القمص متي عبد الملاك أبسخريون اسم مولده وهبة عبد الملاك, هو الثاني وسط إخوته (صمؤيل- وهبه- نجيب- ماري- جنفياف) ولد 30مارس عام 1931 في طهطا, والده المقدس عبد الملاك أبسخريون حافظ الألحان وعاشق اللغة القبطية, والأم هيلانة حنا امرأة تقية, وكان لمحل إقامته العائلة بجوار كنيسة ودير أبو سيفين الأثرية عميق الأثر في ارتباط العائلة بالكنيسة, وزاد من هذا وجود اثنتين من العمات راهبات في هذا الدير تنيحتا في ستينيات القرن الماضي (أمنا منجدة- أمنا رفقة). بدأ القمص متي تعليمه الابتدائي بالمدراسة الإنجليزية بالمنيل وتدرج حتي التحق بكلية العلوم وتخرج في قسم الفيزياء عام 1953, حصل بعدها علي دبلومة التربية عام 1954 أتم دبلومة خاصة في التربية وعلم النفس عام 1961 وعمل مدرسا لمادة الفيزياء- وتطلبت الوظيفة أن ينتقل للعمل بمدينة (ميت غمر- الغربية) ثم مدينة (طهطا- سوهاج) ثم أخيرا استقر بالقاهرة .. وكان لهذه التنقلات عبر المحافظات بركات كثيرة علي المستوي الروحي والعمل الخدمي.
حيث أسس بعض الخدمات الاجتماعية في هذه المدن التي زارها وتعرف خلالها علي عدد من أهم الشخصيات في تاريخ العمل الكنسي والخدمي منها علي سبيل المثال الدكتور طلعت عبده حنين (1925- 2001) .. وكان وهبه عبد الملاك متميزا في مجال عمله لذا أوفدته وزرة التربية والتعليم إلي مركز تطوير تدريس العلوم بجامعة عين شمس في الفترة (من ديسمبر عام 1974 إلي يوليه عام 1975) واجتازها بتفوق وأعطيت له شهادة لإسهامه العميق في مجال نشاط المركز بشعبة الفيزياء كما أرسل إليه الاتحاد الاشتراكي العربي شهادة تقدير وتهنئة في عيد المعلم عام 1974 تشهد له بتميزه في هذا المجال, وفي مجال دراسته وشهاداته اللاهوتية فقد حصل القمص متي عبد الملك عام 1974 علي بكالوريوس في العلوم اللاهوتية, وفي عام 1997 علي ماجستير التاريخ القبطي من معهد الدراسات القبطية, وله العديد من الدراسات والأبحاث في تاريخ الكنيسة, أيضا كان أبونا متي عبد الملك أحد الكتاب الأساسيين الذين عملوا لفترة ليست بقليلة في باب من دفتر أحوال الوطن بجريدة وطني فيذكر الأستاذ فيكتور سلامة أن أستاذنا الراحل أنطون سيدهم كان قد رأي في بداية التسعينيات أن كثيرا من المشكلات التي يعاني منها الأقباط وكل ما يطلقون عليه أحداثا مؤسفة تجري في وقتنا الراهن, إنما ترجع بشكل أساسي إلي ذبول الذاكرة الوطنية للشعب المصري الواحد مسلمين وأقباط, ولهذا رأي أن تخصص وطني إحدي صفحاتها لإنعاش وتجديد هذه الذاكرة, فكان ميلاد صفحة جديدة أطلق عليها من دفتر أحوال الوطن في مايو عام 1992, أثراها جمع من أهل الخبرة والفكر والمعرفة الذين كانوا يحملون في عقولهم زادا من العلوم وفي قلوبهم فيضا من قصص نجاح, وفي بداية عام 1999 انضم القمص متي عبد الملك إلي الباب مساهما في إحياء الذاكرة المصرية التي أصابها الصدأ من خلال عرضه لسير وترجمات عدد من الشخصيات القبطية ذات التاريخ الحافل بالعطاء والخدمة, ومنذ ذلك الوقت عرفناه مؤرخا مدققا يخوض في كثير من المراجع ويبذل جهدا للاتصال بكل من له صلة بالشخصية التي يتناولها, حريصا علي جمع الصور التي تعد مقتنيات نادرة ثم يأتي إلي وطني في تواضع جم يعطينا جهده المضني الذي كان يورخ فيه لأسماء قبطية بارزة في المجتمع المصري منهم إيفون ناشد, إلين تادرس, ابن سباع العلامة يوحنا بن زكريا من العصور الوسطي, المهندس سعيد بن كاتب, شمس الرئاسة أبو البركات بن كبر عالم قبطي من القرن الثالث عشر الميلادي, الدكتور طلعت عبده حنين, دكتور رشاد برسوم, دكتور عوني جرجس, دكتور ميشيل باخوم, القس متي يوحنا, المعلم المرتل كامل باخوم إبراهيم المسعودي, الطيار تحتمس كامل غبريال وغيرهم.
