لم تحقق الانتخابات البرلمانية المصرية التي أجريت في نوفمبر 2010 أحلام وطموحات الشعب المصري في الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وإجراء انتخابات نزيهة تتوافر فيها الحدود الدنيا لمعايير النزاهة والحرية التي غابت بصورة غير مسبوقة عن هذه الانتخابات، ولم تتوافر الإرادة السياسية للحكومة على إجراء انتخابات تتمتع بقبول الشعب المصري بعد أن أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها التاريخي قبل جولة الإعادة بتأييد أحكام القضاء المصري الصادرة بوقف قرارات إعلان نتائج الجولة الأولى لعدد 196 عضوا في 98 دائرة انتخابية، وعدم الاعتراف باستشكالات الحكومة ومرشحي الحزب الوطني أمام القضاء العادي لوقف تنفيذ هذه الأحكام لعدم جواز الاستشكال أمامها وإهدار اللجنة العليا للانتخابات لحجية أحكام القضاء في تحد صارخ للقانون وحقوق الترشيح والانتخاب والمواطنة التي كفلها الدستور، مما يجعل قراراتها تتعارض مع الدستور المصري وتفتح اللجنة العليا للانتخابات بإرادتها الباب أمام تزايد الشكوك في شرعية مجلس الشعب الجديد ليظل طوال دورته البرلمانية يبحث عن الشرعية أمام الدستور والقانون والناخبين والشعب المصري، لتظل تطارده أحكام القضاء طوال 5 سنوات قادمة، من المرشحين الذين لم يتمكنوا من إثبات حقهم في عضوية البرلمان أثناء إدارة اللجنة العليا للانتخابات التي سطرت بتصرفاتها تجربة غير جيدة في التاريخ السياسي والانتخابي المصري، وأثبتت ضعفها في التصدي لأعمال العنف والبلطجة والرشاوي الانتخابية وتزوير وتسويد بطاقات الاقتراع وتزييف إرادة الأمة ورغبتها في الحرية والديموقراطية من خلال انتخابات حقيقية وجادة . أهم تجاوزات العملية الانتخابية : · ارتفاع حدة الانتهاكات والتجاوزات فى الانتخابات البرلمانية 2010 بسبب غياب الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات ووجود إشراف جزئى فى اللجان العامة . · عدم التزام الحكومة واللجنة العليا للانتخابات بالمعايير الدولية لحرية ونزاهة الانتخابات فى سير عملية الاقتراع التي غابت تماما على أرض الواقع وتم فتح الباب على مصراعيه لتزوير وتسويد بطاقات الاقتراع لصالح مرشحى الحزب الوطنى والمنتمين لهم . · التدخلات الأمنية والإدارية للأجهزة التنفذية الحكومية فى سير العملية الانتخابية وإعلان اللجنة العليا لنتائج غير معبرة عن اتجاهات التصويت، واستبعاد غالبية المرشحين ذو الثقل السياسى من المرحلة الأولى نتيجة التلاعب والتزوير فى عملية التصويت. · تدخل السلطات التنفيذية الأمنية في منع دخول الناخبين لعدد من اللجان وطرد مندوبى المرشحين ووكلائهم غير المنتمين للحزب الوطنى وإهدار مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين وقصر اعتماد التوكيلات من أقسام الشرطة على مرشحي الوطني وإتاحة الفرصة أمام أنصارالوطنى لتزوير الانتخابات . · تراخى الأجهزة الأمنية فى التصدى لمحاولات البلطجة والعنف واستخدام الأسلحة النارية وإرهاب الناخبين أمام اللجان والمشاجرات بين المرشحين وأنصارهم . · تعمد نسبة مرتفعة من المرشحين وفى مقدمتهم مرشحى الحزب الوطنى عدم الالتزام بالقواعد التى حددتها اللجنة العليا للانتخابات بشأن تنظيم التصويت والفرز والحملات الانتخابية وسقف الإنفاق الانتخابى . · التضييق الأمني على الحريات خلال الانتخابات والقبض على عدد من أنصار المرشحين ومنع المؤتمرات الانتخابية والمسيرات للمرشحين غير المنتمين للوطني . · التدخل المباشرللسلطات المحلية لتسويد البطاقات لصالح مرشحات الكوتة واختلاف أعداد الناخبين في التصويت بلجان السيدات بدوائر المرأة عن لجان المقاعد العامة . · تدخل موظفي اللجان الانتخابية في توجيه الناخبين داخل اللجان لصالح المرشحين وسماحهم بالتصويت العلني والجماعي، وعدم اتباع تعليمات وقواعد التصويت التي حددتها اللجنة العليا ووجود استمارات وبطاقات تصويت غير مختومة باللجان بقرى الصعيد والدلتا . · منع مراقبي المجتمع المدني من القيام بدورهم وطردهم من لجان الاقتراع والفرز وتقييد فكرة المراقبة الوطنية . · سيطرة وزارة الداخلية بمفردها على مرحلة فتح باب الترشيح وإدارة يوم الاقتراع ومنعها لبعض المرشحين من تقديم أوراقهم