خطفت العيون, وسحرت العشاق, وحيرت العلماء في اكتشافها وتكلفت مبالغ باهظة, وتهافت الملوك علي اقتنائها.. إنها زهرة الأوركيد التي يرجع سبب شهرتها إلي أنها تضئ بكل ألوان الطبيعة. تم اكتشافها في القرن السادس عشر, عندما توصل عالم النبات الفرنسي ويلاشام لتقصيف 63 نوعا منها, وفي عام 1615 تم اكتشافها في المناطق الاستوائية ووصفت بأنها عجيبة, مرتفعة فوق ساقها ويبلغ قطر رأسها 15 سنتيمترا وتتميز بلون أحمر عجيب يخف تدريجيا علي أطراف الأوراق, ينمو بعضها فوق جذوع الأشجار العملاقة أو فوق الصخور, لذا أطلقوا عليها نبات الهواء لأنها تتغذي علي الهواء وفي القرن الثامن عشر قدم العالم الفرنسي لينيه وصفا لـ 16 نوعا من الأوركيد.
ثم كثرت الأحاديث والمعلومات عن تلك الزهور العجيبة التي أصبحت تثير الخيال, وقد وضعها أهالي بيرو علي قمة عجائب المناطق الاستوائية وأطلقوا عليها زهرة الجنة.
وفي عام 1815 بدأ عصر جنون الأوركيد وتهافت الملوك علي تواجدها في أرجاء قصورهم وفوق موائدهم وتهافتت الأميرات علي أن تستقر فوق أكتافهن, لذا أطلق عليها زهرة الملوك, وكرس علماء النبات حياتهم من أجل زهرة الأوركيد, وتبعهم في ذلك هواة الزهور, الذين مسهم جنون اقتناء هذه الزهور الجميلة, وكان من الطبيعي أن تخلق سوقا جديدة ظهر فيها تجار يجرون وراء الذهب الأخضر وقد حاولوا اقتلاع تلك الجذور بقسوة من أجل الكسب السريع, وفي عام 1881 بيعت إحدي زهور الأوركيد في أسواق لندن بمبلغ 200 جنيه.
وتستغرق رحلة الوصول من أوربا إلي المناطق الاستوائية للبحث عن الأوركيد شهورا في البحر, كانت بحق رحلة الموت, وكانت الزهور تكدس في صناديق يحملها الرجال فوق عربات بطيئة تجرها الخيول وبعد وصولها عند الميناء تستقر في بطن السفينة, حيث تتسبب الرطوبة وارتفاع درجة الحرارة في تحلل بعضها وما يبقي منها في آخر رحلة الوصول, كان يباع بأسعار جنونية.
وقد أدت رحلات البحث عنها إلي موت العديد من مكتشفي الأوركيد فاعتقد الكثيرون أنها لعنة الأوركيد, ومع ذلك; ورغم كل الجهود وكل الضحايا لم يتم التوصل إلي كل أنواع الأوركيد, ونشطت تجارب وأبحاث علماء النبات في محاولة أقلمة تلك الزهور في ظروف جوية جديدة من أجل الإكثار منها.