قضت المحكمة الدستورية العليا حكما متوقعا بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخاب مجلس الشعب, مما يعني تلقائيا حل مجلس الشعب. البعض رأي في ذلك عدوانا علي الشرعية, هؤلاء لم يروا ذلك عندما أصدرت ذات المحكمة
قضت المحكمة الدستورية العليا حكما متوقعا بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخاب مجلس الشعب, مما يعني تلقائيا حل مجلس الشعب. البعض رأي في ذلك عدوانا علي الشرعية, هؤلاء لم يروا ذلك عندما أصدرت ذات المحكمة أحكاما مشابهة في حل مجلس الشعب مرتين في عهد النظام السابق, وإذا كان مفهوما أن القوي التي تتمتع بأغلبية داخل مجلس الشعب تشعر بالحزن والغضب, ولكن ليس مفهوما, أو علي الأقل يحتاج إلي تفسير مشاعر السعادة التي تجتاح قطاعات واسعة من المجتمع لحل مجلس الشعب الذي لم يمض علي انتخابه بضعة أشهر, ولم يعط فرصة كاملة في التشريع والرقابة.
الأسباب قد تكون متعددة, أولها أن هناك ملاحظة جوهرية علي تمثيل قوي الإسلام السياسي داخل مجلس الشعب علي نحو جعل هناك شكلا من أشكال استبداد الأغلبية بالمعارضة, وهو نفس الشكل الذي كان سائدا في ظل الحزب الوطني سابقا, من حيث الاستئثار بالمواقع الرئيسية داخل المجلس, والإصرار علي الهيمنة علي اللجنة التأسيسية لوضع الدستور, وخلافه. ثانيها أن هناك تراجعا في نوعية العضوية داخل المجلس, بحيث يلمس كثيرون أن ثمة تراجع في مستوي تعليم وثقافة كثير من الأعضاء المنتخبين, والذين أتاحت لهم نظم القوائم والدعاية الدينية والحشد الجماهيري الوجود في المجلس التشريعي دون امتلاك المهارات التي تقتضيها العضوية في البرلمان. ثالثها أن مجلس الشعب تحول إلي مكلمة كبري, ضجيج بلا طحن, فضلا عن التحرش بفئات اجتماعية مثل المرأة, أو بمؤسسات مثل الأزهر, أو بسلطات أخري في الدولة مثل السلطة القضائية, وغيرها. ولعل أكبر خطأ, قد لا يغتفره التاريخ أن يأتي أول مجلس شعب بعد ثورة جماهيرية سلمية خاليا من تمثيل الشباب الذين كانوا السبب بمشاركتهم وتضحياتهم في إجراء انتخابات مجلس الشعب, ودخول قوي بعينها للبرلمان الذي ظل كذلك ضعيف الحضور بالنسبة للمرأة والأقباط, غير مدرك لأجندته التشريعية.
ربما يفسر ذلك سر سعادة المواطنين العاديين بحل مجلس الشعب, لكن في كل الأحوال فإن ما حدث كبوة في جهود بناء مؤسسات منتخبة في المرحلة الانتقالية.