داخل مديريات الأمن . وتأتي أهم التوصيات في النقاط التالية : · إصلاح النظام الانتخابي المصري وتطبيق نظام القائمة النسبية بدلا من نظام المقعد الفردي الذي كرس دور العصبيات والقبليات وهمش من دور الأحزاب السياسية . · تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية لتوفير حد أدنى من ضمانات الشفافية والنزاهة والمساواة وتكافؤ الفرص . · امتداد الإشراف القضائي على العملية الانتخابية بالكامل منذ فتح باب الترشيح حتى إعلان النتائج وعودة الإشراف القضائي على الصناديق الانتخابية باللجان الفرعية والعامة . · تطبيق أحكام القضاء الإداري والإدارية العليا التي صدرت بشأن التجاوزات التي حدثت في الانتخابات البرلمانية، وتعزيز دور محكمة النقض في اقرار صحة العضوية بالبرلمان والحكم على سلامة العملية الانتخابية . · تقنين وضع المراقبة في التشريع الوطني وإيجاد نص قانوني يحدد طريقة عمل المراقبة والإجراءات التي تتبعها الجمعيات وعدم تركه لهوى ورغبة اللجنة العليا للانتخابات وامتداد دور المجتمع المدني في الرقابة على جميع مراحل الانتخابات . · تعديل اختصاصات اللجنة العليا للانتخابات وتشكيل لجنة دائمة مستقلة من شخصيات تتمتع بالاستقلالية عن الجهاز الإداري والسلطة التنفيذية أو إنشاء مفوضية للانتخابات وإنشاء مراكز لها داخل المحافظات تتولى تدريب وإعداد موظفي إدارة اللجان الفرعية . · وضع عقوبات قانونية بقانون العقوبات على الجرائم الانتخابية واستخدام الشعارات الدينية وتجاوز سقف الدعاية الانتخابية . · تخلي الحزب الوطني عن محاولات السيطرة السياسية والحصول على الأغلبية الميكانيكية داخل مجلس الشعب واحترام رغبة الناخبين والأحزاب السياسية في المشاركة وتداول السلطة . · إلغاء دور وزارة الداخلية في أعداد الكشوف الانتخابية ومرحلة فتح باب الترشيح ونقل اختصاصتها في هذا الشأن إلى اللجنة العليا للانتخابات ووزارة العدل والحد من تدخلها في العملية الانتخابية، وقيام المجتمع المدني بدور في تنقية الجداول الانتخابية ودعوة الناخبين إلى التسجيل في كشوف الانتخابات. · قصر دور وزارة الداخلية على تأمين اللجان الانتخابية فقط دون التدخل في سير الانتخابات يوم الاقتراع ووضع عقوبات قانونية على حالات منع الناخبين وتهديدهم وترويعهم أثناء الانتخابات . · قيام مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية بدور أكبر في حل مشكلة عدم ثقة الناخبين في العملية الانتخابية وضعف مشاركتهم السياسية ورغبتهم في المشاركة في إدارة الشأن العام . · وضع برامج توعية لجذب الشباب والأقباط والمرأة للمشاركة في العمل العام والانتخابات لجذب الأغلبية الصامتة . · زيادة الاهتمام بدور المرأة في المجتمع وتوفير المناخ الملائم لتمكينها سياسيا بصورة حقيقية ومشاركتها في صناعة القرار على المستوى المحلي تمهيدا لزيادة مشاركتها في الانتخابات المقبلة وزيادة تمثيل المرأة في النقابات المهنية والعمالية باعتبارها أحد المواقع الرئيسية لممارسة العمل العام . · تحرك القيادات الطبيعية والأحزاب والقوى السياسية لمعالجة الاحتقان المجتمعي بسبب صراعات الانتخابات وترسيخها للخلافات بين العائلات والقبائل داخل المجتمع . · التصدي بآليات جديدة قانونية رادعة ضد استخدام العنف الانتخابي وإطلاق الرصاص وتدمير المنشآت العامة والخاصة خلال الانتخابات . · قيام وسائل الاعلام بدور مؤثر في توعية الناخبين بإجراءات العملية الانتخابية وبرامج المرشحين والأحزاب السياسية . · تقوية دور الإعلام الإقليمي في خدمة قضايا المجتمع المحلي وتحريره من القيود الأمنية والإدارية وتنظيم دورات تدريبية للمحررين بالمحافظات بصفة منتظمة للارتقاء بقدراتهم المهنية وحقوق القراء والناخبين في المعرفة بالحقائق والأحداث واحترام معايير الحياد والاستقلالية والموضوعية في العمل الصحفي . · تخلي المرشحين عن استخدام الشعارات الدينية والمال السياسي في الانتخابات والعمل من خلال استخدام وسائل غير تقليدية لإقناع الناخبين على التصويت لهم . عدم تدخل السلطة التنفيذية المحلية من محافظين ورؤساء مدن وأحياء وعمد ومشايخ في سير الانتخابات وفصل العلاقة بين مؤسسات الدولة والحكومة والحزب الوطني. == س.س |