في خطوة تستهدف التحكم في إمدادات الطاقة عبر خطوط أنابيب الغاز الروسية تسعى المفوضية الأوروبية إلى منع موردي الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية من الاتجار به وبيعه إلى المستهلكين
في خطوة تستهدف التحكم في إمدادات الطاقة عبر خطوط أنابيب الغاز الروسية تسعى المفوضية الأوروبية إلى منع موردي الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية من الاتجار به وبيعه إلى المستهلكين في أوروبا بالطريقة المباشرة ما ينذر بأزمة جديدة بين روسيا المورد الرئيسي للغاز في أوروبا والدول الأوروبية التي تعتمد بشكل أساسي على الغاز الروسي.
ويري المراقبون أن المباحثات الأخيرة بين الرئيس الروسي فلادمير يوتين والمستشارة الالمانية انجيل ميركل الاسبوع الماضي تناولت موارد الطاقة بشكل عام وقضية مشاريع خطوط انابيب الغاز الروسية في أوروبا وسط سخط ألمانيا من خطط موسكو في هذا الشأن وهو ما وضح خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بين بوتين وميركل.
ورغم هذه الخلافات تحرص ألمانيا على عدم اثارة غضب روسيا التي تمدها بأربعين بالمائة من احتياجاتها من الغاز وثلاثين بالمائة من احتياجاتها من النفط خشية قيام روسيا بتخفيض إمدادات الطاقة إلى أوروبا.
ويرى مدير مركز الدراسات لموارد الطاقة في رومانيا ايفانيى سباسيسكى الذي شارك في ندوة نظمها معهد الطاقة والموارد البشرية البلغاري في صوفيا اليوم أن الحفاظ على الخلاف في الرأي مع الاوروبيين يعني ان على شركة غازبروم الروسية القيام بجولة جديدة من تخفيضات الأسعار لكل الشعوب الأوروبية المستخدمة للغاز مشيرا إلى أن الإسراع في بدء أنشاء مشروع خط انابيب الغاز الروسى التدفق الجنوبي لن يكون مرجعا ينقذ الشركة الروسية من القواعد الأوروبية الجديدة والتي من المحتمل ان تدخل حيز التنفيذ بتاريخ سابق أي بأثر رجعي.
وقال سباسيسكي إن الرئيس بوتين طالب الاتحاد الاوروبي أثناء مباحثاته مع ميركل ان يتم التعامل مع القوانين التي سيتم قبولها وإقرارها في اطار مجموعة الطاقة الثالثة بعدم دخولها حيز التنفيذ بتاريخ سابق مشددا على أن الأمر الوحيد الذي تتحفظ عليه روسيا هو ان تدخل هذه القوانين بتاريخ سابق لأن هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق لن يمثل طريقة حضارية لحل القضايا.
أضاف سباسيسكى انه من الناحية النظرية فان بوتين محق في هذه القاعدة لأنها بما لا يدع مجالا للشك مخالفة للقوانين والأعراف إلا ان الامر من الناحية العملية يرتبط بالمحاولات الأوروبية في كبح جماح روسيا في غزو السوق الأوروبي دون وضع الضمانات والقواعد التي يمكن لهم التحكم من خلالها في عدم وصول روسيا إلى احتكار السوق وفرض سياسات ترتبط بالمواقف السياسية.
وأضاف أن بوتين تقدم برجاء إلى الحلفاء الأوروبيين، والشركات الاوروبية أن يضعوا في الاعتبار هذا الواقع وان يبنوا علاقاتهم مع الحلفاء بما في ذلك الحلفاء الروسيون بالطريقة التي لا تنتهك المبادئ التي تم إرساؤها في القانون الدولي.
يشار إلى أنه في اطار ما تسمى مجموعة الطاقة الثالثة والتي أكدها الاتحاد الاوروبي خلال عام 2009م يجب أن يكون هناك تقسيم للعمل في بيع ونقل الغاز، وان الشركات المالكة للغاز لا يجب عليها أن تحتقر ملكية خطوط أنابيب الغاز، ويجب أن تسمح بوصول دفعات الغاز إلى المنافسين. ولذا فإن قيادات شركة غازبروم الروسية على يقين بأن القواعد الأوروبية الجديدة موجهة بالتحديد ضدها كمصدر أساسي للغاز إلى أوروبا.
أشار الرئيس الروسي إلى أن موسكو تعتقد أن مجموعة الطاقة الثالثة تمثل وثيقة ضارة ولكن الحلفاء الاوروبيين لديهم الحق بأن يفعلوا ما يريدون. وفي هذا السياق أشارت انجيل ميركل انها ليست ضد ان تعبأ جميع خطوط الانابيب بالغاز الروسى ولكن فقط في حالة عدم وجود منافسين وحلفاء آخرين، وانها تفضل ان يتم قبول الاشياء كما هي وان يتم استخدام هذه المساحة من حرية الحركة التي تتيحيها تلك الاشياء.
ويرى العديد من المراقبين أن الأسراع ببدء إنشاء خط انابيب التدفق الجنوبي يمثل محاولة من موسكو بانه يمكنها بهذا المشروع تعطيل شروط ومطالب مجموعة الطاقة الثالثة الأوروبية.
ومن جانبه أوضح ميخائيل كروتيخين المحلل الاقتصادي في الشركة الروسية الاستشارية روس اينيرجي أن البرلمان الاوروبي والمجلس الاوروبي قد أقرا بالفعل مرسوما يقضي بتوضيح الضرورة من مراجعة جميع الاتفاقيات الخاصة بدفعات الغاز وهذا يعني في الواقع مراجعات على العقود القديمة والاتفاقيات الجديدة ما يعني أنه في نهاية الأمر فإن أوروبا سوف تحصل لنفسها على خط أنابيب جديد تم انشاؤه بأموال روسية ومن هذا الخط ستستفيد شركات أخرى مستقلة والتى تتحفظ موسكو حتى الآن على مشاركتها.
بينما يؤكد فاليري نيستيروف الخبير فى شؤون الطاقة والمشارك ايضا فى الندوة انه ليس بالمصادفة أن روسيا قد سجلت أعلى درجة منخفضة من إنتاج الغاز غير الطبيعي، وحتى الآن لا يرى اي مؤشرات لحل وسطي من الجانب الاوروبي، بل على العكس فان الاحتمال الأكبر ان يكون هناك تراجع جديد من جانب روسيا، فعمليا تراجعت غازبروم عن شرطها الاساسية القائم على قاعدة خذ وادفع، وعدلت في أسعار السوق.
ولكن من المرجح ان تعيد موسكو حساباتها وتبحث عن اوراق ضاغطة جديدة، ولكنها لن تجرأ وفق ما يعتقد العديد من المراقبين على استخدام ورقة وقف ضخ دفعات الغاز إلى أوروبا على غرار ما حدث عام 2008م أثناء خلافها مع أوكراينا حيث ان هذه الخطوة يمكن ان تكون بمثابة إعلان حرب الطاقة من جانبها، الأمر الذي سيضع عقبات عديدة أخرى في القطاعات المختلفة للتعاون الأوروبي الروسي.