* حياته الزوجية:
في عام 1960 تزوج الأستاذ وهبه عبد الملاك من السيدة عايدة جندي بشارة (1932-2007) وتشاركا معا في خدمة الرب في أماكن عديدة بالمحافظات, فكانت زوجته هي أول من أسس اجتماعا للشابات بكنيسة مارجرجس في كوتسيكا شمال حلوان عام 1961, وفتحا الزوجان بيتهما للإجتماع الروحي وتعرضت هذه الشركة التي امتدت لأكثر من سبع وأربعين سنة إلي العديد من التجارب التي اجتازاها معا بكل شكر وتسليم بدأت بعدم إنجاب نسل, فخضعا لإرادة الله وكانت الجملة التي تردد هي ربنا أعطانا الوقت للتفرغ والاهتمام بتربية أولاد المخدومين, ثم جاءت تجربة شوكة الجسد لتاسوني عايدة بكسر شديد في ساقها ألزمتها الرقاد في المنزل فترة طويلة حتي تنيحت يوم 1 يونيه عام 2007, وكانت لحظة انتقالها لحظة فارقة حيث بدأت الحالة الصحية والنفسية لأبينا متي تتدهور بخلاف ما كان يظهره أمام الآخرين من التماسك والقوة.
* الوداع الاخير لأبينا متي:
في السنوات الخمس الأخيرة أصيب أبونا متي عبد الملك بفشل كلوي اضطر علي أثره أن يقوم بغسيل للكلي ثلاث مرات أسبوعيا.. هذا الأمر مع تقدم السن وانتقال زوجته. أضاف إلي عمره عمرا فوق عمر, ومع ذلك لم يقصر في الخدمة وإقامة القداسات الإلهية إلا في أشد الأوقات صعوبة, والتف حول أبينا متي في نهاية حياته الخدام والخدمات ليلا ونهارا ساهرين علي خدمته بكل الحب لهم من الشواهد والدلائل الكثير من روحانية هذا الرجل وشفافيته وبالأكثر في أيامه الأخيرة!! وتدهورت حالته الصحية في السنة الأحيرة واشتد الألم. في كل هذا كان يشكر الله ويحتمل بشكر ولم يتذمر مرة, وصار ملازما للفراش لفترات طويلة ولم يدخل الكنيسة في عامه الأخير إلا مرات معدودة آخرها كان ليلة عيد القيامة وللمرة الأولي لم يحضر أبونا متي وسط شعبه في أسبوع الآلام ولم يصل أحد الشعانين وخميس العهد.. ولا قطع التاسعة يوم الجمعة العظيمة, ولا سوسنة ليلة أبو غالمسيس.. فتجمع عدد من الخدام والخادمات في بيته ليلة خميس العهد وصلوا معه. وصار من الواضح أن الجسد أعلن عن نهايته ليستريح بعد رحلة طويلة وشاقة مليئة بالحب والخدمة ,الصلاة.. لتبدأ رحلة جديدة في أبدية سعيدة لا تنتهي. دخل أبونا متي عبد الملاك المستشفي لمدة ثلاثة أسابيع متصلة تقريبا, زاره خلالها الكثير من آباء الكنيسة وجاء فجر الاثنين 11 يوليه 2011 ليسمع الصوت أما أنت فاذهب إلي النهاية فتستريح وتقوم لقرعتك في نهاية الأيام,, (دا 12:13). وفي الوداع الأخير يدخل أبونا متي عبد الملاك الكنيسة في تقدمة الآباء والشمامسة ممسكين بالرايات في زفة جميلة من خارج أبواب الكنيسة حتي يرقد أمام المذبح في السادسة فجر الثلاثاء 12 يوليو (تذكار الآباء الرسل), ويصلي الآباء الكهنة قداس اللقان ويمسحونه