بطولات خالدة في التاريخ عن رجال قهروا المستحيل بإرادتهم وعزيمتهم قبل أسلحتهم ، أبطال سطروا بدمائهم أسماءهم في أروع صفحات تاريخ النصر.
بطولات خالدة في التاريخ عن رجال قهروا المستحيل بإرادتهم وعزيمتهم قبل أسلحتهم ، أبطال سطروا بدمائهم أسماءهم في أروع صفحات تاريخ النصر.
أحد أبطال هذه الحرب المجيدة .. المقاتل والمحارب إسماعيل بيومي أحد مصابي حرب 1973، الذي لم تمنعه إصابته من أن يناضل من أجل أن يري النصر بعينه فعبر قناة السويس بذراع واحدة.. حاورته وطني لاستعادة روح وأمجاد أكتوبر من خلال ملحمته البطولية الرائعة.
بدأ حواره معنا قائلا : حرب أكتوبر 1973 بدأت من قبل ذلك، روح القتال عند المصريين بدأت مع نكسة 1967 مرارة النكسة جعلت كل المصريين ينتظرون لحظة الحرب والعبور لاسترداد الأرض والكرامة، أهل القنال كانت مرارتهم أصعب بيوتهم محطمة، ومدنهم مهجرة وأهاليهم مشتتين مما دفع الكثيرين للانضمام في المقاومة الشعبية.
قمت بالانضمام في المقاومة الشعبية 1967 بالسويس لمدة عام، ولما ذاع صيت الأعمال البطولية التي يقوم بها الجنود المصريين ضد الإسرائيليين مثل عملية إيلات وغيرها، قررت أن ألتحق بالتجنيد في الجيش المصري ولكن وقتها كان يقال لسة شوية إلا أن بعد عام أتيح لي الالتحاق بالجيش سلاح المهندسين، وفيه تم تدريبي علي سلاح المياة ، وهو سلاح جديد وقتها في أماكن بعيدة عن الجبهة وكنا نبني ساترا ترابيا، ونقوم بعمل مناورات ومشاريع كثيرة وكل هذه المشاريع مهمات سرية. كنا نقوم بعمل تدريبات شاقة ليلا ونهارا لمدة خمس سنوات في انتظار لحظة بدء إشارة الحرب.
أما عن اليوم الخالد 6 أكتوبر قالوا لنا هناك مشروع جديد علي شاطيء الجبهة بالسويس في منطقة جبل عجوز ونقلنا المعدات. وكانت الكتيبة كلها تعمل في المشروع وألغيت كل الإجازات، بعدما وجدنا الطيران المصري فوق رؤوسنا وقام بالضرب في الطلعة الأولي.
في تلك اللحظة خرجت من داخل قلوبنا جميعا قوة ونداء للحرب وإيمان بالله في النصر. الصول عطية القبطي وهو قائد المجموعة قام بالنداء الله أكبر الله أكبر يالا يا ولاد فرددنا وراءه الله أكبر الله أكبر . وجاءت أوامر بفتح ثغرات في الساتر الترابي. وكنا نفتح ثغرات بحجم 6:10 أمتار، حسب المكان الذي نفتح فيه. وكان يصل وقت فتح الثغرة الواحدة إلي حوالي 3 ساعات. وبعد فتح العديد من الثغرات، أصبحت مهمتنا تأمين الكباري في عيون موسي ولسان بورتوفيق وتأمين عبور فرقتين من فرق الجيش . وكان يتقدمنا دائما في تأمين العبور والمشاريع القادة وهنا أذكر أحمد حمدي الذي استشهد في تأمين أحد المواقع من جراء ضربات العدو وفي 7 أكتوبر وأثناء التأمين ضرب اللنش الذي كنا فيه بصاروخ أدي إلي جرح في الرأس وبجوار عيني، وفي الحال أمرني القائد إلي الرجوع ولكنني رفضت حتي استمكل الحرب من زملائي.
واستمرت حالة التأمين حتي يوم 22 أكتوبر الذي جاءت فيه أوامر بوقف إطلاق النار من جهتنا وتعطيل المعابر لمنع عودة الاحتلال مرة أخري، وفي ذلك الوقت كنا نعلم أن الذي يحاربنا هو أمريكا وليس إسرائيل حيث كانت تخرج علينا الطائرات الأمريكية في السويس من طريق الجنايين والشلوف وأيضا تحاول المدرعات والجنود العودة من خلال تلك الطرق.
وهنا جاءت أوامر مرة أخري بعمل كماين لتعطيل دخول العدو عن طريق عمل حفر برميلين ووضع الألغام في كل مكان نقوم بتأمينه.
وبالفعل وجدنا هجوم من العدو ولكن دمرنا عددا كبيرا من الدبابات وكان لي الشرف تدمير أحدها مما أدي لتراجع الدبابات والالتفاف حولنا وضرب قذائف من بعيد ، وفي ذلك الوقت وجدت عبوة ناسفة بجواري أدت إلي بتر ذراعي اليمني في الحال وعندما رأها ذلك أحد زملائي قام بربطها وكان يريد أن يقف معي ولكن رفضت حتي لا يقل عددنا أمام العدو. ومكثت في موقعي لمدة ستة ساعات وعند الغروب قررت أن أعوم للجهة الشرقية بسيناء لوجود هناك كتيبة طبية للعلاج.
وبالفعل قمت بالسباحة حوالي نصف القنال إلا أن الجرح أدي إلي غيبوبة في الوقت الذي كات فيه طائرات العدو تقذف في المياه صواريخ ، مما أدت بدورها لقذفي نحو الجهة الشرقية ولكني لم أستطيع الخروج من المياه وأصبحت متعلق في الشعب المرجانية والطحالب بأيد واحدة حتي صباح اليوم التالي ولم أشعر في ذلك الوقت بالجوع أو العطش أو النوم سوي الرغبة في أن أعيش أري لحظة النصر لمصر.
وفي 16 نوفمبر 1973 تم عقد اتفاقية بين مصر وإسرائيل بقيادة عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات القوات المسلحة في ذلك الوقت: ونصت علي إخراج الجرحي من السويس وتبادل الأسري، تم نقلي إلي مستشفي وهناك زارتني السيدة جيهان السادات وبعض قادة الجيش وقالوا لي عايز حاجة نعملها لك قلت إللي أنا عوزته أخذته.. وهو النصر وبعدها بأسبوع سافرت إلي يوغسلافيا بعمل أطراف صناعية لكل مصابي حرب أكتوبر وزارنا الرئيس أنور السادات وشكر جميع المصابين علي مجهودهم ووطنيتهم.
وبعدما عرضت القوات المسلحة علي تعيين في وظيفة ولكن اعتذرت وعملت في مجال المقاولات.
وهنا قال هذا أقل عطاء مني لمصر، وختم حواره بحماسة شديدة وقال : ماتقولش إيه ادتنا مصر قول هاندي إيه لمصر.