أقامت الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة الشاعر الكبير سعد عبد الرحمن رئيس، احتفالية لتأبين الشاعرة الكبيرة وفاء وجدى لما للشاعرة السبعينية الكبيرة من منجز إبداعى مؤثر فى مسيرة الشعر المصرى وذلك بكلية الآداب جامعة بنها، بحضور د. محمد مهدى بالنيابة عن د.حمادة إسماعيل عميد كلية الأداب جامعة بنها، الفنان أحمد صفوت زوج الشاعرة وفاء وجدى، محمد عبد الحافظ مدير عام فرع ثقافة القليوبية كما حضر لفيف من قيادات الهيئة، والأدباء والشعراء، والنقاد، والمهتمين بالفن.
وفاء وجدى .. من هى ؟
بدأ الاحتفال بتقديم د. يسرى العزب بعرض السيرة الذاتية للشاعرة قائلاً “ولدت وفاء وجدى شبانة فى مدينة بورسعيد 1945 حصلت على بكالريوس المعهد العالى للفنون المسرحية، عملت باحثة فنية بمسرح الطليعة، عملت مدير لفرع ثقافة القليوبية، ومن مؤلفاتها الدواوين الشعرية التالية ماذا تعنى الغربة، الرؤية من فوق الجرح، الحب فى زماننا، الحرث فى البحر، رسائل حميمة إلى الله، ميراث الزمن المرتدن ومسرحية بيسان والأبواب السبعة، الشجرة والصعود إلى الشمس، ثم قام محمد أبو المجد وصبرى سعيد بتكريم الفنانة الشاعرة وفاء وجدى ومنحها درع الهيئة وشهادة تقدير تسلمها زوجها الفنان أحمد صفوت.
تجربة وفاء وجدى الإبداعية
تضمنت الاحتفالية ندوة بعنوان “تجربة وفاء وجدى الإبداعية” لنقد وتحليل إبداعات الشاعرة وفاء وجدى الأدبية شعرا ومسرحا، حيث أشار د . السيد فضل فى بحثه الذى جاء بعنوان “ملامح المسرح الشعرى عند وفاء وجدى” إلى أن مسرحية بيسان والأبواب السبعة كانت نبؤة وفاء وجدى عن أحداث الثورة، وهى التى تقص حياة شعر مقهور، ولا يوجد حل إلا محاكمة فرعون محاكمة شعبية، وكذلك قتله، فالمسرحية عبارة عن محاكمة شعبية لحاكم فاسد وظالم بالفعل تقوم المحاكمة على محاسبة حاشية المللك واحدا واحدا، ويستحضر قطع من المسرحية تؤكد وتلخص المسرحية وعلاقتها باللحظة الحاضرة فى تاريخ مصر فقال “هذا الرجل قد أوليناه حراسة بلدتنا، وقد أولى الحراس ينامون على الأبواب، باع البلدة فى ساعة سكر … فليتشاورا أهل البلدة فى الحكم عليه، أما عن شعرها فيصف د. السيد فضل أسلوب الشاعرة وكأنها شهرذاد التى لن تكف عن الحكى، فغرامها لشهرذاد يجعلها تتخفى وراء هذا القناع لتقول الحقيقة، حتى أنها أستخدمتها لتعبر عن ذاتها فى قصيدة “المرايا” التى تقول رأيتها تعبر الطريق فى ثوبها الأبيض… والشارة الملونة …..وشعرها عكفته أمها بقبلة وسوسنة، عرفتها….فالجديد هنا أن شهرذاد تحكى عن نفسها…كما كانت تتماهى مع شخصية زرقاء اليمامة والأميرة ذات الهمة، وشخصية ليلى العامرية، لتعبر عن حياتها الحاضرة، كما أضاف أن وفاء وجدى تميزت بأسلوب السرد والحوار الدرامى الذى يضفى فاعلية على القصيدة.
وأضاف أحمد سويلم فى بحثه الذى جاء بعنوان ” ملامح الدراما فى شعر وفاء وجدى”أن الشاعرة وفاء وجدى قدمت موضوعات قوية فى أسلوب بسيط جدا، حيث أنها لجأت إلى أسلوب الحكى والحوار، وهو أسلوب يسهل على القارئ التواصل معه، حتى أنها أستطاعت أن تحقق المعادلة بين كيفية خلق درامة فى قالب شعرى جذاب. كما تناول د. محمد السيد إسماعيل فى بحثه الذى جاء بعنوان ” تداخل الأنواع فى ديوان ميراث الزمن المرتد” انتماء وفاء وجدى للستينيات، ولكن هناك نوعا من التمايز بين جيل الستينات والسبعينيات، وأشار فى بداية حديثة إلى امتزاج الخاص بالعام وهو ما يسمى بالذات الجمعية وتعكس فكرة الإهتمام بالفكر العام، وهذا ما أستغلته الشاعرة للتعبير عن الهوية المصرية. وأدار الجلسة الشاعر سمير درويش.
