شكلت نتائج الانتخابات الرئاسية رؤية مغايرة لكافة الانتخابات السابقة منذ تأسيس الدولة الحديثة على يد محمد على 1805 ، فللمرة الأولى تحوز القوى التقليدية القديمة (الاقليات الدينية و العرقية و الثقافية) على 75% تقريبا من القوى التصويتية
شكلت نتائج الانتخابات الرئاسية رؤية مغايرة لكافة الانتخابات السابقة منذ تأسيس الدولة الحديثة على يد محمد على 1805 ، فللمرة الأولى تحوز القوى التقليدية القديمة (الاقليات الدينية و العرقية و الثقافية) على 75% تقريبا من القوى التصويتية, فى حين حصلت القوى الحديثة على 25% تقريبا من الناخبين ( المثقفين و القوى السياسية المرتبطة بالمجتمع المدنى ) رغم أنهم و للمرة الأولى أيضا كانت القوى التصويتية 60% حضر 40% ريف.
و بالرغم من ذلك شغل الإعلام الرأى العام بثنائيات ظاهرية ظهرت مؤخرا على السطح مثل الإخوان و الحزب الوطنى , ثوار و فلول , مسلمين و مسيحيين دون أن يلتفت أحد الخبراء أو الباحثين لدور الاقليات العرقية و الدينية و الثقافية فى العملية الانتخابية سواء كان هذا الدور بالسلب أو بالإيجاب, الأمر الذى يجب أن يطرح على جدول أعمال المركز البحثية الرصينة كون هذه الانتخابات بالذات تكاد تكون كاشفة لأمراض الدولة الحديثة, و منشئة لأفق جديدة لإعادة صياغة بنيان الدولة المصرية العتيقة .
على سبيل المثال طرح السؤال: لماذا حصل الفريق احمد شفيق على المركز الأول فى محافظة الشرقية رغم أنها مسقط رأس دكتور محمد مرسى، وأحد معاقل الإخوان المسلمين, دون أن يجهد أحد نفسه فى إدراك أن الشرقية موطن أصيل للقبائل العربية التى سكنت الحضر, تلك القبائل التى يبلغ تعدادها حوالى 22 مليون مواطن مصرى منتشرين فى كل البقاع المصرية , و لم يربط أحد يين نتائج الانتخابات فى الشرقية و سيناء و قنا مثلا حيث حصل احمد شفيق و عمر موسى على نصيب الأسد من أصوات المواطنين المصريين من أصول عربية، وإن كانت أصوات المواطنين المصريين من أصول عربية قد توزعت على ثلاثة مرشحين و هم شفيق و موسى و ابو الفتوح، و الأخير تركزت أصواته فى المناطق الصحراوية السلفية مثل مطروح , كذلك توزعت أصوات المصريين الأقباط على أكثر من مرشح و لكن 60% منها تركز على احمد شفيق، و 20% لحمدين صباحى، و 15% مرشحين آخرين, أما عن أصوات النوبة فقد انقسمت بين شفيق و حمدين و مرسى , و تجدر الإشارة إلى أن القوى الحديثة صوتت لحمدين صباحى الذى حاز عل المراكز الأولى فى محافظات حضرية و ساحلية و عمالية مثل الأسكندرية و بورسعيد و البحر الأحمر.
هكذا يمكن رؤية ملامح رغبة أبناء الأقليات فى البحث عن عسكرى قوى يوفر لهم الأمان فى حين ركزت القوى الحديثة على معطيات تجمع ما بين العدالة الاجتماعية و الديموقراطية و الثورة و لكن القوى الحديثة ممثلة فى حمدين صباحى تكاد تكون هى الأقليات من حيث الحداثة رغم أنها حجر الزاوية من أجل مستقبل وطنى.
و هكذا نجد أن القوى التقليدية القديمة دافعت عن مرشح يضمن لها الوجود، وهو الفريق احمد شفيق و غلب على تصويت أبناءها خوف وجودى, و لن تبتعد كثيرا عن ذلك أصوات ناخبى مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى التى صوتت لحلم ماضوى أخر، و هو دولة الخلافة الإسلامية انطلاقا من مصر كولاية صغرى, و يبرز جليا التناقض بين ثلاثة اتجاهات تحدد مستقل الدولة المصرية الحديثة, و انطلاقا من الناخبين فإنه لا فرق بين القوى القديمة الإسلامية و العرقية و الدينية التى تؤيد الفريق شفيق و بين القوى القديمة الدينية ايضا التى تؤيد الدكتور مرسى، فكلاهما و بعيدا عن التقسيمات السطحية ما بين فلول و ثوار سيعود بالدولة المصرية للوراء, فى حين الاصوات التى صوتت للدولة المصرية الحديثة تعانى من خلل هيكلى و تشرذم, و الغريب و المثير للدهشة أن أغلب الأحزاب (الليبرالية) و التى يفترض أنها تشكل حجر الزاوية لبناء الدولة الحديثة يغلب على عضويتها أبناء الأقليات الدينية و العرقية التى تعد من القوى القديمة.
أقول قولى هذا و اسغفر الله لى و للقوى القديمة و الحديثة.
إ س