بعد سنوات من تصنيفها الجريمة المسكوت عنها , الجريمة الأمنة بالرهان على صمت الفتيات لتصبح ظاهرة الصمت بالدرجة الأولى بتزايد حالات التحرش بصورة فجة أشبه بالمرض الذى اصاب الشارع المصرى و لاسيما فى مواسم الاعياد بوصول الامر لتحرش جماعى دون أن يجد الدواء للقضاء على الظاهرة رغم محاولات حملات مناهضة التحرش بتشخيص الداء و العمل على كسر حاجز الصمت و كشف النقاب عنها
بعد سنوات من تصنيفها الجريمة المسكوت عنها , الجريمة الأمنة بالرهان على صمت الفتيات لتصبح ظاهرة الصمت بالدرجة الأولى بتزايد حالات التحرش بصورة فجة أشبه بالمرض الذى اصاب الشارع المصرى و لاسيما فى مواسم الاعياد بوصول الامر لتحرش جماعى دون أن يجد الدواء للقضاء على الظاهرة رغم محاولات حملات مناهضة التحرش بتشخيص الداء و العمل على كسر حاجز الصمت و كشف النقاب عنها إلا أن شيئا لم يكن ملموسا على أرض الواقع قبل تلك الآونة .. فلأول مرة ينتفض المجتمع و يستيقظ من غفلته لاتخاذ إجراء ضد المتحرش و ضبطه للمساءلة القانونية .
ترى ما الأسباب , و إلى أى مدى تساهم تلك الاجراءات القانونية فى الحد من الظاهرة ؟ و ماذا ينتظر للقضاء عليها نهائيا ؟
قالت فريدة النقاش – رئيسة تحرير جريدة الأهالى أن ظاهرة التحرش ليست جديدة على مجتمعنا وإنما بدأت تأخذ نهج آخر أكثر عنفا وعدوانية عن ذى قبل , و لعل شهيدة التحرش بأسيوط خير دليل على ذلك إلى جانب وصول الأمر لعمليات تحرش جماعى فى المواسم و الاعياد فى وضح النهار كنتيجة للتدهور الاجتماعى و الاقتصادى و الثقافى و الأخلاقى المتفاقمة بشكل واضح هذه الأيام فى ظل حالة العدوان الصارخ من قبل تيار الإسلام السياسى على حقوق المرأة و مكانتها و صورتها و الدعوى لاخفائها باعتبارها ” عورة ” أو سلعة ليسود المجتمع حالة من الاحتقان ضد المرأة خاصة داخل أوساط الشباب العاطل الذين لا يجدون أفق لمستقبلهم ليسخطون على مجتمعهم و من ثم البحث عن موضع للانتقام تجاهه فى صورة المرأة غير عابرين بانهم قبلما ينتقمون من المجتمع و من ضحيتهم فهم ينتقمون من انفسهم بانتهاج مثل هذا النوع من الإجرام الاجتماعى . و لا عجب فالأمر يخضع لثقافة الإسلام السياسى التى تبعثها خلال 30 عاما ماضية حول صورة المرأة و التى اثرت بالسلب على عقلية الشباب بفكرة اخفائها أما بالمنزل أو بارتداء النقاب ليصبح ظهورها موضع للغضب و بالتالى التعبير عنه بالتحرش بهم .
و أكدت فريدة أن الظاهرة تحتاج لمعالجة جذرية اقتصادية و اجتماعية و ثقافية و أخلاقية تنهض بها الدولة إلى جانب دور رجال الشرطة المشهود لهم خلال الفترة الأخيرة بالقاء القبض على بعض المتحرشين و تقديمهم للقضاء كرادع لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه النوعية من الجرائم . فعلى الدولة النهوض بعمليات تنموية تفتح افاق اكثر للشباب أيضا إعادة النظر فى قضية التعليم و تنقيح مناهجنا الدراسية مما يشوبها من تمييز ضد المرأة مع مراعاة بث الاعلام الحكومى ما من شأنه يعلى قيم التسامح و العدل و المساواة و غيرها فهناك منظومة متكاملة من الإجراءات لابد من اتخاذها لنستئصل الظاهرة من جذورها . و الأمر لا يدعنا انكار دور الحركات النسائية و الحملات المناهضة للتحرش بكسر حاجز الصمت لدى الفتأة بعد سنوات خوفا من الفضيحة و من ثم مساندتها فى الوصول لمرحلة تحرير محاضر بأقسام الشرطة كخطوة أولى للقضاء على الظاهرة باهتمام الشرطى بالقضية بعد طرحها على المجتمع و الافصاح عنها.
و طالبت فريدة كافة القوى الديمقراطية من أحزاب و مؤسسات مجتمع مدنى التكاتف معا من أجل إصدار قانون التحرش بانعقاد مجلس الشعب القادم .
أما من الناحية القانونية و مدى مساهمة عمليات ضبط المتحرشين فى القضاء على الظاهرة ذكر محمد منيب – الناشط الحقوقى و المحامى بالنقض أن مثل هذه الإجراءات لن تساهم فى القضاء على المشكلة فى ظل اتمام عمليات الضبط ضد هؤلاء بشكل غير قانونى عبر مجموعات من المواطنين قاموا بالتصدى إليهم و احالتهم للمساءلة القانونية ليظل الحكم عليهم امر صعب مرهون بالتحقيقات و ما دون بالمحاضر الرسمية من وقائع ليحكم القاضى فيما بعد بما لديه من اوراق .
كما أضاف منيب أن حل الظاهرة لم ينحصر بالاساس فى الشق القانونى اذا ما اخذ مجراه للبت فى مثل هذه النوعية من القضايا فلا تزيد العقوبة عن 3 سنوات ضد المتحرش وفقا لقانون العقوبات كما هو فى حالة التعرض لانثى أي كان الجرم المرتكب . وإنما المسألة مرهونة بمدى انعكاس تحسين الظواهر الاجتماعية و الاقتصادية للبلد على المواطنين و لاسيما فئة الشباب منهم بحدوث نهضة اجتماعية و اقتصادية تتصدى لظاهرة البطالة و الفقر مع علاج حالة التفسخ المجتمعى التى تعيشها غالبية أسرنا فى يومنا هذا لتخلق كيانات غير سوية نفسيا ترغب فى الانتقام ممن حولها حتى و ان كان من نفسها قبل المحيطين بها , و هو الأمر الذى يحتاج من الدولة حكومة و شعبا الكثير للتيقظ للظاهرة و السعى وراء مناهضتها بوعى مجتمعى لملاحقة المتحرشين مع اهتمام مؤسسات المجتمع المدنى بوضع القضية ضمن أولويات الأجندة المصرية كخطوة جادة للقضاء على الظاهرة حتى لا نقف عند حد ” الفرجة ” لينهار المجتمع فريسة انعدام الأخلاقيات و انهيار أوضاع اقتصادية و اجتماعية لتدرج مصر ضمن أعلى معدلات التحرش على مستوى العالم .