قرار الرئيس الذى وافتنا به الصحف ١٢ اغسطس بالغاء الاعلان الدستورى التكميلى الصادر فى يونيو يتضمن نقاط فى غاية الخطورة من الناحية القانونية تحتاج الى لفت الانظار اليها
قرار الرئيس الذى وافتنا به الصحف ١٢ اغسطس بالغاء الاعلان الدستورى التكميلى الصادر فى يونيو يتضمن نقاط فى غاية الخطورة من الناحية القانونية تحتاج الى لفت الانظار اليها. فالقرار بكل مكوناته معيب بعيب قانونى جسيم و هو عدم الاختصاص مما يعرضه للالغاء ووقف التنفيذ امام القضاء الادارى.
فمن ناحية اولى، لا يحق للرئيس – بوصفه رئيسا للسلطة التنفيذيه فحسب- أن يزاول السلطة التأسيسية التى تتمثل فى وضع او انشاء او الغاء او تعديل قواعد دستورية. و بالغائه للاعلان الدستورى المكمل الصادر فى يونيو الماضى و بإصدار اعلان جديد مارس الرئيس سلطة تأسيسية كسلطة انتقالية مؤقته شانه فى ذلك شان المجلس العسكرى. و يترتب على ذلك ان يعامل قانونا كسلطة انتقالية مؤقتة مع كل ما يترتب على ذلك من اثار قانونية و منها اولا تتركز فى ايديه كما هو الحال الان السلطة التشريعية و التنفيذية و التأسيسية، بما يعنيه ذلك الوصف الجديد ثانيا من اعتبار الرئيس السلطة الانتقالية الجديدة لمصر حتى العمل بالدستور الجديد وحسب . مما يترتب عليه بحكم اللزوم ترك السلطة الانتقالية التى أكتسبها بقراره و الدخول فى معركة انتخابية جديدة مع سائر المرشحين للرئاسة بعد العمل بالدستور الجديد. ذلك انه من غير المتصور قانونا أن يتمتع رئيس الجمهورية بكافة السلطات فى الدولة الا فى حالة واحدة فقط وهى اعتباره سلطة انتقالية مؤقته تترك السطة فى اليوم التالى للعمل بالدستور الجديد، وفى غير هذا الفرض الوحيد يشوب قرار رئيس الجمهورية عدم المشروعية الجسيم لانه صادر من غير ذى صفة قانونية. حيث لا يحق لرئيس السلطة التنفيذية أن يتولى فى الوقت نفسه الوظيفة التشريعية و التأسيسية فى ان واحد.
ومن ناحية ثانية، الاعلان الدستورى الصادر من الرئيس اعطاه فى مادته الثانية و بوصفه رئيسا للجمهورية وليس بوصفه سلطة انتقالية سلطات الماده ٥٦ من الاعلان الدستورى بما فى ذلك من سلطة سن القوانين و الاعتراض عليها. و مقتضى ذلك أن التشريعات ستعد فى أروقة السلطة التنفيذية و هو امر مخالف لمبدأ الفصل بين السطات و مفاده تركيز السلطات التنفيذية و التشريعية فى يد فرد واحد. هذا الافتئات الجسيم من السلطة التنفيذية على الوظيفة التشريعية يصم القرار بعدم المشروعية الجسيم الا فى حالة واحده وهى اعتبار الرئيس هو السلطة الانتقالية التى تغادر الحكم بمجرد العمل بالدستور الجديد. وطالما لم يتضمن الاعلان الدستورى او غيره من قرارات الرئيس هذه الافادة فلا يمكن الخلوص الى انه سلطة انتقالية او ان نية مصدر القرار تنصرف الى مونه السلطة الانتقالية الجديدة للبلاد التى تنتهى مهمتها بعد أشهر قليلة.
و من ناحية اخيرة يمكن أن نخلص الى أن القرار الجمهورى بوضعه الحالى معيب قانونا و يمكن ان يكون محلا للطعن بالالغاء امام القضاء الادارى و محلا ايضا لوقف تنفيذه امام ذات القضاء للأسباب المتقدمة. اما عن المراسيم بقوانين التى يمكن ان تتخذ خلال هذه الفترة – و بالنظر لطبيعتها التشريعية – فهى من اختصاص المحكمة الدستورية العليا. و هى مقضى عليها بعدم الدستورية قطعا بسبب عيب عدم الاختصاص الجسيم النابع من مباشرة الرئيس للوظيفتين التأسيسية و التشريعية دون ان يعتبر نفسه اولا فى الاعلان الدستورى الذى أصدره سلطة انتقالية بالمعنى الدقيق ينتهى دورها فورا بمجرد العمل بالدستور الجديد.
ايا كانت الاعتراضات السياسية و غير الموضوعية على هذا التحليل فانه التحليل العلمى الوحيد لحالة دستورية معروفة فى بلاد العالم جميعا و هى حالة تركيز السلطات الفعلية فى يد جهاز واحد. و هو ما يسمى بفترة الديكتاتورية . و لو كان الحياء يخدش من الاسم فمن اللائق ان يكون لنا حياء عدم اقتراف المسمى حتى لا تتاذى الاذان بالوصف الصحيح و العلمى للحالة الدستورية الراهنه