أخطر ما فى مسلسل الريان أنه تبنى وجهة نظر الريان بالكامل، لذلك يصل المشاهد إلى نتيجة مفادها أن الرجل كان يقدم خدمة جليلة للإقتصاد المصرى .وإنه كان مستمر فى تقديم الارباح وأن الحكومة هى السبب فى خراب بيوت المودعين وضرب تلك الشركات .الأمر الذى جعلنى أنبش فى مكتبتى عن كتاب (توظيف الفساد ) للكاتب الصحفى بدر عقل والذى صدر عن الدار العربية عام 1988 وقدم تحليل سياسى وإقتصادى لظاهرة توظيف الأموال بالوثائق والأسماء
والكتاب قدم له الصحفى الكبيرعادل حمودة قائلاً (عندما صدر قانون توفيق – أو تلفيق – أوضاع هذه الشركات كان الكثير قد فات وإنهار وكان سم العقرب قد تسرب إلى جسد الحكومة والصحافة والتليفزيون والمدعى العام الإشتراكى وأجهزة الدولة وبعض كبار المسئولين ومعظم صغار المودعين وعندما راحت هذه الشركات تغرق كان يغرق معها الإقتصاد القومى. وبسبب ترك الحبل على الغارب لهذه الشركات أتسعت رقعة العبث بالإقتصاد . وبدأت أعراض المرض بالدخول إلى مرحلة التردى المزمن ثم سرعان ما وصلت لمرحلة الخطر . فقد أنخفض معدل الإدخار المحلى من 12 فى المائة عام 1981 بداية نشاط هذه الشركات إلى 7فى المائة عام 1978وانخفاض الإدخار يعنى تقلص الاستثمار مما يعنى التضخم وزيادة الاستهلاك والبطالة ولقد خاصمت نسبة كبيرة من الودائع البنوك التجارية وصناديق التوفير وتسربت عبر بالوعة هذه الشركات إلى خارج البلاد وكان أن تقلصت نتائج أعمال البنوك فنشرت مجلة الأهرام الإقتصادى فى 30 مايو 1988 أن نتائج أعمال البنك الأهلى من 51 مليون فى عام 85 إلى 37 مليون فى عام 87 وانخفضت الأرقام فى بنك مصر عن نفس الفترة من 40 مليون إلى 35 مليون ولأن هذه الشركات جمعت العملات الحرة وتاجرت فيها فقد أشتعلت النار بجنون فى سعر الدولار – وحدة النقد الحقيقة فى مصر – ومع إزدياد الطلب على تجارة الدولار بسبب تجارة المخدرات (10 مليارات دولار سنوياً ) وبسبب القفزات المتلاحقة فى سعر الدولار عجزت الكثير من الشركات عن سداد ما أقترضته من البنوك.
وأشار حمودة إلى فساد بعض المسئولين الذين كسبوا الكثير من وراء تسهيل الفرص لهذه الشركات لجمع الملايين وتهريب أغلبها للخارج لدرجة أن المدعى الإشتراكى السابق المستشار عبد القادر أحمد على وضع فى موضع إتهام بعد أن زادت ثروته من نصف مليون إلى 3 ملايين وقد طالت الإتهامات 25 شخصية سياسية مهمة بينهم 7 رؤساء وزارة وأعضاء مجلس الشعب.
وحول سطوة الريان التى لم يشر لها المسلسل ما جاء بالكتاب حول المحضر رقم 4 أحوال مصر الجديدة بتاريخ 8 إبريل 1988 والذى حرره الدكتور صلاح الدين السيد المستشار الإقتصادى السابق للريان وأستاذ إدارة الأعمال والرئيس الأسبق للجامعة الأمريكية بالقاهرة وقال فيه إنه أختطف بواسطة أصحاب شركة الريان وتعرض للحرق بالكهرباء فى قدمه وللضرب بشدة والتهديد بالقتل بمسدس وبحقنة بفيروس الإيدز لإرغامه على توقيع شيكات بمبلغ 15 مليون جنيه حتى لا يفتح فمه ويكشف ماعرفه بحكم عمله السابق فى الشركة
لكتاب يقع فى 14 فصل تضمنت تحليل واعى لما حدث فى معظم شركات توظيف الأموال (الريان – السعد – الهدى – الرضا – إلخ )بدأت بعمل معظم هؤلاء بتجارة العملة. وأكد الكتاب على تعاون الديكتاتورية مع شيوخ السلفية والذين ساعدوا تلك الشركات بالفتوى ضد البنوك والدعاية لهم من خلال توظيف بعض الأيات القرأنية واللحية والجلباب. وأشار الكتاب إلى عدم إهتمام هذه الشركات بالتصنيع والإكتفاء بالمضاربات فى البورصات العالمية والتجارة الاستهلاكية وشراء ذمم الصحفيين والمؤسسات الإعلامية لكى لاتهاجمهم، فتجربة الريان لم تكن توظيف أموال بل هى توظيف للفساد السياسى والإعلامى تحت غطاء الدين.
إ س
2-9-2011