ما بين ديون أوربا وأمريكا واقتصاد عالمي هش قابل للانهيار وأزمة غذاء تهدد معظم سكان العالم خاصة في الدول النامية والفقيرة اجتمعت مجموعة دول العشرين علي مدار يومين في مدينة كان الفرنسية وانفضت بعد يومين حافلين بالمناقشات والخلافات العصيبة دون أن يتفقوا علي الحفاظ علي الأوضاع الراهنة دون تصعيدها خوفا من أزمات مستفحلة وثورات شعبية اختلف قادة دول العشرين حول حجم الأموال التي يمكن للدول العشرين أن تمد بها صندوق النقد الدولي لتعزيز قدرته علي مساندة الاقتصاديات المتأزمة, والتي كان مأمولا لها أن تصل إلي 250 مليار دولار.
وتضمنت الاختلافات أيضا تفاصيل حول مدي مساهمة كل دولة فيها , لكنهم في النهاية اكتفوا بالاتفاق علي أنهم سيضمون توفير مساندة قوية لصندوق النقد الدولي. كذلك اختلف قادة دول العشرين حول أزمة اليورو في أوربا, وكان الرئيس الأمريكي أوباما شديد التردد بسبب الضغوط التي يتعرض لها من الكونجرس الأمريكي.
أما رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني فقد لفت أنظار المشاركين في قمة العشرين بإنكاره المستمر لتفاقم الأزمة في بلاده, إذ أنه بالرغم من وصول ديون إيطاليا إلي 1.9 تريليون يورو بما يمثل 120% من الناتج المحلي مع ارتفاع تكاليف الاقتراض إلي معدلات خطيرة وتصريح الرئيس الإيطالي شخصيا بأن إيطاليا تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية نجد بيرلسكوني يصر في قمة دول العشرين علي أن بلاده لا تواجه أي مشكلات مالية معتبرا أن اقتصاد إيطاليا أكثر تماسكا من اقتصادي فرنسا وبريطانيا, مشيرا في هذا الصدد إلي أن عجز الموازنة الإيطالي يمثل نصف العجز الفرنسي, إلا أن حديث بيرلسكوني عن تردي الأوضاع الاقتصادية في الدول المجاورة واعتباره أن ازدحام المطاعم في إيطاليا مؤشر علي قوة الاقتصاد لم يكن كافيا لإقناع قادة دول العشرين ولا حتي المجتمع الدولي بعدم خطورة الوضع الاقتصادي في إيطاليا- والتي يرشحها البعض لتكون خليفة لليونان التي تفاقمت فيها الأزمة حتي أصبحت عرضة للإفلاس- ولذا اضطر رئيس الوزراء الإيطالي خلال قمة دول العشرين للموافقة علي مراقبة من صندوق النقد الدولي لمستوي التقدم الذي تحققه إيطاليا وخاصة في مجالات إصلاح نظام المعاشات وسوق العمل وعمليات الخصخصة.
ويؤكد معظم الخبراء الدوليين الذين تابعوا قمة العشرين علي فشل هذه القمة في التواصل لإنفاق حول خطة لتقديم مساعدات مالية لدعم منطقة اليورو في مواجهة أزمتها الطاحنة , حيث أكدت صحيفة الجارديان البريطانية- علي سبيل المثال – أن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني طالب دول اليورو بحل مشاكلها بنفسها, محذرا من أنه في كل يوم تستمر فيه أزمة اليورو بدون حل وأوضح هو بمثابة يوم قاس جديد يهدد الاقتصاد العالمي وكذلك الاقتصاد البريطاني.
ومن ناحيتها أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن تطهير الاقتصاد الأوربي والتعافي من أزمة منطقة اليورو الراهنة قد يستغرق عقدا من الزمان, وأن الخروج من الأزمة يستلزم تعاونا أوربيا من حيث الحد من مستوي الدين أو بذل كل جهد ممكن لإيجاد مخرج.
والسؤال الأساسي الذي يطرحه خبراء الاقتصاد وهو : ماذا قدمت قمة العشرين للاقتصاد العالمي؟!. والإجابة بصراحة هي: لاشيء!!. فقط تطمينات بالعمل لإيجاد مخرج والسعي لإيجاد حلول عميقة للأزمة الاقتصادية العالمية.