تتزايد القنوات الفضائية المتخصصة فى الأفلام يوما بعد الآخر. فإلى جانب باقة روتانا التى تضم روتانا زمان وروتانا سينما هناك ميلودى أفلام وكايرو سينما وقناة سينما و art أفلام والحياة سينما وبانوراما فيلم وغيرها وكلها باستثناء نايل سينما تقوم بدور العرض السينمائى فقط من خلال عرض الأفلام بشكل مستمر فى الوقت الذى تقدم فيه نايل سينما بعض البرامج أشهرها ستديو مصر وبرامج تغطية المهرجانات، فى حين تقتصر باقى القنوات على العرض فقط وهو العرض الذى يسبقه إعلانات رنانة عن الأفلام دون أى معلومات مفيدة أو القيام بدور لتحقيق ما يمكن أن نطلق عليه ثقافة سينمائية . فعلى سبيل المثال تمتلك روتانا زمان ثروة فنية نادرة وعظيمة، وقامت بترميم مجموعة مهمة من الأفلام التى تمثل روائع التراث السينمائى، وهى تعرض أفلام لم نسمع بها من قبل ويعتبر عرضها فى حد ذاته فضل عظيم، لأن هذه الأفلام تعيد اكتشافنا لتاريخنا الفنى من أبعاد متعددة ولكن العرض المسمط للفيلم لا يكفى، فالكثير من هذه الأفلام يحتاج لمناقشات وتقييم ودراسة لا مجرد الإعلان بالصوت الجهورى على طريقة قرب تعال شوف الفيلم النادر. دون أن نعرف ما الذى جعل هذا الفيلم نادر وما المعنى المقصود من ورائها، فهل هو قدم تاريخ إنتاج الفيلم أم عرضه أم نادر فى نسخته، فأحيانا نجد القناة تعلن عن فيلم من إنتاج الأربعينيات، وتقول عنه نادر وأحيانا تعلن عن فيلم من الخمسينيات كفيلم نادر أم المقصود أنها المرة الأولى فى عرضه كلها أسئلة تصلح للمناقشة فى برنامج ولو لمدة ربع ساعة تسبق عرض الفيلم، بل أن قصة العثور على أى فيلم مجهول أمر شيق أظن أن المشاهدين سوف يتبعونه بشغف، خاصة إذا تضمن البرنامج قصاصات من الصحف التى كتبت عنه وقتها . ولكى لا يكون الكلام على العموم فيمكن أن نأخذ مثال على ذلك فيلم ( الوادى الأصفر ) الذى عرضته القناة منذ فترة وجيزة بصيغة الفيلم النادر، وهو من بطولة شكرى سرحان ومريم فخر الدين ويوسف شعبان عن قصة وإخراج ممدوح شكرى، وهو من إنتاج 1970 والفيلم على مستوى الرؤية لم يشاهد كثيرا من قبل، وبالنسبة لى كانت هذه هى المرة الأولى التى أشاهده فيها، وهو فيلم غير نمطى وقصته غير تقليدية، فنحن أمام قبيلة فى الصحراء تسيطر على حياتهم ساحرة وتنضب المياه عندهم ويرفض قادتها التقليديون التعاون مع مهندسين جاؤا من الحضر لمساعدتهم، ويحاول شكرى سرحان إقناعهم بالتحرك والبحث عن موقع جديد للمياه، وعندما يصل إلى نبع ماء يكتشفون أن الألغام تحيط به يدور ذلك فى إطار صراع بين الخرافة والعلم والحب والشهوة وكل الممثلين المشاركين بالفيلم يقدمون أداءهم بصورة مختلفة، وفيلم مثل هذا كان يجب أن تحتفى به القناة فتقدم تعريفا بالمخرج ممدوح شكرى والأفلام الأخرى التى قدمها، وكذلك يمكن استضافة نقاد وفنين من أساتذة السينما لتحليل الصورة والإضاءة المدهشة والديكور والملابس هنا يتحول الفيلم من مجرد طبق دسم يعرض فى مائدة مقامة على الهواء الطلق إلى مائدة ثقافية فنية . ويصبح عرضه حدث فنى مهم . كما يمكن لقناة تمتلك هذه الثروة الطائلة من الأفلام أن تقدم كتب كثيرة سواء عن الأفلام النادرة أو عن الفنيين الأجانب بالسينما المصرية، وهى كلها أحلام سهلة التحقق. وإذا تركنا روتانا زمان واتجهنا إلى القنوات التى تعرض الأفلام الحديثة نجد مشكلة واضحة وهى تكرار عرض هذه الأفلام بصورة تبعث على الملل، فتركيز هذه القنوات منصب على الأفلام الكوميدية الشبابية نفس الفيلم تجده بمليودى وبعد ساعة تجده فى الحياة سينما بصورة مستفزة، ولا ندرى ما هى إمكانية التنسيق بين هذه القنوات فى جدول العروض بينهم أم أن هذا أمر مستحيل، بينما تركز بعض القنوات خاصة ميلودى فى عرض ما اصطلح على تسميته بأفلام المقاولات. وهذه القنوات يمكنها إلى جانب عرض البرامج المفيدة أن تكون نافذة لعرض الأفلام التسجيلية التى لا تجد لها منفذ بأى قناة ولو فيلم تسجيلى مرة واحدة فى الأسبوع وفى أى وقت ترغب فيه إدارة القناة، بذلك ننقذ تراثنا من الأفلام التسجيلية من الضياع والنسيان وتكسب القناة مشاهد جديد ومختلف. كذلك يمكن عرض الأفلام الروائية القصيرة أو الديجتال والأفلام الوثائقية وهذا على هامش الأفلام المكررة وفى أوقات غير أوقات الذروة، فعشاق هذه الأفلام يرضون بأقل القليل، ويبحثون عن أى نافذة لعرضها، اعرف أن هناك من يسخر من هذه الأحلام لأننا نعرضها على بعض من يسلكون بحس التجار وتعنى السينما عندهم التسلية لا التثقيف، وهذا حقيقى لحد بعيد ولكن لن نخسر شيئا من هذا الطرح، فلعل وعسى أن يستجيب واحد منهم وتتحول قنوات الأفلام من دور عرض إلى قصور ثقافة . == س.س ديسمبر 2010 |