بالماء للمرة الأخيرة وهو الذي كثيرا ما اتزر بمئزرة وغسل أرجل الآباء.. ثم القداس الإلهي وبعدها تركت الفرصة لجماهير الشعب الذي حضر من كل مكان ليأخذ البركة, وتلقي نظرة الوداع. ثم بدأت الصلوات في خشوع ومهابة يتقدمها كلا من الأنبا متاؤس رئيس دير السريان العامر, الأنبا بسنتي أسقف حلوان والمعصرة, والآنبا ثيؤدسيوس أسقف عام البحيرة, الأنبا ديفيد النائب الباباوي بأمريكا, وحضر أيضا قرابة المائة من الآباء الكهنة من مجمع كهنة البحيرة والقاهرة وحلوان وطهطا وبني سويف, وممثلي عن بعض الأديرة, ووسط شعب كثير قارب الأربعة آلاف ولفيف ضخم من الشمامسة استمرت الصلوات قرابة الساعتين تخللتهما كلمة لنيافة الأنبا ثيؤدسيوس الذي تكلم بإيجاز من حياة وتعب أبونا متي قائلا: في عيد الآباء الرسل الذي فيه نتذكر الكهنوت الرسولي الذي سلمهم إياه السيد المسيح وظل ينتقل من جيل إلي جيل كونهم تعبوا في نشر الكرازة ونتذكر دماءهم التي سفكت علي أسم السيد المسيح يعز علينا فيه أن نودع أبا فاضلا كاهن جليلا من مجمع البحيرة, وكما جاءت الدعوة للآباء الرسل فأطاعوا جاءت إليه الدعوه فرسمه الأنبا دوماديوس في 20 مايو عام 1979 علي كنيسة القديسة دميانة بالهرم, كان خادما هاديء الطباع, محبا للصلاة, وكنت أحضر معه في بعض الصلوات, وكان أب اعتراف لي لفترة طويلة, فإنني أتذكر مهابة الكهنوت فيه وحفاظه علي كهنوته الطاهر عفيفا ونقيا, وتكلم كذلك نيافة الأنبا متاؤس, ثم حمل الآباء الجثمان الطاهر يزفونه حول المذبح ثم زف الشمامسة حول الكنيسة ووسط الشعب وفي لمح البصر يجري الجثمان ليخرج من كنيسته للمرة الأخيرة دون عودة وتبكي معه قلوب الكبار والصغار والرجال والنساء, وتنتهي الرحلة من حيث بدأت (دير وكنيسة أبو سيفين الأثرية) حيث مدفن العائلة الذي اهتم ببنائه وترميمه أبونا متي بنفسه, وانهالت برقيات العزاء من كل مكان علي رأسها برقية قداسة البابا شنودة الثالث ولفيف من الآباء المطارنة والأساقفة تجاوز العشرين, وتاماف كيرية رئيسة دير أبو سيفين ودير مارجرجس للراهبات وعدد من الآباء الكهنة والرهبان والإكليروس كما أرسلت البرقيات من أجهزة وقيادات الدولة ممثلة في الرئيس الأعلي للقوات المسلحة ورئيس الوزراء, وأيضا الدكتور صفوت البياضي رئيس الطائفة الإنجيلية وأيضا مدير العلاقات العامة بدار الكتاب المقدس. أخيرا نقول لأبينا متي عبد الملك:
ارقد الآن من سلام فما عاد للأتعاب علي الجسد سلطان
ارقد الآن في سلام في سماء لا تعرف الجوع أو العطش أو الأحزان
ارقد الآن في سلام أمام عرش النعمة.. فأنت تعرفه منذ زمان
** في ذكراه الأربعين…
* القمص متي عبد الملك (30مارس 1931- 11 يوليه2011)…
* مؤرخ قبطي أسهم في إنعاش الذاكرة المصرية بوطني
إيفا..
