ليس معناها فقط أن المسرة دخلت في قلوب الناس, مع أن هذا ما حدث فعلا, إذ قال الملاك: ##فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب, أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب## (لو 10:2-11)… وقد فرح العالم كله بميلاد السيد المسيح: اليهود (الرعاة), والأمم (المجوس)…
الكل فرح بميلاد المخلص فعلا, لكن المعني الحرفي لهذه الآية ##أن الله أصبح مسرورا بالناس##, أو أن ##مسرة الله صارت في الناس##… وهذا ما قاله الرب في العهد القديم: ##ولذاتي مع بني آدم## (أم 31:8).
فحين خلق الله الإنسان, خلقه لكي يعطيه السعادة والفرح, ويجعله شريكا له في أمجاده وملكوته… ولكن لما أخطأ الإنسان, صارت هناك خصومة بين الله والإنسان, فصار علي الإنسان حكم الموت, وفي داخله طبيعة فسدت بالخطيئة.
فماذا فعل الله لأجل الناس؟
أخرج الله الإنسان من جنة عدن حتي لا يأكل من شجرة الحياة, ويحيا في فساد باستمرار, أخرجه بعد أن أعطاه وعدا بالخلاص: ##وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه (أي الشيطان)..## (تك 15:3).
وبالفعل حينما ولد السيد المسيح, الإله المتجسد, وظهر الله في شكل إنسان, استطاع أن:
? يعلمنا طريق الخلاص.? يموت نيابة عنا علي الصليب.
? يسكن فينا بالإفخارستيا (التناول).
وهكذا تخلص الإنسان من المشكلتين:
1- حكم الموت…. إذ مات المسيح عنا.
2- فساد الطبيعة… حين طهرنا المسيح بدمه.
ولهذا صار الإنسان ##موضع مسرة## الله, وصار الله مسرورا بالإنسان, وانتهت الخصومة, واصطلح الإنسان مع الله, كما ذكرنا سابقا.
ولكن بمن يسر الله؟
? الله يفرح بالخاطئ إذا تاب…? والتائب إذا شبع روحيا وأثمر…
? والمثمر إذا خدم الآخرين…
وتدور الدورة مرة ومرات, لأن هذا الخادم سيساعد آخرين علي التوبة, وبعد أن يتوبوا يشبعوا روحيا, ويثبتوا في الرب, ويثمروا ثمار الروح, وحينئذ يتحولون هم أيضا إلي خدام وخادمات, وهلم جرا!
???
1- الله يفرح بالتائب
إذ مكتوب أن ##إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون إلي توبة## (لو 7:15).
ولكن… هل هناك من لا يحتاج إلي التوبة؟! لا طبعا… بل يقصد الرب أن هناك من يري في نفسه أنه بار وكامل, ولا يحتاج للتوبة!! وهذا النوع يحزن قلب الله جدا.
أما الذي يحس أنه خاطئ, ومحتاج إلي حضن الله, والعودة إلي الحظيرة, فهذا يحبه الرب, وتفرح به السماء.
حينما انحرف الابن الضال, أصابت الكآبة البيت كله, تماما كما يحدث الآن حينما يسقط شاب في الإدمان, أو شابة في علاقة منحرفة, فيسببان الحزن للأسرة كلها, بل للكنيسة كلها, فنحن أسرة واحدة, وجسد واحد.
ولكن حينما يتوب هذا الشاب أو تلك الشابة, ويرجعان من أرض الخطية, وصحبة الأشرار, وإنحرافات الإدمان, والسلوك غير المقدس, تفرح الأسرة كلها… بل تفرح السماء كلها, بعودتهم إلي الحظيرة المقدسة.
? ? ?
ويقول الكتاب: أنه عندما عاد الإبن الضال إلي بيت أبيه ##فابتدأوا يفرحون## (لو 24:15). لقد غاب الفرح عن الأسرة, مع غياب الإبن الضال, فلما عاد من أرض الخطية, عاد الفرح إلي الأسرة مرة أخري.
كم هو مؤلم لقلب المسيح والقديسين, والملائكة, والأسرة الصغيرة في البيت, والأسرة الكبيرة في الكنيسة, أن يضل شاب أو تنحرف شابة!! نحن أعضاء في جسد واحد, جسد المسيح, ##فإن كان عضو واحد يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه. وإن كان عضو واحد يكرم فجميع الأعضاء تفرح معه## (1كو 26:12).
? ? ?
ليت الرب لا يسمح بأن ينحرف أحدنا أو يتوه في أرض الخطية, فالدمار أكيد, والحزن شامل. ولكن باب التوبة مفتوح, ##ومن يقبل إلي لا أخرجه خارجا( (يو 37:6).
? ? ?
والتوبة في المفهوم الأرثوذكسي, وبحسب الإنجيل, لها 4 عناصر:
1- الندم علي الخطية…
2- والعزم علي تركها…
3- والإيمان بدم المسيح الذي يطهر من كل خطية…
4- والاعتراف أمام الكاهن تطبيقا لقول الإنجيل:
? ##كل ما تربطونه علي الأرض يكون مربوطا في السماء وكل ما تحلونه علي الأرض يكون محلولا في السماء## (مت 18:18).
? ##من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت## (يو 23:20).
وفي الاعتراف نأخذ حلا وحلا, حلا: من الخطايا, وحلا: للمشكلات التي تواجهنا.
? ? ?