمة استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الازهر و مؤسس ورئيس مؤسسة “التألف بين الناس الخيرية”
وحول مدى الترحيب بالعلاقات المصرية الايرانية واثر ذلك على المجتمع المصرى قال :
العلاقات بين البشر من المفترض أن تسودها مبادئ الحقوق و الواجبات، والعلاقات بين الدول مرحب بها ولكن شرط عدم تدخل كل دولة فى شئون الدولة الأخرى سواء فى أنظمتها الدينية أو السياسية، فجميع الشرائع الدينية تدعو للاخاء الدينى على أسس الاحترام و التعاون بما يحقق خير الانسانية و سعادته و يقوى أواصر الاخوة الإنسانية يعيدا عن تقلبات السياسية ولكن عندما يحدث خلط بين الأمور السياسية و الأمور الاجتماعية التى يعد الدين ركن أساسى فيها فلابد من وقفة .
وأضاف دكتور أحمد كريمة: على سبيل المثال إيران تصنف على أنها دولة إسلامية ومصر كذلك، ولكن غير المفترض أن تكون العلاقات مذهبية لأن مصر مذهبية سنية وإيران إسلامية شيعية، ولو خلصت النواية يمكن التلاقى على أرضيات مشتركة، كالتعاون من أجل نشر السلام العالمى أو التبادل الاقتصادى أو التجارى بعيد عن التطرف الدينى والإرهاب وعدم اختلاط الأزمات، ولكن هل يمكن أن تكون إيران طرف فى علاقة من أجل نشر السلام العالمى وهناك عداوت من بين العديد من الدول يمكن أن تجر مصر معها فى حقيقة الأمر محاولة التلويح لانعاش العلاقات مع ايران و ورقة تظهر عند الضرورة من اجل تحقيق مصالح معينة أو الابتزاز، فعندما توترت العلاقات بين مصر ودول الخليج ظهرت هذه الورقة ، يلوح من يلوح بحدوث تقارب موجه ضد الدول الخليجية المجاورة، وهنا يتم التغاضى أو تناسى اختلاف المذهبية الدينية وتاره أخرى عندما تصفو الأجواء مع دول الخليج تفتعل أزمة بيننا وبين إيران، وهنا نتذكر الاختلافات الدينية المذهبية، ولكن ليس بهذا الأسلوب تكون العلاقات السوية ولكن هذه العلاقات تستخدم فزاعة عند الضرورة.
وأكد د. كريمة أن الأصول واحدة
ولكن لو تحدثنا عن محاولة التقارب الدينى البحت يوجد مساحات كثيرة للتفاهم والتعاون لأن الخلافات بين المذهبين السنى والشيعى ليست فى الأصول العامة فى الإسلام ، والأصول العامة تراعى النواحى الإنسانية من مودة ورحمة بين البشر جميعاً، ولكن اللعب بورقة الدين من أكبر أسباب استشراء تعصب وإحداث التوتر فى العالم، ولذلك يجب أن ننحى الأمور الإنسانية عن الاختلافات الدينية، فمثلاً الأمور اللاهوتية يجب أن يتم تناولها داخل قاعة البحث الأكاديمى كعلم الأديان المقارنة سواء فى الشريعة الواحدة أو بين الشرائع المختلفة، فنجد أن التيار الوهابى السلفى أصبح وقود للإشعال الفتن داخل المذهب السنى نفسى، وهذا يتحمل وزره الخليج العربى الذى يدعم ويمول التيار الوهابى المتسلف، والذى يمارس العنف الفكرى، ويتطور إلى العنف المسلح.
فلو نظرنا إلى الخريطة الدينية فيما يتعلق بالفرق الإسلامية نجد أن الشرق العربى هو بؤرة التوتر الدينى، فمن على ضفتى الخليج العربى تأتى العصبيات والتحزبات الدينية الشيعية إيران) والجهادية السلفة فى الخليج الوهابية بينما كما ذكرت فى الأصل يجب أن لا يكون هناك مذهبيات فى الإسلام ولكن أنها خلافات سياسية فى الدرجة الأولى، فالشيعة أساسها سياسى لأن الشيعة يدعو أنهم تشيعوا أى تحيزو لعلى بن ابى طالب لأمور سياسية وليست دينية، وكل من الشيعة والوهابية يعملا على نشر أفكارهم بالعنف وكلاهما يشكل خطورة ليست على مصر وحدها بل على العالم كله، وكل منهما يتسابق لانشاء فصائل تابعة لهما فى القارة الأفريقية، فالوهابية السلفية تتمحور نحو السلفية الجهادية المسمى الأصولى التدميرية التخربية، وتوجدهم واضح فى مصر فى محافظتى سينا ومطروح، أى أنهما أحكما سيطرتهما على بوابتى مصر الشرقية والغربية، ويتحمل أوزار ذلك الأمن المصرى الذى أعتقد أن تغلغلل التيار الوهابى أهون من جماعة الإخوان المسلمين يضاف إلى ذلك كان هناك اتجاه لإضعاف مؤسسسة الازهر بسوء انتقاء القيادات حتى لا تتم مواجهات مع هذا الفكر، و لذلك الأزهر اخلى الساحة له مما شجع أكثر توغل الفكر الوهابى السلفى الجهادى والتوسع فى اقامة العديد من القنوات الفضائية وتوفير معيشة مرهفة لشيوخ السلفية .
وأضاف: هناك خطة ممنهجة قامت بها بعض الجهات الدينية فى السعودية و الاردن لتأهيل الرموز السلفية المتصدرة المشهد العام فى مصر الان كما أن التمويل العربى ياتى بعيدا عن البنك المركزى أو رقابة السلطات المصرية، ويوجد جمعيتان أساسيتان تقوم بتمويل التيار السلفى الوهابى هما جمعية احياء التراث الإسلامى وجمعية العويسى القطرى ورجال أعمال سعوديين، وهناك جهات أخرى تمول الإخوان، فالإخوان فرقة أخرى كانوا فى بدايتهم ينتهجون فكر الشيخ حسن البنا المؤسس للجماعة ثم تحولوا إلى اعتناق أفكار الشيخ سيد قطب، وهم يمثلون مبدأ تكفيرى أخر، ومعظم الإخوان الحاليين ينتمون لهذا التيار، ولا أحد منهم يحمل مؤهل أزهرى، ويعرف حقيقة الفهم الصحيح لأصول الدين، والخطورة أنهم يتخذون الدين وسيلة لأمورهم السياسية ولتخبطهم ليس فقط الدينى بل والسياسى أيضا يلوحون بورقة إيران ليس فقط ضد دول الخليج العربى بل وأيضاً وإرهاب أمريكا.
وصناع القرار فى مصر حاليا يفتقدون الرؤيا، والدليل على ذلك القرارات التى رأيناها مؤخرا فى أكثر من موقف تتخذ صباحاً ويتم الإعتذار عنها ظهرا وتلغى مساءً وعلماء الأزهر الوسطيين المستنيرين منهم محاصرين فكريا ومهمشين.
وأختتم دكتور كريمة كلامه بأنه يمكن أن تعود مصر إلى وجهها السابق من التسامح والسلام اذا صرف الله عنها الإخوان القطبيين والسلفية الوهابية، ولذلك اخترنا اسم مؤسستنا (التآلف بين الناس) لأن هدفها لمعاجة المفاهيم المغلوطة والأفكار الخاطئة ومواجهة التعصب والتحزب الدينى، وذلك رغم ضاله الإمكانات المادية ولكن هناك وفرة فى الكفاءات البشرية .
إ س