في سابقة فريدة من نوعها وتأكيدا علي نموذج المواطنة الإيجابي قام أهالي قرية بني غني بسمالوط بمحافظة المنيا(مؤخرا)بدعوة أحمد ضياء الدين محافظ المنيا والقيادات الشعبية والتنفذية لافتتاح كنيسة ومسجد في آن واحد بالقرية التي يبلغ تعدادها10آلاف نسمة يمثل المسلمون فيها60% والأقباط 40%.. حيث احتفل أهالي القرية,مسلمين وأقباطا,بافتتاح الكنيسة الإنجيلية والمسجد الوسطاني بالقرية في وقت واحد بمشاركة وفاعلية لم بسيق لها مثيل بعيدا عن روح التعصب والعنف الذي تشهده بعض المناطق عند افتتاح كنيسة أو مبني خدمات وتأسيسا لقاعدة جديدة للمواطنة.
وطني انتقلت لقرية بني غني لرصد التجربة الناجحة في المشاركة المجتمعية للمواطنة والقائمة علي الدعوة للتسامح والمحبة وقبول الآخر,وكان العمود الفقري في هذه التجربة مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة التي استطاعت خلق قرية نموذجية تقوم علي المشاركة بين مسلميها وأقباطها دون تسرب سموم الأفكار المتطرفة.
أخشاب بناء مشتركة
التقتوطنيالقس بهاء رشاد راعي الكنيسة الإنجيلية والذي قال:الكنيسة الإنجيلية الجديدة يعود تأسيسها إلي عام1907 وكانت مشيدة بالطوب اللبن وتعرضت لتصدع في زلزال1992 فتم وقف الصلاة بها وتقدمنا بطلبات لإعادة هدمها وترميمها إلا أن الإجراءات تأخرت وتم التقدم بطلبات أخري مع بداية الألفية الجديدة حتي تمت الموافقة علي الهدم والبناء في نهاية عام2005 وبدأت أعمال البناء في بداية 2006 علي مساحة 120مترا,وتزامن أثناء البناء الموافقة علي هدم وتوسيع مسجدالوسطانيبالقرية الذي يبعد عن الكنيسة بـ 300متر, ونظرا لتمتع البلد بطبيعة مختلفة وتواجد المشاركة بين الناس اتفق علي افتتاح الكنيسة والمسجد معا حتي أنه عندما احتاج المسجد لأخشاب قام المهندس علي حسن باستكمالها من أخشاب البناء بالكنيسة وهو سلوك نموذجي ومشاركة فعالة بين أهالي القرية الواحدة وسط حضور القيادات الرسمية والمحافظ لافتتاح الكنيسة والمسجد في احتفال مشترك للقرية.
ومبني الكنيسة مكون من ثلاثة أدوار خصص الدور الأول للعبادة والثاني كمبني خدمات والثالث مازال في طور الإعداد لإقامته كمسكن لراعي الكنيسة.
أجلنا افتتاح المسجد
قال المهندس علي حسن سليمان رئيس مجلس إدارة جمعية نهضة بني غني والمشرف علي إنشاء المسجد المسجد أنشئ علي مساحة350مترا مربعا وبه مستوصف خيري لعلاج أهالي القرية والقري المجاورة, والجميل أن وقت بناء المسجد تزامن مع إعادة إعمار الكنيسة الإنجيلية, وكنا عندما نحتاج إلي أخشاب للمسجد نأتي بها من الكنيسة والعكس كذلك,وكان من المقرر افتتاح المسجد والكنيسة منذ عيد الأضحي المبارك,فجاء حادث أتوبيس الكنيسة الإنجيلية بالمنيا فقررت الكنيسة تأجيل الافتتاح وطلبوا منا افتتاح المسجد خاصة أننا كنا قد انتهينا من توجيه الدعوات للمحافظ والقيادات الشعبية والأهلية إلا أننا رفضنا الاحتفال بالافتتاح في ظل أحزان الطائفة الإنجيلية علي أبنائها,وقررنا ألا يتم الافتتاح إلا في يوم واحد كما اتفقنا عليه من قبل لتعم الفرحة نفوس أبناء القرية جميعا.