وفاء وجدى والجانب الإنسانى
كما كشفت جلسة الشهادات التى أدارها الشاعر محمود الحلوانى عن الجانب الإنسانى فى حياة الشاعرة وفاء وجدى، حيث تحدث د. يسرى العزب قائلا ” وفاء وجدى كانت من البشر نادرة الوجود، فمن يعرف وفاء وجدى عن قرب يشعر أنه بينها وبينه رابطة ما، والجميل أنها حينما كانت تجلس مع والدها الفنان الكبير وجدى محمد شبانة، والعلاقة الروحية التى كانت بينهما “فهى تشعر أنها تكبر عنه قليلا، وهو يصغر عنها قليلا أيضا” كما أضاف وحيد أمين الذى أستحضر بعض من كلمات وفاء وجدى قائلاً ” إنه من الصعب أن تقرر أن تكون مبدعا، فالإبداع مثل الحب العنيف الذى يجتاح العقل والقلب، ينتهى بأن يكون هناك طعما أخر للحياة، فالأإداع بكل أنواعه المعبره هو حالة من الدهشة، تدفع بنا لإكتشاف العالم والتعبير عن العالم وصياغته صياغة جديدة فالمبدع يشقى ويتألم” وأشار أن الأب الشاعر وجدى شبانة لعب دورا كبيرا فى حياة الشاعرة الأدبية، حيث إنها بدأت الكتابة منذ العاشرة، كما يذكر دور المكان الذى نشأت فيه بورسعيد بنضالها وبحرها المدهش، الذى أنعكس فى شعرها، كما ذكر رائعة وفاء وجدى بيسان والأبواب السبعة التى لم تحظى بالعرض لأسباب القمع السياسي، وأكد أنه علاقة الأب بابنه وصلت حتى الأعتقال ثلاث سنوات بسبب قصيدة كتبتها عن بورسعيد، وحين سؤلت عنها قال الأب أنه من كتبها ليحمل عنها العواقب السياسية، وذكر أيضا محبتها لكونها أم إذ تقول ” أحمل بداخلى قدرا عظيما من الأمومة، تحتوى العالم كله بداخلى، أشعر بالأمومة تجاه كل الكائنات والحب، هو وسيلتى لإحتواء هذا العالم” وتناول طارق عمران الشاعرة المديرة والصديقة، فقال أنها رحلت بطريقة بديعة تستحق، “حين قامت للوضوء، ثم جلست على مقعدها المعتاد، وفارقت الحياة فى صمت، فلمشاهدتها هكذا ظنوا أنها تصلى” كما قال أنها لم تكن تهتم بالمناصب، بل كانت تؤمن أن ما يبقى من الشاعر هى الكلمة المكتوبة، وشارك الشاعر عبد العزيز موافى بشهادته فى هذه الجلسة قائلا” أن شعر وفاء وجدى يطرح عدة تساؤلات أهمهما المقارنة بين جيل السيتينات وجيل السبعينيات، فقد كان الشعر فى هذه الفترة يتحدث باليقين النبوى، فإن أى تغيير فى الشعر لابد أن يصاحبة تغيير على المستوى الفكرى والسياسي والاجتماعى، فإن شعر الستينات جاء ليبنى هذه الأفكار التى كان حتما الترويج لها بعد النكسة، فى حين أن جيل السبعينيات جاء ليهدم هذا التيار لانه فقد يقينه، وأضاف أن وفاء وجدى استطاعت ان تصل لقمة الموجه فى الستينات، ويقول عن وفاء وجدى إنها تميزت بالأسلوب الرومانسى، وسمت باللغة وبالكلمة، حيث ينطبق عليها حديث شيرشيرون وهو ” إن الحجر ينحط فى الدرج ولكنه يسمو فى التمثال، هكذا حدث عند وفاء وجدى التى أستطاعت أن تسمو فى الكلمات، كما ان القبيلة العربية إحتفلت بميلاد شاعرة متميزة تستكمل مسيرة عائشة التيمورية ونازك الملائكة وغيرها.
واختتمت الاحتفالية بأداء قراءات من شعر وفاء وجدى بمشاركة الشعراء أحمد شلبى بقصيدة “إعتراف” أخرى بعنوان ” الحرث فى البحر” و مقطع أخر من قصيدة أغنية لمصر”، كما قرأت شريفة السيد قصيدة بعنوان ” أتوضئ من ذبد البحر ” و ” قصيدة تذكارات” وألقى الشاعر إيهاب البشبيشى قصيدة “الزيارة” و قصيدة ” من زورق العشق الصافى” وأدار اللقاء د. سامح عمر.
==
س.س