أهم العناوين
رحيل البابا شنودة الثالث .. حكيم المسيحيين الذي عارض زيارة للقدس ووقف ضد التدخل الأجنبي / الشرق الأوسط الدولية.
رحيل البابا شنودة يترك مصر عند مفترق طرق / الحياة اللندنية.
الأقباط يشيعون البابا شنودة الثالث إلي مثواه الأخير/ السياسة الكويتية.
الأنبا باخوميوس يتولي منصب قائمقام البابا / السفير اللبنانية.
البابا شنودة فقيد المسلمين ايضا / القدس العربي الدولية.
متابعات وتحليلات:
مفترق طرق
اهتمت الصحف العربية بنياحة قداسة البابا شنودة الثالث وأفردت مساحات واسعة تناولت حياة البابا ودوره المؤثر في الحياة العامة والفراغ الذي قد يحدث بعد رحيله. جريدة ##الحياة## اللندنية قالت أن وفاة البابا تضع مستقبل العلاقات بين مسلمي مصر ومسيحييها علي مفترق طرق, خصوصا أنها تأتي في وقت حرج يمتاز فيه المشهد السياسي بسيولة غير مسبوقة وتشهد فيه العلاقات الطائفية توترا متزايدا.
وقالت الجريدة أن قداسة البابا الذي رسم بطريركا للكرازة المرقسية خلفا للبابا كيرلس السادس في 14 نوفمبر 1971, ترافق صعوده مع تولي أنور السادات رئاسة البلاد, ليصطدم الرجلان وبلغ الصدام ذروته علي خلفية الأسلمة المتزايدة للحياة العامة, وأصدر الرئيس الراحل قرارا بعزل البطريرك ونفيه إلي وادي النطرون في سبتمبر 1981, بعدما احتج علنا علي الاعتداءات التي طالت أقباطا في مصر من قبل الجماعات الإسلامية. لكن الرئيس المخلوع حسني مبارك أعاد البابا شنودة إلي منصبه في عام 1985, ليؤسس الرجلان علاقة تناغم شابتها موجات توتر كانت تثيرها أحداث طائفية هنا أو هناك.
أضافت ##الحياة## أن البابا لم يكن مجرد شخصية دينية عالمية جلس علي رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – التي يشكل أتباعها أكبر أقلية مسيحية في الشرق الأوسط تقدر بنحو 10 ملايين-فدوره تجاوز الجانب الديني إلي السياسي والاجتماعي والاقتصادي, ليرسخ للكنيسة حضورا طاغيا في حياة اتباعها مستندا في ذلك لما له من حضور طاغ وشعبية كبيرة. وعرف البابا شنودة بعلاقاته الطيبة مع القيادات الإسلامية في مصر, وتدخل مرارا لنزع فتيل أزمات طائفية عديدة.
وأشارت الجريدة إلي أن رحيل البابا شنودة يأتي ليضيف إلي التعقيد الذي تتسم به المرحلة الانتقالية في مصر, وستحدد شخصية البابا المقبل ورؤيته الاتجاه الذي سيسير فيه مستقبل مثلث العلاقات بين الكنيسة والدولة, وبين الكنيسة والأقباط, وبين الأقباط والمسلمين, ما يجعل مسألة الخلافة في كاتدرائية العباسية لا تقل أهمية عن مسألة الخلافة في القصر الرئاسي, خصوصا أنهما تتقاطعان كما حدث في بداية عهد البابا الراحل.
فقيد المسلمين أيضا
من أبرز ما كتب عن قداسة البابا في الصحافة العربية عقب رحيله, كان افتتاحية الكاتب عبد الباري عطوان رئيس تحريرجريدة ##القدس العربي## الدولية بعنوان ##البابا شنودة فقيد المسلمين ايضا##. قال عطوان: ##لم يحظ زعيم قبطي علي مدي الخمسة قرون الماضية ,وربما اكثر, بما حظي به البابا الراحل الانبا شنودة من احترام وتقدير من قبل المسلمين قبل المسيحيين في العالم العربي, بسبب حكمته المرتكزة علي ثوابت وطنية لم تتزحزح مطلقا, رغم الضغوط الكبيرة التي تعرض لها من داخل مصر وخارجها##.
أضاف الكاتب أنه التقي البابا مرة واحدة فقط علي متن طائرة مشيرا إلي أنه عبر له عن تقديره وتقدير الغالبية الساحقة من العرب,مسلمين ومسيحيين, لمواقفه الرافضة للتطبيع مع اسرائيل, ومعارضته لاتفاقات كامب ديفيد, وورفضه زيارة الكنائس والمقدسات المسيحية في المدينة المقدسة. فقال له البابا أنه سيسخر كل حياته من اجل استعادة الحقوق المغتصبة في فلسطين كاملة دون نقصان. وقال باللهجة المصرية المحببة ##الفلسطينيون دول اهلنا واخوتنا, ولا يمكن ان نتخلي عنهم أبدا##.