قرية المحبة والقدوة
الشيح محمد خلف أبو زيد أحد المشرفين علي المسجد أوضح قائلا:افتتاح المحافظ للمسجد والكنيسة يمثل دلائل بارزة في نموذج الوحدة بين أبناء القرية ويظهر هذا في مد أقباط القرية للمسجد بالأخشاب لاستكمال البناء وساهم به المهندس لطيف أبو رمزي وأضاف أن المسجد يتكون من ثلاثة أداور الأسفل مصلي للرجال والثاني للسيدات والثالث مستوصف خيري بتكاليف قدرها750 ألف جنيه وفصل لحفظ القرآن, ويخضع المسجد لهيئة الأوقاف والقرية فيها محبة منذ وقت طويل وتعاون وأنشطة مشتركة, وكان الافتتاح بمثابة يوم عيد للقرية كلها,وقال خلف:أطالب بأن يكون هذا نموذجا يحتذي به في كل القري بعيدا عن روح التعصب والكراهية وأشير إلي أن والدتي عندما علمت بشرائي منزل جديد رفضت ترك جيرانها من المسيحيين برغم فرحتها ولذا يجب توريث تلك المحبة للأجيال الجديدة من خلال المدارس وخطباء الدين حتي تظل القرية قدوة حسنة بمحافظة المنيا.
قرية المجتمع المدني
نصرالله لبيب عضو جمعية الحياة الأفضل بالقرية ورئيس مجلس إدارة جمعية رواد بيت ثقافة سمالوط عبر عن واقع القرية وقال:افتتاح المجسد والكنيسة جاء نتيجة جهود مبذولة من قبل مؤسسات المجتمع المدني ومشاركة رجال الدين لجعل قرية بني غني نموذجا للمواطنة الكاملة فهناك مشاركة مدنية متمثلة في جمعية نهضة بني غني التي يرأسها المهندس علي حسن وتضم في عضويتها أقباطا ومسلمين وجمعية الحياة الأفضل الإنجيلية فضلا عن الجمعية الشرعية بالقرية ومشاركة جمعية الشبان المسيحيين بسمالوط في الإعداد وتعزيز تلك الجمعيات بالمشاركة وإقامة الأنشطة المشتركة حيث إن المدارس مشتركة وكذلك الأعمال التجارية.. وتخلو القرية من أي مؤسسات تعليمية دينية, وتجسدت هذه الاحتفالية بمشاركة السيد المحافظ ورئيس مدينة سمالوط ورجال الأوقاف ورجال الدين المسيحي من الطائفتين الأنجيلية والأرثوذكسية في تجمع متفرد يضم كافة الفئات.
أضاف:الاحتفالية بدأت بافتتاح الكنيسة وتقديم تراتيلمبارك شعب مصرثم توجه الجميع من الكنيسة إلي المسجد لافتتاحه فكان عيدا قوميا للقرية بعيدا عن المجاملات لأن هذا واقع هو القرية الحقيقي النابع من روح المحبة والانتماء لها.
غرس مواطنة حقيقية
نفي نصرالله وجود أي اعتراض أو تذمر من أبناء القرية المسلمين عند بناء الكنيسة بقوله:عمال البناء كانوا من المسيحيين والمسلمين وكان لرجال الدين مساهمة كبيرة في تنسيق الاحتفال ليخرج بهذه الصورة اللائقة, وترك آثارا إيجابية للأجيال الجديدة من الأطفال التي شهدت التوأمة بين دور العبادة وهذا ما تهدف إليه الجمعيات الأهلية والمؤسسات الدينية داخل القرية…ومن جهتي أطالب الجهات الرسمية بفتح الباب للمجتمع المدني للقيام بدوره الحقيقي فلماذا تأخرت إجراءات السماح بإعادة هدم وبناء الكنيسة منذ عام1992 رغم عدم وجود أدني مشكلات من جانب مسلمي القرية نظرا للثقافة والمحبة التي يتمتعون بها.. لذا قيام المجتمع المدني بدوره سوف يزيل العديد من الاحتقانات والأعباء أيضا عن الجهاز الأمني بحجة الدواعي الأمنية.
أطالب أيضا بضرورة تخصيص مقاعد للأقباط بمجلسي الشعب والشوري لفترة محددة بهدف دفعهم للمشاركة المجتمعية والسياسية وخلطهم داخل النسيج المجتمعي وهو ما يقرب المسافات ويدفع بتعريف الآخر ويسهل من مهمة غرس المواطنة الحقيقية لدي عامة الشعب لأن النظام الحالي للانتخابات لا يسمح بوجودهم أو أخذ الفرصة لتأكيد وطنيتهم وتواجدهم كمواطنين لخدمة الوطن الواحد من أبنائه مسلمين وأقباطا.
