ثمة مقولة أمريكية تحتاج إلي قدر من الشرح والإيضاح هي: أن في الإمكان تحويل الفيل أو الحمار في الولايات المتحدة إلي بطة عرجاء إذا هزم أي منهما في الانتخابات.
والآن إلي الشرح: منذ منتصف القرن التاسع عشر, ظل الفيل يرمز إلي الحزب الجمهوري والحمار يرمز إلي الحزب الديموقراطي بعد أن جعل الرسام الكاريكاتوري طوماس ناست هذين الرسمين الشعارين المألوفين للحزبين. أما مصطلح ##البطة العرجاء## فهو يشير إلي المسئول المنتخب الذي يقترب من نهاية ولايته, لا سيما المسئول الذي يمارس سلطات منصبه بعد انتخاب خليفته.
وفي كل عامين يجري انتخاب جميع أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ فيما ينتخب رئيس جديد كل فترة أربع سنوات. وينتخب جميع هؤلاء في مطلع نوفمبر, إلا أن الفائزين بمناصبهم المنتخبة لا يتولونها إلا في شهر يناير التالي. وفي الأسابيع التي تفصل بين هذين التاريخين, فإن المسئولين المهزومين أو المعتزلين, يظلون في الحكم ويصنعون قرارات لكن لا يعود بالإمكان محاسبتهم عليها في الانتخابات التالية.
وحينما يتبدل الرئيس في سدة الحكم, لا سيما حينما يكون الرئيس الحالي وخليفته من حزبين مختلفين, تثار أسئلة حول الزعامة رغم أن الرئيس الحالي يظل يحتفظ بصلاحياته القانونية في السلطة التنفيذية. وفي أحيان كثيرة يعمل الرئيس المنصرف وخليفته جاهدين علي تحقيق تحول سلس للسلطة.
ورغم أن أعضاء الكونجرس يغادرون واشنطن قبل موعد انتخابات شهر نوفمبر, فغالبا ما يستأنفون أعمالهم بعد يوم الانتخابات ويعودون لحضور دورة تعرف باسم: دورة ##البطة العرجاء##.
وقلما يتمخض عن تلك الجلسات تشريعات جوهرية. ففي عام 2008 لم يتمكن زعماء الكونجرس من صوغ قوانين موسعة لمعالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة بالبلاد خلال دورة مختصرة في الشهر الحالي, فتمكنوا من استصدار تشريع يمدد فترة المستحقات التي تقدم للعاطلين عن العمل من العمال الأمريكيين.
ويتدارس قادة الكونجرس العودة الي الإلتآم في الشهر المقبل لإقرار تشريعات إضافية بما فيها قانون لمساعدة صناعة السيارات التي تعاني من أزمة مستفحلة. لكن مساعد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ السيناتور الديموقراطي ريتشارد دوربين وصف هذه العملية بأنها وصلت طريقا مسدودا.
فراغ في السلطة؟
وفي مقاله في يومية نيويورك تايمز بتاريخ 21 الجاري, استنكر الاقتصادي, الحائز علي جائزة نوبل, بول كروجمن, ما دعاه بظهور فراغ في سلطة الحكومة في أوج الأزمة الاقتصادية وهو وضع شبيه بما حصل في الفترة التي سبقت تولي فرانكلين روزفلت مقاليد الرئاسة في خضم فترة الكساد العظيم.
وقال كروجمن في مقالته: ##الفترة التي فصلت ما بين حكم رئيسين في 1932-1933 وهي فترة مطولة بين الانتخاب وتسليم زمام الرئاسة, كانت كارثية للاقتصاد الأمريكي, وقد عزي ذلك جزئيا إلي أن الحكومة المنصرفة كانت تنقصها المصداقية في حين كانت تنقص الحكومة التالية السلطة القانونية, وهكذا كانت الهوة العقائدية بين الجانبين جسيمة إلي حد حال دون القيام بعمل موحد. ونفس الشيء ينطبق علي الفترة الحالية.##
ومضي كروجمن قائلا: ##لا شيء علي الجبهة السياسية يضاهي حجم الأزمة الاقتصادية. ومن المرعب حقا أن يفكر المرء باحتمالات الخطأ قبل يوم التنصيب.##
وبالرغم من المشاكل التي تلازم التأخير بين الانتخاب والتنصيب فإن ذلك الفاصل الزمني ضروري لمنح الرئيس المقبل متسعا من الوقت كي يختار ويجمع مسئولين رئيسيين ليعملوا في حكومته.
وفي الحقيقة فإن فترة ما يسمي ##البطة العرجاء## الممتدة 5نوفمبر حتي 20يناير, إنما تعكس تحسنا في الوضع الذي كان معمولا به في الثلاثينيات من القرن الماضي. إذ أن الدستور نص علي نفس موعد الانتخابات في نوفمبر الحالي, لكنه حدد موعد تنصيب الرئيس بيوم 4 مارس, أي بعد حوالي 4 أشهر.
واستجابة لاحتياجات مجتمع عصري أسرع وتيرة, أصدر الكونجرس التعديل العشرين علي الدستور في عام 1932 وأبرمه عدد كاف من الولايات بحلول 23 يناير, 1933, كي يصبح نافذا. واقتضي ذلك التعديل من الكونجرس الجديد أن يلتئم يوم 3 يناير وقدم موعد تنصيب الرئيس المنتخب إلي يوم 20 من نفس الشهر. وقد أصبح ذلك التعديل نافذا مع انتخابات الكونجرس في عام 1934 وانتخاب الرئيس في عام .1936
أضاف التعديل الثاني والعشرون الذي أبرم في العام 1951 منحي آخر علي الرئاسة الانتقالية. فقد حصر ولايات الرؤساء المقبلين بولايتين مما أوحي لبعض المحللين بأن هذا التعديل حد من فعالية الرئيس طوال السنتين الأخيرتين من ولايته.
وفي مجلس الشيوخ حيث انتخب 34 عضوا من مجموع الأعضاء المئة, فقد أربعة جمهوريين مقاعدهم فيما اعتزل أربعة غيرهم. ويواجه السيناتور الجمهوري الحالي ساكسبي شامبليس من ولاية جورجيا جولة انتخاب ثانية في حين ينتظر السيناتور الجمهوري من ولاية مينيسوتا نورم كولمن عملية إعادة تعداد الأصوات.
وبالتالي فسوف يعود 475 مشرعا حاليا في كلا مجلسي الكونجرس إلي مقاعدهم في يناير, 2009, للترحيب بالرئيس الجديد.
يو اس انفو