القمص متي عبد الملاك أبسخريون اسم مولده وهبة عبد الملاك, هو الثاني وسط إخوته (صمؤيل- وهبه- نجيب- ماري- جنفياف) ولد 30مارس عام 1931 في طهطا, والده المقدس عبد الملاك أبسخريون حافظ الألحان وعاشق اللغة القبطية, والأم هيلانة حنا امرأة تقية, وكان لمحل إقامته العائلة بجوار كنيسة ودير أبو سيفين الأثرية عميق الأثر في ارتباط العائلة بالكنيسة, وزاد من هذا وجود اثنتين من العمات راهبات في هذا الدير تنيحتا في ستينيات القرن الماضي (أمنا منجدة- أمنا رفقة). بدأ القمص متي تعليمه الابتدائي بالمدراسة الإنجليزية بالمنيل وتدرج حتي التحق بكلية العلوم وتخرج في قسم الفيزياء عام 1953, حصل بعدها علي دبلومة التربية عام 1954 أتم دبلومة خاصة في التربية وعلم النفس عام 1961 وعمل مدرسا لمادة الفيزياء- وتطلبت الوظيفة أن ينتقل للعمل بمدينة (ميت غمر- الغربية) ثم مدينة (طهطا- سوهاج) ثم أخيرا استقر بالقاهرة .. وكان لهذه التنقلات عبر المحافظات بركات كثيرة علي المستوي الروحي والعمل الخدمي.
حيث أسس بعض الخدمات الاجتماعية في هذه المدن التي زارها وتعرف خلالها علي عدد من أهم الشخصيات في تاريخ العمل الكنسي والخدمي منها علي سبيل المثال الدكتور طلعت عبده حنين (1925- 2001) .. وكان وهبه عبد الملاك متميزا في مجال عمله لذا أوفدته وزرة التربية والتعليم إلي مركز تطوير تدريس العلوم بجامعة عين شمس في الفترة (من ديسمبر عام 1974 إلي يوليه عام 1975) واجتازها بتفوق وأعطيت له شهادة لإسهامه العميق في مجال نشاط المركز بشعبة الفيزياء كما أرسل إليه الاتحاد الاشتراكي العربي شهادة تقدير وتهنئة في عيد المعلم عام 1974 تشهد له بتميزه في هذا المجال, وفي مجال دراسته وشهاداته اللاهوتية فقد حصل القمص متي عبد الملك عام 1974 علي بكالوريوس في العلوم اللاهوتية, وفي عام 1997 علي ماجستير التاريخ القبطي من معهد الدراسات القبطية, وله العديد من الدراسات والأبحاث في تاريخ الكنيسة, أيضا كان أبونا متي عبد الملك أحد الكتاب الأساسيين الذين عملوا لفترة ليست بقليلة في باب من دفتر أحوال الوطن بجريدة وطني فيذكر الأستاذ فيكتور سلامة أن أستاذنا الراحل أنطون سيدهم كان قد رأي في بداية التسعينيات أن كثيرا من المشكلات التي يعاني منها الأقباط وكل ما يطلقون عليه أحداثا مؤسفة تجري في وقتنا الراهن, إنما ترجع بشكل أساسي إلي ذبول الذاكرة الوطنية للشعب المصري الواحد مسلمين وأقباط, ولهذا رأي أن تخصص وطني إحدي صفحاتها لإنعاش وتجديد هذه الذاكرة, فكان ميلاد صفحة جديدة أطلق عليها من دفتر أحوال الوطن في مايو عام 1992, أثراها جمع من أهل الخبرة والفكر والمعرفة الذين كانوا يحملون في عقولهم زادا من العلوم وفي قلوبهم فيضا من قصص نجاح, وفي بداية عام 1999 انضم القمص متي عبد الملك إلي الباب مساهما في إحياء الذاكرة المصرية التي أصابها الصدأ من خلال عرضه لسير وترجمات عدد من الشخصيات القبطية ذات التاريخ الحافل بالعطاء والخدمة, ومنذ ذلك الوقت عرفناه مؤرخا مدققا يخوض في كثير من المراجع ويبذل جهدا للاتصال بكل من له صلة بالشخصية التي يتناولها, حريصا علي جمع الصور التي تعد مقتنيات نادرة ثم يأتي إلي وطني في تواضع جم يعطينا جهده المضني الذي كان يورخ فيه لأسماء قبطية بارزة في المجتمع المصري منهم إيفون ناشد, إلين تادرس, ابن سباع العلامة يوحنا بن زكريا من العصور الوسطي, المهندس سعيد بن كاتب, شمس الرئاسة أبو البركات بن كبر عالم قبطي من القرن الثالث عشر الميلادي, الدكتور طلعت عبده حنين, دكتور رشاد برسوم, دكتور عوني جرجس, دكتور ميشيل باخوم, القس متي يوحنا, المعلم المرتل كامل باخوم إبراهيم المسعودي, الطيار تحتمس كامل غبريال وغيرهم.
