لا أحد ينكر أننا أصبحنا ننتظر أفلام المخرج خالد يوسف لما تثيره من جدل.ولما تقدمه من تحد لأجهزة الرقابة ولكن هذا الانتظار لا يعني قبول كل ما يقدمه دون فحص أو نقد أو حتي تساؤل.فهو بالفعل مخرجموهوب ولكنه -للأسف-يريد أن يحظي بلقبالمخرج المفكر أوالمخرج السياسيوطبعا من حق كل مخرج أن يكون لهفكرهوانتماؤه السياسي.ولكن بشرط أن يقدم هذه الأفكار في إطار فني وليس في منشور زاعق صارخ كما حدث في فيلمه الأخيردكان شحاتة.
بضاعة الدكان
تدور قصة الفيلم التي كتبها السيناريست ناصر عبد الرحمن حول الرجل الصعيدي حجاج-تألق في دوره المبدع محمود حميدة-الذي رزقه الله بطفل شحاتةمن زوجته الثانية التي ماتت بعد ولادته فيحبه أكثر من إخوته من زوجته الأولي التي يحمل لها كراهية شديدة-هذا الخط الدرامي مستوحي بوضوح من قصة يوسف الصديق-ونتيجة لتمييز الأب لـشحاتةمنذ صغره تكبر كراهية إخوته له.ويظهر هذا التميز عندما يمنحه صاحب الفيلا التي يعمل بها-قام بدوره الفنان عبد العزيز مخيون-قطعة أرض ليقيم عليها دكانا يبيع فيه الفاكهة فيطلق عليه اسمدكان شحاتةرغم أنه ابنه الأصغر, كما أن الأب يقف إلي جانب شحاتة-قام بدوره الممثل القادم عمرو سعد-لكي يرتبط بحبيبة قلبهبيسة-هيفاء وهبي-التي استغل خالد يوسف شهرتها كعنصر تجاري له شعبية طاغية بين بضاعة دكانه في حين أن إداءها جاء ضعيفا ولا يمكن توجيه اللوم لها لأنه أول أدوارها في السينما في ظل تفوق باقي فريق العمل-وينجح الأب في خطبتها له علي الرغم من طمع ابنه الثاني فيها.وبعد موت الأب يبدأ فصل انتقام الإخوة منشحاتةفيتهمونه بتزويرخاتمأبيهم,ويلقي في السجن ويتزوج أخوه من خطيبته غصبا عنها وبمساعدة أخيها- عمرو عبد الجليل الذي قام بدور كرم غباوةوالذي تحمل عبء تقديم الابتسامة وسط الكآبة المنتشرة في ميلودراما الفيلم-كما يتفق الإخوة مع ابن صاحب الفيلا علي بيع الجنينة لسفير أجنبي نعرف فيها بعد أنه السفير الإسرائيلي.وعندما يخرج شحاتة من السجن ويبحث عن إخوته بكل حب وتسامح يقتله أخوه الذي تزوج من خطيبته.هذه في حدوتة الفيلم الدرامية…أين إذن السياسة والأفكار.
القصة علي شكلها السابق لا ترضي غرور المخرج خالد يوسف لذلك كان لابد منحشرالمواقف السياسية في الأحداث ولو حتي بطريقةالشاهدحيث نجدشحاتةشاهدا صامتا علي العديد من الكوارث التي مر بها المجتمع المصري في فترة حكم الرئيس مبارك-فهو ولد يوم قتل السادات-ومن هذه المواقف حريق مسرح بني سويف والمشاجرات حول شراء الخبز وبيع الماء ووقفة القضاة الاحتجاجية وتزوير الانتخابات الرئاسية..إلخ,وهناك من يري أندكان شحاتةيرمز إلي مصر التي تم بيعها إلي إسرائيل؟؟!أو هو رمز الطيبة المصريةالتي عندما تقتل سوف يعم الخراب والفوضي في كل أنحاء البلاد.. وقدم المخرج بالفعل مشاهد الختام المرعبةحيث تسيطر عصابات قطع الطرق والجماعات الإرهابية وتسود البلطجة علي الشارع المصري.وهي مشاهدةثقيلة جدا علي النفس ومن الممكن تبرير تقديم هذه المشاهد بأن رؤيتها علي شاشة السينما تحذير من حدوثها في الواقع.
تساؤلات
يبقي عدد من التساؤلات التي يثيرها الفيلم من خلال بعض المواقف غير المبررة دراميا.فمثلا لماذا يتم القبض علي الثري الاشتراكي-عبد العزيز مخيون-يوم قتل السادات والتحقيق معه.في حين أن قتلة السادات تم القبض عليهم بالفعل وكلهم ينتمون للتيار الإسلامي المتشدد؟!لماذا يبكي الفيلم عليالرئيس جمال عبد الناصرويصفه بالأب بل وأن صورته تسد شرخ الحائط في رمز إلي أن مبادئه تسد شرخ المجتمع في حين أن الفساد وكل أشكال التخلف الذي تعاني منه مصر يرجع إلي قرارات عبد الناصر بل أن لوم الفيلم الصريح للسادات هو لوم أيضا لـناصرالذي اختاره نائبا له.وكيف يطالب الفيلم بـالديموقراطيةوينعي أيام الديكتاتور؟؟!هل يعقل أن يطلب أخ صعيدي محافظ-عمرو عبد الجليل-من أخته هيفاءأن تقدم وصلة رقص مثيرة لـخطيبهاوأمام عينيه.أم هو مجرد استغلال لإغراءهيفاء وجذب تجاري للمراهقين؟هل يعني إقامة سفارة لإسرائيل في مصر بيع الوطن أم هو أن الأمر مجرد غزل للشارع الكاره لإسرائيل؟؟وعلي الرغم من المستويالتكنيكيالجيد للفيلم إلا أن ارتفاع صوت السياسة يخرج المشاهد دون التمتع بالفن.
وأخيرا فأن الأغاني والمواويل المستخدمة في الفيلم كان من الممكن إذا وظفت بشكل جيد أن تعطي للفيلم بعدا ملحميا ولكن نظرا لاتخاذها خطالنواحطول الوقت لم نستمتع بها.
روبير
[email protected]