تناولت الأسبوع الماضي قضية إجازات أعياد الأقباط وهو الأمر الذي رسخ في اعتقاد الكثيرين من إخواننا المسلمين أنه تم تجاوزه بمبادرة الرئيس مبارك في ديسمبر 2002 باعتبار 7 يناير من كل عام-تاريخ عيد الميلاد المجيد-إجازة رسمية لمصركلها-بينما الواقع والحقيقة أن مبادرة الرئيس مبارك اقتصرت علي واحد فقط من الأعياد المسيحية الخمسة الرئيسية التي يتوجب علي مجلسي الشعب والشوري أن يقتفيا أثر الرئيس ويصدرا التشريعات اللازمة علي هديها.
أما الشق الثاني من قضية إجازات أعياد الأقباط فيكمن في الاشتباك القائم بينها وبين مواعيد الامتحانات -سواء المدرسية أو الجامعية منها-حيث لاتزال جداول الامتحانات تتنكر لمواعيد الأعياد المسيحية ، إما باحتلال ذات أيام الأعياد التي لم تدخل بعد في نطاق الإجازات الرسمية، أو بتجديد مواعيد الامتحانات في أي من اليومين السابق أو اللاحق لعيد الميلاد المجيد، أي 8، 6 يناير…وأنا لا أثير هذا الأمر هنا علي وجه العموم، إنما الثابت لدي من الشكاوي المريرة التي وصلتني أنه تم بالفعل الإعلان عن امتحانات نصف العام في المراحل التعليمية المدرسية والجامعية في هذين اليومين في مطلع العام المقبل .2008
وقد يقول قائل:وما الضرر من أن يكون الامتحان في اليوم السابق مباشرة علي العيد أو اللاحق مباشرة للعيد، طالما أن يوم العيد نفسه أعطي إجازة للأقباط؟وهنا أقول :إنه علي سبيل المبدأ الجامد لاضرر في ذلك ، إذ علي سبيل المبدأ أيضا يفترض أن التلميذ أو الطالب المقبل علي الامتحان -خاصة إذا كان امتحان نصف العام الدراسي-قد أتم التحصيل والفهم واستيعاب المنهج خلال الأشهر السابقة علي الامتحان ولا يعوزه اليوم السابق للمراجعة بالضرورة…لكن الحقيقة المؤسفة التي يجب عدم إغفالها هي أن المنظومة التعليمية السائدة حتي الآن لاتزال ترتكن إلي حد كبير علي التلقين والاستظهار أكثر منها علي الاستيعاب والاجتهاد، وبالتالي فإن نوعية الطالب الذي تنتجه هذه المنظومة يكون في حالة ذهنية غير مطمئنة إذا أضفنا إليها الرهبة المتوارثة من الامتحان ذاته سوف نجد أنه يرتبك قبل الامتحان ويظل ملتصقا بالكتاب يردد ويسترجع ما فيه ويكرر أداء تمريناته حتي ما قبل دخول الامتحان مباشرة.
إذا الإصرار علي تحديد مواعيد الامتحانات في أعياد الأقباط غير المعتبرة إجازات رسمية أو في اليوم السابق عليها مباشرة أو اليوم التالي لها مباشرة -سواء كان ذلك سهوا أو عمدا-يعتبر أمرا يفتقر إلي اللياقة والكياسة ، لأنه حكم يتسبب في إفساد استعداد الأسرة المسيحية للاحتفال بالعيد أو استمتاع أفرادها بيوم العيد نفسه، وذلك يخلف إحساسا بالغبن والمرارة لدي الأقباط .
ثم أعود فأقول:إن هذا الغبن يضرب مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص في الصميم فها نحن نحتفل هذا الأسبوع بعيد الأضحي المبارك حيث تم تحديد موعد الإجازة الرسمية بثلاثة أيام بخلاف يومي نهاية الأسبوع، أي وقفة العيد ثم إجازة العيد ثم نهاية الأسبوع، خمسة أيام متواصلة يحتفل فيها إخواننا المسلمين بالعيد، بالإضافة إلي أنه توجد فترة حرام قبل الإجازة وبعدها لا يجرؤ واضع امتحانات أو أستاذ علي تحديد موعد امتحان فيها….فإذا كان الأمر كذلك وكان المفهوم المرتبط بإجازات أعياد إخواننا المسلمين مراعيا لاعتبارات الاستعداد للعيد والاستمتاع به والاسترخاء بعده لاستجماع قوة الانطلاق للنشاط العادي مرة أخري، لماذا يتنكر أولئك لتلك المفاهيم في حالة أعياد الأقباط؟.
إن هذه القضية التي طال الكلام فيها سنوات طويلة متتابعة لاتزال مسكوتا عنها لايتصدي لها أحد، والآن إذ أعود لإثارتها إنما لأني أبحث من خلالها علي تفعيل حقوق المواطنة وترسيخ معايير المساواة بين المصريين…فلا يليق أن تكون هناك معايير مختلفة تفرق بين المصريين في تحديد إجازات أعيادهم الدينية أو في تحديد مواعيد الامتحانات الدراسية إما إبعادا عن الأعياد أو إلصاقا بها حسب الهوية الدينية للمواطن مسلما كان أم مسيحيا.
وأخيرا…هل هناك أمل أن يتسلح المسئولون المعنيون بالشجاعة لإعادة النظر في مواعيد الامتحانات التي تم بالفعل تحديدها يومي 8، 6 يناير 2008؟وهل هناك أمل في التصدي للخلل الذي يلاحق باقي الأعياد المسيحية في هذا الخصوص؟
========
وطني تبدأ عام اليوبيل الذهبي
اليوم تبدأ وطني أول أيام العام الخمسين من عمرها الصحفي حيث صدر العدد الأول بتاريخ 22 ديسمبر 1958، وسوف تحتفل أسرة وطني بيوبيلها الذهبي في 22 ديسمبر 2008 بإذن الله…وعلي مدار عام 2008 سوف تشارك وطني قراءها بباقة من الأعمال والإصدارات والأنشطة لتوثيق مسيرتها الصحفية وللاحتفال بعام اليوبيل بما يتناسب مع هذه المناسبة المرموقة.