أشار عبد الباري عطوان إلي أن البابا شنودة كان منحازا دائما الي نصرة المستضعفين, ومدافعا صلبا عن هوية مصر العربية ووحدتها الوطنية, وداعيا للتعايش بين ابناء الامة من المسيحيين والمسلمين, لم يتراجع قيد انملة عن هذه المبادئ والقيم الاخلاقية قبل الوطنية, ولهذا استحق عن جدارة لقب ##بابا العرب## دون منازع. ففي الوقت الذي بلغ النفاق ذروته في مصر مدحا بزيارة الرئيس الراحل محمد انور السادات للقدس المحتلة, وقف البابا شنودة وقفته الرجولية التي سجلها له التاريخ, وعارض هذه الزيارة, وانضم الي قائمة الشرف التي ضمت 1531 من رجالات مصر الذين اودعهم الرئيس السادات السجن, لمعارضته خطوته هذه.
وقال الكاتب: ##هزات طائفية عديدة تعرضت لها مصر, بسبب غلاة التطرف في الجانبين الاسلامي والمسيحي, حيث جري احراق كنائس في رأس السنة القبطية, ثم جاءت احداث الزاوية الحمراء , وتوالت بعدها احداث طائفية عديدة, وكانت حكمة البابا شنودة هي عجلة الانقاذ في معظم الحالات, حيث عمل دائما علي التهدئة وامتصاص النقمة, والتعاون بالكامل مع مؤسسة الأزهر##.
واختتم عطوان افتتاحية ##القدس العربي## بقوله: رحم الله البابا شنودة, فقد كان من رجال الامة العظام, ورموزها الابرز, ومثالا ناصعا في التعايش والتحابب, والحفاظ علي الهوية الوطنية المصرية الجامعة الموحدة, في اشد الظروف حلكة في تاريخ البلاد .. انها خسارة قد لا تعوض, وأملنا ان يواصل خلفه إرثه العظيم هذا, ويسير علي هديه, ويتمسك بقيمه, ويبشر بثوابته, ويحافظ علي الهوية الوطنية للكنيسة القبطية.
##أصبحت أعظ##
مقال آخر بعنوان ##بعدما كنت عظة أصبحت أعظ## نشرته جريدة ##النهار## اللبنانية في رثاء قداسة البابا شنودة للأب جوزف كميل جبارة. قال الأب جوزف أنه بهذه الكلمات البسيطة عبر قداسة البابا عن التحول الجوهري الذي طرأ علي حياته حين استدعاه البابا كيرلس السادس من ديره ليرغمه علي قبول الدرجة الاسقفية. انقلب فجأة من عظة حياة تعلم الآخرين طريق البر والقداسة الي واعظ يطرب الناس لسماع مواعظه الخلابة.
أضاف إن الفرق شاسع بين ان يكون المرء عظة في حياته ومسلكه, وبين ان يكون واعظا تنساب الكلمات علي شفتيه لكن أثرها لا ينعكس في حياتهم, لانهم يعرفون ان المتكلم او الخطيب غريب عما يقول ويعلم.
وواصل الأب جبارة قائلا: وعظ هذا الراهب الذي تبوأ الكرسي الاسكندري فيما بعد, بصلاته وصيامه وقيامه. وعظ خصوصا بصمته ومحبته وفرحه الداخلي, وعظ بجهاده الروحي وصبره ونسكه. وعظ في اطار الجماعة الديرية التي امضي فيها السنوات الطويلة من عمره, ولكن صدي حياته واشعاعها تخطي اسوار الدير وحصنه فوصل الي الكثير من المؤمنين العائشين وسط هذا العالم ومن ذوي الانتماءات الكنسية المختلفة.
واختتم مقاله قائلا: ##ما احوجنا في هذه الأيام العصيبة, في زمن الشاشة و##الانترنت## و##التويتر## وغيرها من وسائل الاتصال التي سهلت وصول الكلمة, ولكنها قللت من وقعها, ما احوجنا الي شخصيات بهذا الوزن والطراز. الي رجال دين ودنيا يعظوننا بحياتهم وعملهم ومحبتهم, وفي أحيان كثيرة بصمتهم المثقل بالعبر, اكثر مما يعظوننا بكلامهم. يدلوننا بمسلكهم وعيشهم علي الطريق القويم, أكثر مما يحدثوننا عنه بالكلمات والنعوت.. رحل الواعظ الي بلاد النور والجمال, وبقيت العظة الحية بين ظهرانينا الي مدي الاجيال##.