عندما تم تنصيب قداسة البابا شنودة الثالث على كرسى مارمرقس عام 1971 كان الرئيس السادات قد أطلق العنان لجماعات الإسلام السياسى، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين حيث أفرج عنهم ودعم تواجدهم
عندما تم تنصيب قداسة البابا شنودة الثالث على كرسى مارمرقس عام 1971 كان الرئيس السادات قد أطلق العنان لجماعات الإسلام السياسى، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين حيث أفرج عنهم ودعم تواجدهم في الجامعات المصرية، وذلك بحجة القضاء على الاشتراكيين والشيوعين وتدمير شعبية عبد الناصر مما جعل هذا التيار يستفحل ويتوحش.
و سيطرت جماعة الإخوان على الشارع المصرى بالفعل ثم اتجهت لتنشب أنيابها فى الأقباط وقامت بنشر شائعات ضد البابا شنودة من خلال تقرير مزيف تم توزيعه على نطاق واسع .وجاء فيه أن البابا يريد إقامة دولة للاقباط فى الصعيد وأنه لابد من أن يزيد الأقباط نسلهم ويعقم أطباء الأقباط المسلمين فلا ينجبون إلى آخر ذلك من تهم باطلة تكررت كثيرا .ومن الشائعات إلى عمليات استهدفت قتل الأقباط وحرق كنائسهم من الخانكة إلى الزواية الحمراء.ثم الصدام مع السادات بعد رفض البابا تطبيق الشريعة وقانون الردة وصولا إلى قرارات ستمبر1981وتستمر الجماعات فى أعمالها الإرهابية فى الثمانينات والتسعينيات .وقبل رحيل البابا بعام وبعد ثورة 25 يناير تحولت هذه التنظيمات المحظورة قانونا إلى جماعات معلنة وأحزاب سياسية تقترب بقوة من سدة حكم مصر بعد أن سيطرت بأغلبية ساحقة على البرلمان المصرى .وهكذا بين تنصيب البابا ورحيلة ازدهرت جماعات الاسلام السياسى .
ومن هذا المنطلق كتب الزميل روبير الفارس كتابه الجديد ( البابا شنودة والتيارات الاسلامية ) الذى يقع فى 112 صفحة من الحجم المتوسط، ويكشف عن علاقة قداسة البابا بهذه الجماعات ويوثق للمواقف الشائكة من خلال الكتب والمجلات الإسلامية .والتى دخلت فى حروب مكررة ضد البابا شنودة .بدأت بالرد على مقال البابا الذى نشره فى السبعينات بمجلة الهلال وصدر فى كتيب بعنوان ( المسيحية فى القران ) والتى شرح فيه البابا ما يؤكد على التسامح بين الأقباط والمسلمين من خلال آيات القران الكريم التى تؤكد على مودة النصارى وتكريم المسيح والعذراء، ولكن الأمر استفز الجماعات الإسلامية أن البابا قد قدم قراءات مغلوطة وينشر الكاتب نص هذا الرد ليكشف رفض هذه الجماعات لفكر التسامح والذى إتضح بصورة أكبر فى التقرير المزيف ونشر الشائعات المحرضة على البابا والأقباط وهى طريقة اعتمدتها الجماعات المتطرفة فى نشر الشائعات ثم القيام بعمل إرهابى كتبرير للكذبة التى أطلقوها.
ويتعرض الكتاب لعلاقة البابا شنودة بجماعة الإخوان المسلمين حيث يكشف روبير أن قداسته التقى من قبل بعدد من مرشدى الجماعة منهم دكتور حامد ابو النصر وعمر التلمسانى و لم يكن لقائه مع الدكتور محمد بديع هو الأول مع مرشد للإخوان المسلمون .وقد وصف البابا هذه اللقاءات بالودية مع التأكيد على أن الجماعة وفكرها ذات مواقف متشددة ضد المسيحين .وقد استعرض الكاتب بعض كتابات الإخوان المتلونة عن قداسة البابا من ذلك مقال محمد عبد القدوس فى جريدة الدستور بتاريخ 21 ستمبر 2005 والتى وصف فيها البابا شنودة بالمتطرف ومقالته فى جريدة وطنى فى 2 يوليو 2006 التى كان عنوانها البابا شنودة الإنسان.
إن ثراء الكتاب بالوثائق والمواقف يصعب عرضه أو تلخيصه ولكنه يقدم بالفعل إحدى الجوانب التى كانت إلى تحتاج إلى تسليط الضوء لكشف المزيد من أفكار وخفايا تيارات الإسلام السياسى ومواقفها من الأقباط.
روبير صدر له 24 كتابا منها السادات فى ذاكرة الأقباط أيام الوجع والنصرة .وكتاب أيام السجن والصلاة مذكرات البابا والأساقفة والكهنة فى سجون ستمبر وكتاب فى الفلكلور القبطى.
إ س