وفيما هو يتكلم بهذا رفعت امرأة صوتها من الجميع وقالت له طوبي للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما ## أما هو فقال بل طوبي للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه##
هذا النص لا نجده إلا عند لوقا لذا فهو نص لوقاني تقليد خاص به إلا أن هذا المقطع الإنجيلي موجود ضمن قسم الأول من رحلة السيد الكبري إلي أورشليم حيث ستكون المواجهة حاسمة بين يسوع المسيح وبين الشعب اليهودي. إن السيد يعرف أنه ماض إلي موته القريب.
هذه الآيات اقتحمت إلي هذا النص الإنجيلي من لوقا لإبراز دور مريم وإلي أهميتها في تأدية رسالة يسوع المسيح للبشر وأيضا الارتباط بين مريم وبين يسوع . إن مريم التي هي ##بنت صهيون ## و ## أم يسوع ## , لا تنفصل أيضا , في نظر لوقا عن الكنسية وهو يراها حاضرة في جميع مراحل تاريخ الخلاص لذا نري لوقا يتحدث عن العذراء أكثر من باقي كتاب العهد الجديد . نجد في إنجيله أربع فقرات تتعلق بمريم اثنتان منها تطابقان تقاليد معروفة من مرقس ومتي , واثنتان تنتميان إلي تقاليد ينفرد بها لوقا (3: 23) و( 11: 27- 28 )وفي القسم الثاني من( أعمال الرسل14/1).
أما بخصوص هذا الهتاف التلقائي من جانب امرأة لم يذكر إلا عند لوقا لكن اسم امرأة مجهول الهوية والمعروف أنها من نساء ذلك الجمع,حيث سمعت كلام المسيح وتعجبت من هذا التعليم وبالأحري أنها شاهدت المعجزات , وشهدت , وأظهرت تعجبها . هذا الهتاف كان اعتراف ضمني بأن المسيح هو المسيا كما يتضمن مدحا وتعظيما,ولعلها رأت أنها لا تستحق أن تبارك المسيح نفسه فباركته بمباركة أمه لأجله . لكن المسيح لم يلتفت إلي كلامها وأيضا لم يرفض ما قالته بل وجهها إلي ما هو أكثر أهمية ألا وهو العلاقة الصحيحة بين الله والإنسان من خلال كلمته المحيية الباقية إلي الأبد إذا الأهم هو الاستماع إلي كلام الله وحفظه , يأتي كلام الله ويصل إلي الإنسان عن طريق تعاليم السيد من خلال دراسة الكتاب المقدس ومن خلال الكنيسة وممارسة الأسرار المقدسة.
إن أفضل النسب الجسدي ينتهي بالموت أما الذي يسمع كلام الله ويعمل به ويثبت إلي الأبد فيكون من النسب الروحي الذي يكون الأعظم من تلك النسب لأن المسيح قال : ## من هي أمي وأبي وإخوتي … لأن من يصنع مشيئة أبي .. هو أخي وأختي وأمي ## (لوقا1: 38 و47 ) وشهدت بإيمانها اليصابات بقولها: ## طوبي للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب ## (لوقا :45/1) .
تلك المرأة التي صرخت بيسوع قائلة طوبي للبطن الذي حملك وللثديين الذين أرضعاك, لم تكن تعرف شيء عن مريم إلا أنها رأت يسوع وفرحت به وقالت له طوبي لمريم أو للمرأة التي حملتك. ولذلك يسوع يجيبها معلما إياها ومعلما كل الناس ما يجب أن تكون العلاقة بيننا وبين مريم قائلا لها بل قولي: طوبي لكل إنسان يسمع كلام الله ويحفظه. ولكن ليس من غريب الصدف أن تكون مريم هي أولي من سمعت كلام الله ومن حفظه في قلبها. الإنجيل يذكر ذلك ##كانت مريم تحفظ كل هذه الأشياء وتردده في قلبها##, عندما بشرها الملاك مريم العذراء كانت أولي من سمع كلام الله وقبله قبولا كاملا في حياة الكون عندما قالت للملاك هاأنذا أمة الرب فليكن لي حسب قولك مريم بذلك سمعت كلام الله وحفظته. وهي بهذا الموقف ردت علي حواء أمنا الأولي التي رفضت أن تسمع كلام الله ورفضت أن تحفظه في قلبها عندما قالت لا! أريد أن آكل من الثمرة المحرمة. مريم العذراء إذا صارت مثالا لنا إذا أردنا حقا أن نسمع كلام الله وأن نحفظه في قلبنا.
فيا مريم نحن نلجأ إليك في هذا الأحد المبارك, أعطينا روح ابنك أعطينا إيمانا حقيقيا فنصبح أبناء الكنيسة خميرة طيبة يفوح منها رائحة ابنك الحبيب ربنا يسوع المسيح .