إذا توقفنا امام اتجاهات الراى في القطاعات المختلفة من النخب القبطية سنجد نزوح للتباين بين مختلف هذه النخب وكأننا امام مسيحيين اصحاب ثقافات مختلفه وليسوا ابناء وطن واحد هناك منذ 2010 وحتي الان هناك ثلاث فئات من النخب المسيحية:(فئة خرجت من الكنيسة للوطن وفئة اخرى خرجت بالكنيسة للوطن وفئة ثالثة تسعي للخروج بالأقباط من الوطن) ولا يجمع بين هذه الفئات الثلاثة سوى انتمائهم الي خلفيات ثقافيه كنسيه.
الفئة الاولي :خرجت من الكنيسة للوطن : وهي الفئة التي تمردت علي الكنيسة وتبنت مواقف ومسارات سياسيه ووطنية ولكن جل اهتمامها ينصب علي نقد الكنيسة والاكليروس.
الفئة الثانية: خرجت بالكنيسة للوطن: منذ الاحتجاج المسيحي الاول 2010 أمام محافظة الجيزة بعد أحداث كنيسة العمرانيه، ومن تابع أسماء ال(154) معتقلًا الذين أفرج عنهم بعد تدخل الكنيسة سيجد أنه للمرة الأولى من بينهم مسيحيين من طوائف أخرى غير أرثوذكسية. ثم المظاهرات التي تلت تفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية، ومن يراجع قضية (مسرة بشبرا) سيجد انها ضمت للمرة الأولي مسلمين ومسيحيين، ورفعت شعارات إسقاط العادلي ومبارك ، نفس شعارات ثورة 25 يناير، وماتلي ذلك من تطور موضوعي من صدام ماسبيرو وكسر طوق الخوف الذى كان يطوق عنق المواطنين المصريين الأقباط الثلاثين عاما الماضيه ، هذا التطور الموضوعي للخروج بالكنيسة بدا برفع الصلبان في المظاهرات كرد فعل لحرمانهم مؤخرا من رفع الصلبان علي الكنائس، ثم اصطحابهم لبعض ابائهم الروحيين في الاحتجاجات (علي غرار اباء لاهوت التحرير في امريكا اللاتينية) وصولا للانصهار المذهبى والقومي في صلوات بين مختلف المذاهب المسيحية والإسلامية في وعي جديد اعاد انتاج الاندماج الديني لثورة 1919 من منظور قومي عولمي، وهكذا استطاع الثوار الأقباط التماهي بين الوطن والكنيسة ولعل ذلك التطور من ماسبيرو للتحرير والذى جعل الهلال والصليب يتماهيان هو أحد العوامل المهمة التي عجلت الذى عجل بوحدة المصالح بين العسكر والاسلاميين والغزوة الاسلامية الاخوانية للوعي المصرى والثورة.
الفئة الثالثة: تسعي للخروج بالأقباط من الوطن: في مواحهة انتقال مركز ثقل المعارضة القبطية من المهجر للوطن، واستثمارا للآلام القبطية توافقت مصالح سياسية لأقباط المهجر من اجل استعادة الدور الريادى، ومصالح ماليه لبعض الجماعات الحقوقيه التي اضيرت من احتلال النخب الجديده لمقاعدها امام الراى العام الغربي، وتوافقت تلك المصالح وتواكبت مع الاضطهاد الديني الذى مارسته بعض التيارات السلفية مع الاقباط، فلعبت تلك الجماعات دون اتفاق مباشر دورا في تخويف الاقباط وتهجيرهم داخل الوطن قسريا مثل السلفيين او تخويفهم وتهجرهم طوعيا مثل الشركات القبطيه المتخصصة في بيزنس الهجرة.
ومن “الحلم الامريكي” للطبقات العليا والوسطي القبطية، الي “الحلم الجورجي” للفئات الوسطي والدنيا من الاقباط تلعب هذة الفئة الطاردة دور الوكالة اليهودية مع اليهود المصريين في خمسينيات القرن الماضى.
والقضية التي لابد من التوقف أمامها في الحياة اليومية للمسيحيين المصريين خاصة بعد ثورة 25 يناير هو النشاط المحموم لبعض النخب للدعوة للهجرة، وأن كانت الهجرة حق من حقوق الإنسان إلا أن هناك نشاط مشبوه من بعض النخب لإستغلال آلام الأقباط في الدعوة للهجرة بشكل ديني .
تقارير غير دقيقة نشرت تقول أن أكثر من 100 ألف قبطى هاجروا ورحلوا عن مصر»، الأمر الذى أثار موجة من الجدل حول دقة الرقم ومدى صحته.
و«إذا توقفنا أمام أرقام وإحصائيات الهجرة فى عامى 2010، 2011 وفق إحصائيات مصادر دبلوماسية مطلعة فى سفارات الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، أستراليا، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، سنجد أن هناك 6411 مصريًا بغض النظر عن ديانتهم هاجروا إلى تلك الدول عام 2010، أما فى عام 2011، فلم يحصل على حق الهجرة لتلك الدول حتى نهاية أكتوبر 2011 إلا 3804 مصريين فقط، أى أن أرقام الهجرة انخفضت من 2010 إلى 2011 بنسبة 59%».