الأقباط علي قائمة الانتخابات
وفي رؤيته لدور المجتمع المدني قال مجدي ملك – رجل الأعمال وعضو مجلس محافظ المنيا:دور المجتمع المدني أصبح ذا أهمية في هذا التوقيت لإزالة الجليد والاحتقان الطائفي الذي بات سمة سائدة نتيجة أفكار منتشرة تهدف لقتل المواطنة الحقيقية.. لذا نموذج قرية بني غني وما قام به المجتمع المدني متمثلا في الجمعيات الأهلية يجب أن يكون مثالا حقيقيا لحل قضايا كثيرة دون اللجوء للقاعدة الأمنية السائدة. وعلي الحزب الحاكم ضرورة وضع الأقباط علي قائمته في الانتخابات المقبلة دون اللجوء لتخصيص مقاعد لهم لأن مشاركة الأقباط وظهورهم علي الساحة وتفاعلهم مع شركائهم المسلمين يمثل أهمية كبيرة في مواصلة برنامج المشاركة الاجتماعية لأن ابتعاد الأقباط عن المشاركة والتمثيل السياسي يضعهم في رؤية الغرباء عن المجتمع وبالتالي يخلق العديد من الاحتقانات عند لجوئهم للتمتع بحقوقهم الدينية.
أنشطة مشتركة
أشاد ملك بقيام محافظ المنيا بفتح المسجد والكنيسة في وقت واحد وقال:هذا له دلائل كثيرة سوف تترك آثارا إيجابية داخل نفوس المواطنين بأن دور العبادة هي منفعة عامة دون تمييز كما لا توجد خطورة من فتح كنيسة, وهذا ما أكده المحافظ خلال الاحتفالية الضخمة التي أقيمت بالقرية بهذه المناسبة وأحب أن ألفت الانتباه إلي نموذج ناجح لمؤسسات المجتمع المدني ممثلا في الهيئة الإنجيلية للخدمات القبطية والتي لها نشاط كبير داخل محافظة المنيا واستطاعت بنجاح نشر فكر جديد بين رجال الدين المسيحي والإسلامي من خلال منتدي حوار الثقافات وهذا ما نجحت فيه داخل قرية بني غني كنموذج لذلك وقيامها بأنشطة تجمع بين الطرفين دون تمييز لتأسيس مجتمع صحي يشعر بنتائج تلك الأعمال والتقارب بين الطرفين في فهم الآخر وقبوله دون أي هواجس يسعي بعض المتطرفين إلي زرعها واستغلالها ضد فكرة المواطنة.
حتي تصل الرسالة
التقت وطني اللواء عمرو أحمد حسين الذي عبر عن سعادته الغامرة لما كانت عليه قرية بني غني في ذلك اليوم قال:مظهر المودة والمشاركة مشهد يفرح الجميع فالمسلمون والمسيحيون يجلسون بالكنيسة وهم أيضا ينتقلون للجلوس بالمسجد ثم يتم عقد لقاء مع المحافظ بجمعية بني غني ويدور حوار مثمر وتبادل للآراء والضحكات أيضا بعيدا عن أي تفاهات أو مهاترات وأطالب بضرورة نشر هذا النموذج في جميع أنحاء مصر لتأكيد المواطنة الحقيقية والإخاء بين أبناء الوطن الواحد لأن هذه القرية عاشت يوما كعيد قومي حقيقي بعيدا عن التمثيل أو المجاملات.. ونظرا للإخفاق الإعلامي في تغطية هذه الاحتفالية والتقصير في توجيه الدعوة لوسائل الإعلام بشكل مكثف سوف يخصص يوم ضمن احتفالات العيد القومي لمحافظة المنيا ليعاد افتتاح المسجد والكنيسة بشكل جديد حتي تصل الرسالة للجميع من عامة الشعب بأن الله واحد وأنه يعبده الجميع بعيدا عن التطرف والتعصب الأعمي الذي زرعته فئة جاهلة تسعي لتشويه صورة مصر التي هي مباركة من جميع الأديان.
وطني…ليت هذه الخطوة المشرقة تتكرر في عشرات القري المصرية,فهذا النهج الذي سار عليه أبناء قرية بني غني (مسلمين ومسيحيين)من تضافر للجهود ومشاركة حياتية متكاملة في العيش المشترك يجب أن ينتشر…لأنه بالقاعدة الشعبية فقط نستطيع أن نغير الواقع المريض وننطلق إلي المناخ الصحي الذي هو من أصل مصر عبر قرون طويلة…فهل نطلق العنان لمؤسسات المجتمع المدني لكي تؤدي دورها المثمر في جمع أبناء القري والمناطق معا في أنشطة مشتركة…النتائج بحق مبهرة وها هيبني غنيقرية نموذجية في المحبة والمشاركة.. لذا نطالب باستنساخ تجربة قرية بني غني.