خمس سنوات مضت شغلت فيها قضية الإصلاح العربي محور اهتمام البلدان العربية بأجمعها وإن كانت بدرجات متفاوتة سواء من بلد لآخر أو من وقت لآخر أو من مجال لآخر…
من هذا المنطلق نظم مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية منتدي تحت عنوان (الإصلاح والتنمية في الوطن العربي تونس نموذجا) والذي ألقي الضوء علي إشكاليات الإصلاح في المنطقة العربية مع التركيز علي التجربة التونسية كنموذج يحتذي به أمام الوطن العربي لما شهدته من إصلاحات عرفت باسم التغيير,فكانت لنا هذه المتابعة…
قدم د.ماجد عثمان رئيس مركز معلومات مجلس الوزراء نظرة شاملة عن مؤشرات الإصلاح والتنمية في الوطن العربي من خلال عرض التقرير الثاني لمرصد الإصلاح العربي الذي تم إصداره بناء علي توصيات مؤتمر الإصلاح الذي عقد بمكتبة الإسكندرية في مارس .2004
وأشار إلي أن نتائج المؤشر العام لمستوي إدراك النخبة للإصلاح بلغ 54.3% وهو ما يعد ارتفاعا طفيفا في إدراك النخبة للإصلاح عبر مستوي الحياد (50%) ورغم أن ذلك الارتفاع يعد أمرا إيجابيا إلا أنه يظل لا يعبر عن تأييد قوي من جانب النخبة العربية للإصلاح العربي, وهو بالطبع ما يمكنه أن يؤثر علي عملية التنمية إذا لم يكن مستوي التأييد للإصلاح واضح وصريح, مضيفا بأن هناك مشكلة في إحجام المعلومات والحقائق عن الجمهور مع عدم الاهتمام باستطلاعات الرأي رغم أهميتها.
تونس… دولة رائدة
وتحدث د.جهاد عودة – أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية جامعة حلوان – عن التجربة التونسية في السياق العربي حيث تشهد تونس إصلاحا عربيا في كافة المجالات ومن أبرز مظاهر هذا الإصلاح تفعيل الحياة المدنية والحركة النقابية إعمالا بأن نهضة أي مجتمع وتقدمه لا يتم بدون تنمية الموارد البشرية والاستفادة من كافة شرائح المجتمع.
وأشاد بما حققته التجربة التونسية في الإصلاح الإداري بعد ما كان النظام الإداري السائد في الفترة ما قبل 1987 يشبه العديد من الدول العربية حيث كان يتصف بالتعدد في الأجهزة الإدارية وازدواجيتها وتراجع مستويات الخدمات المقدمة للمواطنين,ولكن بعد تكثيف الجهود استطاعت تونس التحري عن أسباب تردي العلاقة بين الإدارات الحكومية والمواطنين, ومن ثم العمل علي تحسين كفاءة أجهزة الإدارة العامة. وهذا ما جعل تونس في مقدمة الدول النامية بشكل عام والعربية بشكل خاص في معدلات النمو الاقتصادي وتحسن مستوي الخدمات المقدمة للمجتمع.
نماذج تنموية ناجحة
وتحدث د.عماد عدلي المنسق العام للشبكة العربية للبيئة والتنمية ورئيس المكتب العربي للشباب والبيئة عن محور نظرة إلي تونس في الإطار التنموي العربي والذي أشار فيه إلي أن تونس من أولي الدول العربية التي سعت لتشكيل لجان للتنمية المستدامة علي كافة المستويات ابتداء من القرية حتي مجلس الوزراء لوضع خطط بيئية يلتزم الجميع بتنفيذها,لذا كان لها شرف تواجد أول جمعية بيئية في العالم العربي وهي الجمعية التونسية لحماية الطبيعة والبيئة ولديها نماذج عديدة للتعاون بين الجمعيات البيئية والوزارات التونسية المختلفة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة منها مشروع المدارس المستديمة والذي يهدف إلي نشر الوعي البيئي لدي الأطفال بمؤسسات التربية والتعليم,وأيضا الحافلة البيئية التي قامت بالعديد من الجولات لبعض المدارس الابتدائية والإعدادية ودور الشباب ونوادي الأطفال والمكتبات العمومية أثناء السنة الدراسية 2006 – 2007 في المناداة بأهمية الرفق بالحيوان وضرورة الحفاظ علي التنوع البيولوجي.
وقد بلغت نسبة الاستفادة لدي الطلاب من تلك الأنشطة البيئية أكثر من 8 آلاف طالب يتراوح أعمارهم ما بين 4 إلي 14 عاما.
هذا بخلاف ما حققته تونس من تجربة لمكافحة الفقر بعد ما وافقت الأمم المتحدة علي اقتراحها بإنشاء صندوق عالمي للتضامن للمكافحة الفقر يقوم علي استراتيجية الارتقاء بسبل العيش للمناطق الفقيرة في تونس وتمكينها من التمتع بالمرافق الجماعية والتجهيزات الأساسية المتمثلة في إدخال الكهرباء والمياه الصالحة للشرب وتمهيد الطرق وإنشاء المدارس ومراكز الصحة الأساسية. علما بأن الصندوق يمول من التبرعات التطوعية للأفراد والمؤسسات الاجتماعية والهبات من البلدان الصديقة ليصل عدد المستفيدين من الصندوق منذ إنشائه عام 1993 إلي 250 ألف عائلة.