منذ عصر سحيق كانت مصر تتميز بصناعة البردى، وذكر المؤرخ الرومانى ” بلينى” فى هذا الشأن أن صناعة البردى اختص بها المصرى حتى العصر الرومانى وقد ظل استعمال البردى فى صناعة الورق حتى القرن التاسع أو العاشر الميلادى حتى تم تغيير ذلك إلى الرق وهو من جلد الغزال وكانت تعد فى شرائح رقيقة ثم تملح وتجفف حتى تصبح صالحة للكتابة.
استمر الاقباط على نهج اجدادهم الفراعنة فى استخدام البردى فى الكتابة الى الوقت الذى استبدلوه بالرق ثم الورق المصنوع من الكتان ويوجد بدير من أديرة وادى النطرون اخر المخطوطات من الرق ويرجع الى سنة 1181 ميلادية وقد كانت الاديرة القديمة مركز للمعرفة
يقول الدكتور عزت حبيب مدير عام الترميم بالمتحف القبطى أن المخطوطات فى المتحف القبطى مقسمة حسب اللغات المكتوبة بها الى أربعة انواع، أبرزها مخطوطات باللغة اليونانية وهى أقدمها عهدا ومخطوطات يونانية ومترجمة فى نفس الوقت باللغة القبطية وبجانبها الترجمة باللغة العربية ففى خلافه الوليد بن عبد الملك أمر بإحلال اللغة العربية محل اللغة القبطية وشرع الاقباط فى ترجمة الكتب القبطية الى العربية. ويوضح أن هذه المخطوطات كانت تغلف بأغلفة من الجلد للحفاظ عليها لذلك ازدهرت صناعة التغليف فى الاديرة.
يضيف مدير عام الترميم بالمتحف القبطى أنه لأهمية هذه المخطوطات كان لابد من مشروع التوثيق وحصر مخطوطات المتحف القبطى وذلك بالتعاون بين المجلس الاعلى للآثار والمتحف القبطى ومعهد “بولى جيتى” بالولايات المتحدة وجمعية أصدقاء ومحبى المتحف القبطى.
وتقول الدكتورة نادية تموم، الأثرية بمكتب الامين العام بالمجلس الاعلى للاثار والمشرف الفنى للشئون العلمية بالمتحف القبطى ومديرة مشروع جيتى لمخطوطات المتحف القبطى، أنه فى البداية تم تدريب الكوادر المصرية المشاركة فى المشروع على استمارة خاصة لملئ البيانات وتمت بمعرفة خبراء من معهد بولى جيتى، وأيضا تم ملئ استمارة خاصة لكل مخطوط موضح بها المقاس والوصف وبيان عن حالته الاثرية ونوع الحبر ونوع الخط وعدد الاسطر مع اخر رقم للمخطوط يتم التعرف عليه عن طريقه، ثم قام فريق الاجانب المتخصصين فى اللغة والتاريخ القبطى بدراسة المخطوطات لغويا وتاريخيا وفهرستها ودراسة موضوعاتها وترقيمها واعدادها لعمل كتالوج جديد للمخطوطات فى المستقبل .
ويوجد بمكتبة المتحف القبطى ما يقرب من 6000 مخطوط تتضمن أشهر أاقدم مجموعات من المخطوطات مثل مجموعة نجع حمادى والتى ترجع الى القرن الثالث / الرابع الميلادى وتحتوى 13 كتابا فلسفيا، وهى النسخة الوحيدة الموجودة والمنقولة عن النسخة الاصلية غير الموجودة حاليا، وهى تضم مخطوطات الأنبا شنودة رئيس المتوحدين والتى تعد من اقدم الكتابات الادبية الموجودة فى العالم كله وهى ترجع الى اكثر من قرن ميلادى، وكذلك مخطوطات النقلون بالفيوم وترجع الى القرن الحادى عشر الميلادى وتمثل جزءا من الحياة اليومية للرهبان فى هذه البرية، هذا بالاضافة الى مخطوطات المزامير وهى اقدم نسخة كاملة للمزامير من القرن الرابع الميلادى ومكتوبة على الرق. وكذلك توجد مجموعة كبيرة من المخطوطات التى تمثل سير القديسين والصلوات الكنسية من قطمارس وخولاجى و ابصلمودية، كما تضم المكتبة انجيل يهوذا، انجيل مريم المجدلية، انجيل توما وانجيل رؤية يوحنا وغيرها من الأناجيل الهرطوقية والتى كانت سائدة فى القرون الاولى ميلاديا
وعن الزيارات السياحية للمتحف يقول بهجت عبده فانوس مدير المتحف القبطى إن منطقة مصر القديمة منطقة ثرية جداً بالآثار التى ترجع إلى عصور مختلفة، فهى تحوى مجمع الاديان اليهودية والمسيحية والاسلامية، وهى اقدم منطقة متحفية كما تضم العديد من الكنائس الأثرية وهى احدى محطات العائلة المقدسة اثناء رحلة الهروب الى مصر وعادة ما تكون موضوعة ضمن الخارطة السياحية لزيارة مصر.
ومن جانبنا – والكلام لمدير المتحف القبطى – تم وضع موقع لنا على الإنترنت للتعريف بالمتحف وما يحويه من كنوز مهمة للبشرية تمثل العصر القبطى بكل ما فيه من آثار وفنون وتحف وأيقونات ومخطوطات مع تجهيز المتحف بأحدث التكنولوجيا لاتاحة عرض متحفى على أعلى مستوى وتحديث وترميم وصيانة الاقسام المختلفة للمتحف وتجهيزها بأحدث وسائل الاضاءة والانذار وأجهزة الاطفاء والامان .
وبالنسبة لزيارة الأفواج السياحية للمتحف يقول ماهر حبيب – مرشد سياحى – أن منطقة مصر القديمة غنية بالآثار المسيحية مثل الكنيسة المعلقة وكنيسة أبى سرجة والمتحف القبطى الذى يحوى كثير من المخطوطات والقطع الأثرية المعبرة عن ذلك العصر، ولكن ينقصه الدعاية الكافية لوضعه فى مقدمة الخارطة السياحية لزيارة القاهرة مع تقليل قيمة التذكرة حيث انها تبلغ 50 جنيها، وهى قيمة كبيرة على السائح هذا بخلاف الوقت الذى يحدد لمنطقة مصر القديمة للزيارة من قبل الشركات السياحية والذى يبلغ ساعة ونصف فقط، فيتم زيارة المعلقة وكنيسة أبى سرجة وينتهى الوقت بدون زيارة المتحف القبطى ويمكن أن تحدد نسبة زيارة أفواج السياحة الى المتحف بـ 50% من أعداد السياح التى تزور المنطقة.