«من الأمور غير المنطقية أن يردد البعض عن جهل أو عن عمد أن عدد المهاجرين من المواطنين المصريين الأقباط يقارب المئة ألف إلى الولايات المتحدة فقط علمًا بأنه -كما شددت المصادر الدبلوماسية- على أن الهجرة العشوائية الأمريكية (القرعة)، تقبل فيها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية خمسين ألف مهاجر من جميع أنحاء العالم».
وفقًا لمصادر بالجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فإن عدد المهاجرين المصريين فى الغرب يقارب المليون مهاجر، مضيفا «وإذا عرفنا أن الهجرات المصرية إلى الغرب بدأت بعد ثورة يوليو 1952 أى أنه طوال 60 عامًا كانت الهجرة بمعدل 16666 سنويًا». «وإذا افترضنا أن المهاجرين الأقباط منهم يشكلون على أعلى تقدير 50%، فإن معدل هجرتهم تكون 8333 سنويًا»، وهكذا فإن «أعلى معدلات الهجرة المصرية حدثت ما بين 1960 و1961 وفق تصريحات وزير الداخلية الأسبق الراحل شعراوى جمعة، الذى أرجع ذلك إلى تأميم ومصادرة ممتلكات رجال الأعمال وكبار الملاك، فى حين حدثت هجرة معاكسة فى السبعينيات والثمانينيات، ولفت إلى أن من يراجع كتاب الدكتورة سامية سعيد (من يحكم مصر؟) سيجد أن معظم العائلات القبطية التى هاجرت من جراء قرارات التأميم عادت إلى الوطن مثل عائلات عبد النور، وساويرس، وأبادير وغيرها.
وكانت إحدى المنظمات القبطية لحقوق الإنسان، قد أصدر بيانًا عن منظمته فى 25 سبتمبر 2011 قال فيه «إن المنظمة رصدت هجرة أكثر من 100 ألف قبطى بعد استفتاء 19 مارس 2011 على التعديلات الدستورية»، بينما وزع عدد الذين أشار إلى هجرتهم كالآتى: «فى الولايات المتحدة، نحو 16 ألفًا إلى ولاية كاليفورنيا، ونحو 10 آلاف إلى نيوجيرسى، ونحو 8 آلاف إلى نيويورك، ونحو 8 آلاف إلى باقى الولايات بأمريكا»، «ونحو 14 ألفًا فى أستراليا، ونحو 9 آلاف فى مونتريال، ونحو 8 آلاف فى تورنتو، بكندا»، «ونحو 20 ألفًا فى أنحاء أوروبا، خصوصا فى هولندا وإيطاليا وإنجلترا والنمسا وألمانيا وفرنسا». ولم يوضح إلى أى المصادر اعتمد فى إعداد هذا الإحصاء.
مثل هذه التقارير العشوائية المغرضة تستهدف صناعة تخويف الأقباط، من الباحثين الجادين يعرفون أن هذه الأرقام غير صحيحة، ولكنهم يستخدمونها لأغراض سياسية، خصوصا أن الباحثين والإعلاميين الغربيين يمكنهم التأكد من عدم صحة مثل تلك الأرقام المتداولة فى تقارير غير صحيحة، من مصادرها الأصلية.
وما كدنا ننتهي من هذه الموجة بتصريح مؤكد من السفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون التي قالت :لا صحة لزيادة أرقام هجرة الأقباط وذلك حوار منشور بصحيفة الشروق 30 سبتمبر 2012 حتى خرجت علىنا تلك النخب التي تدعو للهجرة برعاية مغرضة للهجرة الى جورجيا، ونشرت من الأرقام غير الصحيحة ما يسيل لها لعاب المواطنين المصريين الأقباط.
وكانت جورجيا قد أعلنت عن احتياجها إلى مستثمرين ويكون لديهم حساب بنكى للعمل فى جورجيا، وتقدم أكثر من 200 ألف مصرى يحملون ملفات شركات مساهمة للعمل بجورجيا على أنهم رجال أعمال، ولكن عدد الذين تأكدت جورجيا من وجود أرصدة بنكية لديهم بعد التحريات هم 1014 وعدد الذين تم الموافقة عليهم وسافروا هم 187 على طائرتين.
وأنني توثقت من معلوماتي عبر وزارة الخارجية الجورجية، ومكتوب فى طلباتهم مصريين ولا يكتب الدين، ولذلك فإن ما نشر من أرقام غير صحيح وانطباعات شخصية لا أكثر ما نشرته التلجراف مؤخرًا يعيد للأذهان ما تردد حول المائة ألف سابقًا، لأن تقارير الهجرة الصادر من الدول لم تصدر بعد وأحدث تقرير صدر 2011 وبه 3804 طلب فقط، وتقرير 2012 لم يصدر بعد سوف يصدر فى منتصف 2013.
وأخيرًا ، أن السبب الرئيسى للهجرة بنسبة 80% تحسين مستوى المعيشة، لا بسبب الخوف من الحكم الدينى، ولا ننكر أن قطاعات كبيرة من المسيحيين يخشون من التعصب والحكم الدينى، والمسلمون خائفون أيضا.
إ س