بعيدا عن الأفلام التى توقعت بالانفجار الذى حدث بشكل مواز أو مخالف لها فى 25 يناير. هناك عدد من الأفلام التى يمكن اعتبارها من أفلام التلسين السياسى، والتى أشارت بشكل أو بآخر إلى الفساد والفاسدين وحالة الانحدار التى وصلت إليها مصر فى السنوات الماضية.
وهى أفلام تستحق الإشارة لها وفك بعض رموزها، حيث لاوقت الآن للتورية والرموز، وقد سقطت كل أوراق التوت عن نظام مستبد فاسد وضعنا على حافة الهاوية.
كشف المستور
ومن بين أهم هذه الأفلام فيلم كشف المستور للكاتب المبدع وحيد حامد، وإخراج مخرج الروائع السياسية عاطف الطيب، وبطولة نبيلة عبيد وفاروق الفيشاوى وحسن كامى والفيلم صادم وجرئ، خاصة لمن يملك فك رموز شخصيته ومقارنة تلسينه السياسى بشخصيات واقعية تعيش بيننا، الأمر الذى يجيده المشاهد المصرى بمهارة، وتدور الدراما الرئيسية له حول الفترة التى اتهمت فيها المخابرات بتجنيد بعض الممثلات فيما سخر منه الفيلم بفريق الجهاد بالجسد من أجل الوطن فى مقابل الجنود الذين يجاهدون بأرواحهم لنفس الهدف .وهى القضية التى تفتح من جديد عندما يتم طلب أحدهن للعودة لنفس العملية، الأمر الذى ترفضه ويؤدى لقتلها، وعلى الرغم من أهمية الشخصية التى قامت بأدائها نبيلة عبيد إلا أن شخصيتا يوسف شعبان وفاروق الفيشاوى بالفيلم وهما من قاما بتجنيد السيدات وعرفا بجنرلات السراير أصبحا مصدر التلسين السياسى والنميمة، وتساءل المشاهدون هل المقصود بهما أو بأحدهما شخصية صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق، لأنه حوكم بالفعل فى قضية انحراف المخابرات المصرية فى الستينيات، وهو سؤال صعب، خاصة أن الرجل احتل العديد من المناصب وظل لمدة 22 عاما وزيرا للإعلام، والرفضوان لهذا التلسين يقولون إنه بكل نفوذه وقوته وسطوته كان قادرا على منع تصوير الفيلم أو حصوله على موافقة الرقابة. والذين يربطون بين الفيلم والشخص أن عدم عرقلته للفيلم كان ذكاء منه لكى لا يثير ضجة حوله توكد هذا التلسين، وفى كل الأحوال لقد فاز المشاهد بفيلم جيد وقوى، وأصبح الآن قادرا أن يطرح السؤال مجددا على الملأ.
التحويلة
ويأتى فيلم التحويلة كواحد من الأفلام المهمة التى أكدت على مقولة إنه فى مصر الدين لله والتعذيب للجميع، والفيلم من تأليف وجيه أبو ذكرى وإخراج أمالى بهنسى وبعيدا عن أن أحداث الفيلم تدور فى السيتينات كحيلة ذكية للحصول على تصريح الرقابة فكل المشاهد والملابس لا تعكس بوضوح هذه الفترة الزمنية، نحن أمام واقع تشعر أنك تعيشه الآن ضابط يهرب منه معتقل أثناء ترحيله فيقبض على المحولجى المسيحى بدلا منه وتحت التعذيب والضغط والإرهاب، يصبح مطلوب منه أن يعترف بجريمة سياسية لم يرتكبه ويغير اسمه ودينه فى إيحاء غير مباشر عن دور الأمن فى وقوع الأحداث الطائفية، وعندما يلتقط ضابط ذو ضمير يقظ يتم قتله مع المحولجى المسكين لتختلط دمائهما فى ماء النيل، الفيلم قام ببطولته فاروق الفيشاوى، ونجاح الموجى، وأحمد عبد العزيز ووفاء عامر.
الهروب
أما فيلم الهروب من تأليف مصطفى محرم، وبشير الديك، وإخراج عاطف الطيب وبطولة أحمد زكى، وهالة صدقى، ومحمد وفيق، وعبد العزيز مخيون، وحسن حسنى، فهو أيضا واحد من أهم أفلام التلسين السياسى، والذى يعبر عن فكرة سادت فى عهد الرئيس مبارك وهى استخدام الإعلام فى الإلهاء ولفت نظر الناس لقضايا فردية لإبعادهم عن مشاكل جوهرية، وخاصة بعد حدوث إخفاق حكومى فى أمر ما أو بعد رفع الأسعار، وهو ما يعرف بتحويل الاتجاه، والذى عبر عنه الفيلم بجملة عصا موسى التى تأكل كل الحيات الأخرى وتناول الفيلم بجراءة ما يحدث فى كواليس وزارة الداخلية من آلاعيب وظلم مثل التحاور مع الجماعات المتطرفة فى الخفاء، وتقسيم البلد بينهما أو الكوسة فى الترقيات، حيث نجد أبناء دفعة واحدة أحدهما عقيد – محمد وفيق – والآخر ملازم فى الصعيد – مخيون – أما استخدام الداخلية للإعلام فيظهر فى توظيف قصة منتصر – أحمد زكى – الذى يتحول إلى سفاح وبطل إعلامى كبير بفضل آلاعيب الداخلية لكى تحول نظر الشارع عن هروب المرأة الحديدية بالمليارات، وكذلك عن تصرف الشرطة الأهوج مع الشباب المتطرف، والذى أدى إلى ضحايا من الجانبين، ترى كم قصة وهمية عيشنا فيها الإعلام ليسحبنا من واقعنا المتردى، وهنا تجدر الإشارة أيضا إلى أن نهاية فيلم الهروب تتشابه مع نهاية فيلم التحويلة، فالبطلين الملعوب بهما – مخيون وزكى – يتم قتلهما على يد الداخلية وهذه النهاية المتطابقة تعبر بحق عن أيام تم فيها قتل كثير من الأبرياء سواء بالإعلام الموجه أو بالرصاص.
لف وارجع تانى
لم تخل أيضا الأفلام الكوميدية من إشارات إلى التلسين السياسى، فجاء بفيلم الناظر لعلاء ولى الدين مشهد شهير يخرج فيه محمولا على الأعناق فى مظاهرة ضد الإنجليز وعندما يبدأ الضرب فيهم يصرخ علاء قائلا :” لف وارجع تانى “، والتى يرددها المتظاهرون من خلفه، وهى نفس العبارة التى قالها الرئيس مبارك أثناء محاولة تعرضه للاغتيال فى أديس أبابا بإثيوبيا، حيث صرح وقتها أنه قاله للسائق:” لف وارجع تانى، وقد حولها الفيلم إلى إيفيه مضحك، وهكذا فقد استغلت السينما هامش الحرية للتعبير عن بعض القضايا المهمة واستغل المشاهدون فضاء النميمة المتسع للتعبير عن التلسين السياسى.
==
س.س
6 مارس 2011