* حياته الزوجية:
في عام 1960 تزوج الأستاذ وهبه عبد الملاك من السيدة عايدة جندي بشارة (1932-2007) وتشاركا معا في خدمة الرب في أماكن عديدة بالمحافظات, فكانت زوجته هي أول من أسس اجتماعا للشابات بكنيسة مارجرجس في كوتسيكا شمال حلوان عام 1961, وفتحا الزوجان بيتهما للإجتماع الروحي وتعرضت هذه الشركة التي امتدت لأكثر من سبع وأربعين سنة إلي العديد من التجارب التي اجتازاها معا بكل شكر وتسليم بدأت بعدم إنجاب نسل, فخضعا لإرادة الله وكانت الجملة التي تردد هي ربنا أعطانا الوقت للتفرغ والاهتمام بتربية أولاد المخدومين, ثم جاءت تجربة شوكة الجسد لتاسوني عايدة بكسر شديد في ساقها ألزمتها الرقاد في المنزل فترة طويلة حتي تنيحت يوم 1 يونيه عام 2007, وكانت لحظة انتقالها لحظة فارقة حيث بدأت الحالة الصحية والنفسية لأبينا متي تتدهور بخلاف ما كان يظهره أمام الآخرين من التماسك والقوة.
* الوداع الاخير لأبينا متي:
في السنوات الخمس الأخيرة أصيب أبونا متي عبد الملك بفشل كلوي اضطر علي أثره أن يقوم بغسيل للكلي ثلاث مرات أسبوعيا.. هذا الأمر مع تقدم السن وانتقال زوجته. أضاف إلي عمره عمرا فوق عمر, ومع ذلك لم يقصر في الخدمة وإقامة القداسات الإلهية إلا في أشد الأوقات صعوبة, والتف حول أبينا متي في نهاية حياته الخدام والخدمات ليلا ونهارا ساهرين علي خدمته بكل الحب لهم من الشواهد والدلائل الكثير من روحانية هذا الرجل وشفافيته وبالأكثر في أيامه الأخيرة!! وتدهورت حالته الصحية في السنة الأحيرة واشتد الألم. في كل هذا كان يشكر الله ويحتمل بشكر ولم يتذمر مرة, وصار ملازما للفراش لفترات طويلة ولم يدخل الكنيسة في عامه الأخير إلا مرات معدودة آخرها كان ليلة عيد القيامة وللمرة الأولي لم يحضر أبونا متي وسط شعبه في أسبوع الآلام ولم يصل أحد الشعانين وخميس العهد.. ولا قطع التاسعة يوم الجمعة العظيمة, ولا سوسنة ليلة أبو غالمسيس.. فتجمع عدد من الخدام والخادمات في بيته ليلة خميس العهد وصلوا معه. وصار من الواضح أن الجسد أعلن عن نهايته ليستريح بعد رحلة طويلة وشاقة مليئة بالحب والخدمة ,الصلاة.. لتبدأ رحلة جديدة في أبدية سعيدة لا تنتهي. دخل أبونا متي عبد الملاك المستشفي لمدة ثلاثة أسابيع متصلة تقريبا, زاره خلالها الكثير من آباء الكنيسة وجاء فجر الاثنين 11 يوليه 2011 ليسمع الصوت أما أنت فاذهب إلي النهاية فتستريح وتقوم لقرعتك في نهاية الأيام,, (دا 12:13). وفي الوداع الأخير يدخل أبونا متي عبد الملاك الكنيسة في تقدمة الآباء والشمامسة ممسكين بالرايات في زفة جميلة من خارج أبواب الكنيسة حتي يرقد أمام المذبح في السادسة فجر الثلاثاء 12 يوليو (تذكار الآباء الرسل), ويصلي الآباء الكهنة قداس اللقان ويمسحونه بالماء للمرة الأخيرة وهو الذي كثيرا ما اتزر بمئزرة وغسل أرجل الآباء.. ثم القداس الإلهي وبعدها تركت الفرصة لجماهير الشعب الذي حضر من كل مكان ليأخذ البركة, وتلقي نظرة الوداع. ثم بدأت الصلوات في خشوع ومهابة يتقدمها كلا من الأنبا متاؤس رئيس دير السريان العامر, الأنبا بسنتي أسقف حلوان والمعصرة, والآنبا ثيؤدسيوس أسقف عام البحيرة, الأنبا ديفيد النائب الباباوي بأمريكا, وحضر أيضا قرابة المائة من الآباء الكهنة من مجمع كهنة البحيرة والقاهرة وحلوان وطهطا وبني سويف, وممثلي عن بعض الأديرة, ووسط شعب كثير قارب الأربعة آلاف ولفيف ضخم من الشمامسة استمرت الصلوات قرابة الساعتين تخللتهما كلمة لنيافة الأنبا ثيؤدسيوس الذي تكلم بإيجاز من حياة وتعب أبونا متي قائلا: في عيد الآباء الرسل الذي فيه نتذكر الكهنوت الرسولي الذي سلمهم إياه السيد المسيح وظل ينتقل من جيل إلي جيل كونهم تعبوا في نشر الكرازة ونتذكر دماءهم التي سفكت علي أسم السيد المسيح يعز علينا فيه أن نودع أبا فاضلا كاهن جليلا من مجمع البحيرة, وكما جاءت الدعوة للآباء الرسل فأطاعوا جاءت إليه الدعوه فرسمه الأنبا دوماديوس في 20 مايو عام 1979 علي كنيسة القديسة دميانة بالهرم, كان خادما هاديء الطباع, محبا للصلاة, وكنت أحضر معه في بعض الصلوات, وكان أب اعتراف لي لفترة طويلة, فإنني أتذكر مهابة الكهنوت فيه وحفاظه علي كهنوته الطاهر عفيفا ونقيا, وتكلم كذلك نيافة الأنبا متاؤس, ثم حمل الآباء الجثمان الطاهر يزفونه حول المذبح ثم زف الشمامسة حول الكنيسة ووسط الشعب وفي لمح البصر يجري الجثمان ليخرج من كنيسته للمرة الأخيرة دون عودة وتبكي معه قلوب الكبار والصغار والرجال والنساء, وتنتهي الرحلة من حيث بدأت (دير وكنيسة أبو سيفين الأثرية) حيث مدفن العائلة الذي اهتم ببنائه وترميمه أبونا متي بنفسه, وانهالت برقيات العزاء من كل مكان علي رأسها برقية قداسة البابا شنودة الثالث ولفيف من الآباء المطارنة والأساقفة تجاوز العشرين, وتاماف كيرية رئيسة دير أبو سيفين ودير مارجرجس للراهبات وعدد من الآباء الكهنة والرهبان والإكليروس كما أرسلت البرقيات من أجهزة وقيادات الدولة ممثلة في الرئيس الأعلي للقوات المسلحة ورئيس الوزراء, وأيضا الدكتور صفوت البياضي رئيس الطائفة الإنجيلية وأيضا مدير العلاقات العامة بدار الكتاب المقدس. أخيرا نقول لأبينا متي عبد الملك:
ارقد الآن من سلام فما عاد للأتعاب علي الجسد سلطان
ارقد الآن في سلام في سماء لا تعرف الجوع أو العطش أو الأحزان
ارقد الآن في سلام أمام عرش النعمة.. فأنت تعرفه منذ زمان