أثار قرار الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، بعودة مجلس الشعب عاصفة من ردود الأفعال ما بين التأييد والاستنكار، وبغض النظر عن قانونية القرار
أثار قرار الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، بعودة مجلس الشعب عاصفة من ردود الأفعال ما بين التأييد والاستنكار، وبغض النظر عن قانونية القرار، وهو الأمر الذي تفصل فيه المحاكم المختصة، فقد اعلن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن الموضوع أبعاده أعمق مما يثيره مؤيدي ومعارضي القرار على السواء، ويجب أن ينظر إليه من خلال عدة نقاط اعلنها الحزب الآتي:
1. لا يمكن الحديث عن ديمقراطية حقيقية في مصر مع بقاء سلطات التشريع في يدي المجلس العسكري، فالموقف الديمقراطي السليم هو انتزاع هذه الصلاحيات لصالح مؤسسات منتخبة ديمقراطياً، وإسقاط الإعلان الدستوري المكمل الذي يجعل المؤسسة العسكرية دولة داخل الدولة، وانتخاب الجمعية التأسيسية بصورة مباشرة، مع عدم منح العسكر وصاية من أي نوع على الدستور الجديد.
2. كشف القرار أن رئيس الجمهورية يتمتع بصلاحياته كاملة، بعكس الصورة التي حاول البعض ترسيخها، هذه الصلاحيات يمكنه أن يستخدمها – إن أراد – ليفتح الطريق أمام مسيرة الثورة لتنجز مهامها الأساسية؛ العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية.
3. كل ما نعاني منه من ارتباك وتخبط وأزمات قانونية ودستورية في الفترة الانتقالية، هو من ناحية نتيجة الفشل المتعمد للمجلس العسكري ومحاولاته الدءوبة لتصفية الثورة وإعادة ترميم النظام بدماء الثوار، ومن ناحية أخرى نتيجة انفصال جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من القوى عن مسيرة الثورة وسعيهم للتفاهم مع المجلس العسكري وتأييده لتحقيق مكاسب هنا وهناك.
4. التفاهمات المشتركة بين المجلس العسكري والإخوان تتم بالرعاية الأمريكية، وهو ما ظهر في تأييد الإدارة الأمريكية لقرار مرسي الذي جاء بعد لقاءه مع ويليام بيرنز وكيل وزارة الخارجية الأمريكية، وفي رد الفعل الهادئ للمجلس العسكري، هذه المظاهر التي تنفي وجود أي صدام في الأفق وتطرح التساؤلات بقوة حول قضية الاستقلال الوطني، تعكس أيضاً وجود المصالح المشتركة بين هذه الأطراف الثلاثة، والتي لن تكون بأي حال من الأحوال مصالح الملايين من المصريين الذين قاموا بالثورة من أجل مجتمع العدالة الاجتماعية والحرية.
5. وجود هذه التفاهمات لاينفي وجود نزاع بين طرفي السلطة الآن في مصر؛ المجلس العسكري والإخوان المسلمين، حول مستويات ومساحات الهيمنة التي يحوزها كل منهم، وهو النزاع الذي يحاول كل من الطرفين أن يستغل فيه القوى السياسية الأخرى والجماهير للضغط على الطرف الآخر وإجباره على تقديم التنازلات.
هذه التنازلات، للأسف، لا ترتبط بمطالب الجماهير الحقيقية. فجماعة الإخوان – وهم الطرف الذي يدعي تمثيل الثورة – لا تسعى بجدية لإنهاء دولة الاستبداد بتفكيك وتطهير المؤسسات القديمة وهو ما كان يمكن للرئيس أن يجعله أول قراراته، بل في المقابل تحاول الهيمنة على مؤسسات الدولة القديمة، فقرار إعادة مجلس الشعب في جانب منه هو تحصين لمجلس الشورى من الحل، وبالتالي حماية لمحاولات جماعة الإخوان للسيطرة على الصحف القومية، أيضاً هو ضمان لاستمرار الجمعية التأسيسية القديمة، بدلاً من طرح الانتخاب المباشر لجمعية جديدة تعبر عن التنوع الحقيقي في قلب المجتمع المصري.
فى هذا الاطار أصدر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بيانا قيم فيه قرار الدكتور مرسي في ضوء ما سبق،و انتهى الى أن معيار انتصار الثورة ليس فقط وجود مؤسسات منتخبة، ولكن سعي هذه المؤسسات الدءووب لوضع الثورة في طريقها الصحيح عن طريق
– الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، وإعادة محاكمة كل المحكومين عسكرياً أمام قاضيهم الطبيعي.
– إقرار الحدين الأدنى والأقصى للأجور، وتثبيت أسعار السلع الأساسية وفرض عقوبات مغلظة على كل من يحاول التلاعب بهذه الأسعار.
– تطهير المؤسسات من القيادات الفاسدة، وإنهاء عسكرة مناصب الدولة، ووضع معايير تضمن عدم تغلغل أي فصيل سياسي في هذه المناصب، وإقرار مبدأ الانتخاب لكافة المناصب القيادية مع وضعها تحت الرقابة الشعبية.
– إقالة وزير الداخلية، ومحاسبته هو ومرؤوسيه، وفتح حوار مجتمعي حول كيفية إعادة هيكلة الداخلية – وهي المسألة التي تبنتها عدة مبادرات شعبية – ليكون جهاز الشرطة في خدمة المواطنين، وخاضع لمعايير حقوق الإنسان، وتحت الرقابة الشعبية.
– إعادة النظر في الموازنة العامة التي أقرها المجلس العسكري بعيداً عن أعين المصريين، ورفض أي تحميل لأعباء الموازنة على الطبقات الكادحة، في الوقت الذي تتضخم في ميزانيتي الداخلية والمؤسسة العسكرية وتبتلعان الجانب الأكبر من الموازنة.
– إصدار حزمة القوانين التي تضمن حق المواطنين في التعبير عن رأيهم وممارسة سلطتهم في الرقابة الشعبية، بدءاً من قانون الحريات النقابية وحتى قانون الجمعيات الأهلية، مرورا بقانون حكم محلي يسمح بإدارة محلية منتخبة بدءاً من المحافظين، مع إلغاء كل القوانين والقرارات المقيدة للحريات التي أقرها المجلس العسكري.
و تتساءل قيادات التحالف هذه القرارات وغيرها ينتظرها المصريون، فهل سيجعلها الرئيس وجماعته على جدول أعمالهم أم يضعون طموحاتهم للهيمنة في مواجهة أحلام ملايين المصريين في الحياة الكريمة؟