أحسسنا وكأنها النهاية في يوم لا ينسي قضيناه مساء ليلة السبت قبل الماضي…والأحداث تتلاحق من حولنا ما بين قيام البعض من مثيري الشغب بعمليات تخريب بالممتلكات العامة ليتطور الأمر لعمليات سطو وتعد علي الأهالي داخل منازلهم في محاولة لسرقتهم مع الإعلان عن هروب السجناء من السجون, وفي المقابل كان هناك اختفاء لرجال الشرطة بالكامل من أنحاء الجمهورية…في هذه اللحظات انتابت أسرنا المصرية حالة من القلق والاضطراب, وهاهي تفاصيل ماحدث علي ألسنة بعض الأسر المصرية.
تريزا نظمي(مهندسة بحي شبرا) تقول: قضيت أنا وبناتي الثلاث ليلة عصيبة من هلع وفزع جراء ما يحدث حولنا خاصة وأن زوجي تعذر عليه العودة من عمله لنصبح أمانة في أيدي شباب المنطقة الذين كونوا لجانا شعبية لحماية الأهالي بممتلكاتهم.
كما تقول ماري رزق( من سكان وسط البلد): إن أصوات الأعيرة النارية وتكسير المحال التجارية جعلنا نعيش في أوضاع مؤسفة لم نكن نتوقع أن نعيشها من قبل فلم أكن أتوقع بأن يأتي اليوم الذي أقلق فيه علي شراء أطعمة لتخزينها ولاسيما الألبان الصناعية لطفلي الصغير تحسبا لأي أوضاع طارئة.
وتقول مارلين مجدي(من سكان حدائق حلوان): كان علي وسط ما يدور من حولنا أن أطمئن طفلي البالغ من العمر7 سنوات حينما تساءل عما يحدث بقولهإيه إللي بيحصل يا ماما, ليه في ناس عاوزة تسرقنا.
واتفق كل من أسامة عبد العزيز ونصر جرجس (من حي شبرا) بأنهما قاما بالمشاركة في لجان المقاومة الشعبية لحماية ذويهما وأهالي منطقتهما بعدما انسحب الأمن وتخلي عن دوره في حماية أمن وسلامة المواطنين.
كما تحدثتنا بمرارة ماريان فايز( عن سكان طوخ بالقليوبية) إن مصر بأكملها ورجالها ونسائها لم تجد جفونها الراحة طوال الليل لتقضي مساء ليلة السبت في السهر,وكأنها في دورية مشترك فيها الجميع.
الرجال في الشوارع والنساء في المنازل الكل مستقيظ ومتحفز لأي خطر قادم حتي جاء الصبح ولا نعلم كيف مر علينا هذا اليوم سالمين.
الاستغاثات …تشهد علي هلع أسرنا
بالرجوع لخبراء علم النفس عن هذه الحالة قال د. نصيف فهمي -أستاذ علم الاجتماع بكلية الخدمة الاجتماعية إنه بالطبع كان يوما عصيبا لاينسي فمشاعر حزن انتابت الأهالي لما آلت إليه أحوال مصرنا العزيزة بالإضافة لحدوث حالة من القلق بعد التراجع الأمني وانتشار البلطجية وتخريبهم للممتلكات العامة ومن ثم اللجوء إلي المنازل لنهبها وسرقتها دون أدني مقاومة, كانت لحظات تمر علي الأفراد وكأن الطوفان قادم وتلاحظ ذلك من خلال كم الاستغاثات التي حدثت من خلال أرقام الطوارئ المعلن عنها, فالكل يشوبه القلق والاضطراب بأنحاء الجمهورية في ظل تنبيه شيوخ المساجد بضرورة تأمين أبواب المنازل ونزول الشباب والرجال للشوارع لتأمينها وحماية قاطنيها ومرور الآباء الكهنة لتفقد هؤلاء الشباب وتشجيعهم وهو أمر جديد علي مجتمعنا لم نشهده من قبل حيث القلق علي الأفراد والممتلكات.
اختفاء الشرطة سقطة وقع فيها الجميع
كما يؤكد د.غريب عبد السميع- أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان أن الأسر عاشت حالة سيئة للغاية, فالأمر تطور بصورة لم تكن في الحسبان بدأت بحق مشروع للجميع وهو التظاهر للمطالبة بالتغيير وكانت النتيجة غير متوقعة حيث إشاعة القلق والرعب والهلع في نفوس الأهالي بعد اختفاء رجال الشرطة وتقاعسهم عن حماية المواطنين شاعرين بأن الدولة تخلت عنهم ممثلة في رجال الشرطة وهو ما يعد سقطة وقع فيها الجميع علي الرغم من أن حماية المواطنين من صميم عملهم كما هو متعارف عليه ولاسيما من خلال شعارهم السابق الشعب والشرطة في خدمة الوطن ولكن ما حدث خالف ذلك ولا نعلم من أين كانت القرارات بالانسحاب لإشاعة الفوضي والارتباك داخل أسرنا فلولا أفراد اللجان الشعبية الذين شعروا بالمسئولية وخوفهم علي مصلحة الوطن ماكنا مررنا من الأيام الماضية بسلام وكانت العواقب ستصبح وخيمة أكثر بكثير مما نحن بصدده من خسائر ممتلكات فالأمر قد وصل للتعدي علي حرمة المنازل وعمليات سلب ونهب وهو ما لم نكن نتوقعه في يوم من الأيام.
غياب الضمير
ويوضح د.سمير عبد الفتاح- أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس أن من قام بمثل هذه الأعمال التخريبية هم أفراد غير أسوياء غاب عنهم الضمير والعقل, فمن يصدق ما كان بصدد ارتكابه من قبل البعض التعدي علي مستشفي سرطان الأطفال إلي جانب محاولات تخريب مستشفيات قصر العيني وأبو الريش والدمرداش, ,غيرها من الممتلكات العامة التي دمرت دون ذنب لتؤكد أن لهؤلاء نقصا في التفكير المنطقي واضطرابات نفسية قد عبر عنها أحد الخارجين عن القانون حينما سألوه لماذا قمت بالسرقة؟ حيث قال: وجدت البعض يقومون بالسرقة ولم يكن هناك أحد من أفراد الشرطة ففعلت مثلهم ومن هنا نلاحظ في إجابته ما يعانيه من اضطرابات فالإنسان السوي يدرك سلوكياته ومن ثم ردود أفعال ما يصدر منه.
يد واحدة….نموذج للتلاحم الوطني
ويلقي د.كمال مغيث- الخبير التربوي بمركز البحوث التربوية الضوء علي ما حدث بأن الأزمة أوضحت مدي التلاحم بين أفراد الشعب المصري بفئاته وطوائفه المختلفة في عملية المقاومة الشعبية لمواجهة مثيري الشغب والفوضي كل في حدود إمكانياته المطلوبة من شباب وأطفال وكبار السن مسلمين وأقباطا كنموذج رائع للتلاحم الوطني ليجعلنا نستشعر بأن لمصر أبناء قاورين علي حمايتها ضد من يقومون بأعمال تخريبية إلي جانب ما قامت به القوات المسلحة مع بداية نزولهم للشارع المصري من دور في تأمين الشوارع والميادين ومحاصرة المتهربين من السجون والقبض علي من يحاولون ترويع الأسر وإشاعة الفوضي فيما بينهم فشعرنا أن الجميع سلوك واحد ويد واحدة لمواجهة أي مخاطر تواجه المجتمع المصري ليتبدل الشعور من مشاعر القلق والارتياب إلي الاطمئنان والارتياح.