في العام الأربعين
يسجل التاريخ الكنسي غدا الاثنين – 14 نوفمبر – مرور أربعين عاما, لتنصيب قداسة البابا شنودة الثالث, بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.. لن نعدد هنا إنجازاته ومواقفه, فهي صارت جزءا من تاريخ الكنيسة وتاريخ مصر.. لكننا نسجل لأيام صعبة عاشها قداسته علي امتداد هذا العام .. أيام مضت ثقيلة كالدهر كله.. وبقوة وإيمانه رأيناه يعزي شعبه وبحكمته يعيد حق كنيسته التي سلمها الله له.. راعيا أمينا عليها .. وظل يقود السفينة واثقا أن قوة الله قادرة أن تغير الأمور.
* تفجيرات العام الجديد
** البداية كانت مع اللحظات الأولي لبداية العام الجديد- ليلة رأس السنة- صرخ شعب كنيسة القديسين بالإسكندرية, إثر التفجيرات بها ودشنت دماء الشهداء واجهة الكنيسة بالكامل.. وكان حزن البابا شنودة علي أبنائه عظيما ورأيناه من عمق قلبه المتعزي بالرجاء يعزي أسرهم .. وفي رسالته لهم قال إن إلهنا استهان بالحزن واحتمل الصليب فليس بكثير أن نتألم من أجله.
* شهداء في القطار:
** لم تمر عشرة أيام من تفجيرات كنيسة القديسين, ليحدث الحادث الثاني, هو إطلاق النيران من قبل شرطي علي ستة أقباط داخل قطار أثناء توقفه بمحطة سمالوط, وأناب البابا شنودة ثلاثة من الآباء الأساقفة: الأنبا موسي أسقف الشباب, الأنبا دانيال أسقف المعادي, الأنبا صليب أسقف ميت غمر- والقمص سرجيوس سرجيوس وكيل البطريركية للصلاة علي شهداء سمالوط.. كان قداسته وقتها بأمريكا في رحلة علاجية وبرغم نصيحة الأطباء بالراحة , إلا أن قداسته كان يتابع الأحداث بالساعة مع نيافة الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا.
* الثورة وحقوق الأقباط:
** وسط شعور مسيحيي مصر بالاضطهاد وعدم الأمان, خرجوا لأول مرة إلي الشارع في مظاهرات سلمية يعبرون عن غضبهم ويطالبون بحقوقهم.
** بعد أيام اجتمع قداسة البابا مع رؤساء وممثلي الكنائس المسيحية, وأصدر قداسته بيانا يؤيد فيه شباب ثورة 25 يناير ودورهم في تحقيق العدالة والكرامة الإنسانية لكل المصريين.
* انتكاسة الثورة:
** في 4 مارس عادت سلسلة الأحداث المؤسفة والفتن الطائفية التي اعتادت عليها مطرانية الجيزة. وفي هذا اليوم هدم المتأسلمون كنيسة الشهيدين بأطفيح واعتبرها المصريون أقباطا ومسلمين انتكاسة لروح 25 يناير .. كان قداسته وقتها في رحلة علاجية بأمريكا ومن هناك ظل قداسته يتابع تطورات الأحداث في اتصالات مستمرة مع نيافة الأنبا ثيئودوسيوس أسقف عام الجيزة, حتي أعادت القوات المسلحة بناء الكنيسة وعاد السلام والهدوء لأطفيح بالكامل.
* كنيسة إمبابة:
** في مايو 2011, تجمعت أعداد حاشدة للسلفيين والبلطجية وهاجموا كنيسة العذراء بإمبابة, في غزوة بربرية اقتحموا أبواب الكنيسة وقتلوا حارسها ومضوا يدمرون ويخربون بيت الله, لانطلاق شائعة باحتجاز سيدة مسلمة في بيت للكنيسة.. وقتها وقف قداسة البابا شنودة مدافعا عن الكنيسة حتي قامت الحكومة بترميمها وتجديدها, وافتتحها رئيس الوزراء , وأعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة القبض علي عدد من الجناة.
* مذبحة ماسبيرو
** في سيناريو مشابه لأحداث كنيسة صول و إمبابة كان الهجوم في أكتوبر الماضي علي كنيسة ماريناب.. ومرة ثانية خرج الأقباط في مسيرة سلمية من دوران شبرا إلي ماسبيرو يعبرون عن غضبهم ويطالبون بحقوق كنيسة إدفو.. وكانت المذبحة التي سالت فيها دماء 27 شهيدا من أبناء الكنيسة وأصيب أكثر من 300 شاب قبطي.. وللوقت اجتمع البابا شنودة في جلسة مع أعضاء المجمع المقدس الذي حضره 70 من الآباء المطارنة والأساقفة وأعلنوا الصوم والصلاة بالكنيسة لمدة ثلاثة أيام من أجل سلامة مصر والمصريين .. ورأس قداسة البابا الصلاة علي جثامين الشهداء, وظلت الكتدرائية تستقبل الجثامين طوال اليوم.. كان البابا حزينا حزنا عميقا.. وعندما قدم إلي المقر البابوي الكثير من قيادات الدولة والقوات المسلحة لتعزية قداسته استقبلهم والألم يعتصره, ووجد قداسته في مقابلتهم فرصة لعرض الحقائق, وأكد لرئيس الوزراء ووزير الإعلام أن مسيرة الأقباط كانت سلمية ودماؤهم غالية جدا, كما عرض قداسته خلال لقائه مع عضو المجلس العسكري شريط فيديو يوضح الأحداث بالتفصيل مؤكدا لهم أن المسيرة سلمية.
كما شكل قداسته وفدا من خمسة من الآباء الأساقفة: الأنبا موسي أسقف الشباب, الأنبا بولا أسقف طنطا, الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة والأنبا يوأنس والأنبا أرميا سكرتيرا قداسته للاجتماع مع الفريق سامي عنان رئيس الأركان لتوضيح الصورة بالكامل, مؤكدين استياء الكنيسة لمذبحة ماسبيرو والهجوم والأخطار المهنية الذي تناولها التليفزيون المصري.
* البابا مع المشير:
** التقي قداسة البابا شنودة بالمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة في نهاية أكتوبر الماضي, ووعد المشير طنطاوي , البابا شنودة, أنه سوف يتخذ الإجراءات اللازمة لإنهاء جميع الموضوعات المتعلقة بالكنائس وإنهاء التحقيقات , بالأخص كنيسة الماريناب بإدفو وإعادة المبني إلي أصله طبقا للاتفاق الذي تم مع الكنيسة.. وجدد قداسة البابا المطالبة بصدور قانون دور العبادة بالكامل , ووعد المشير طنطاوي قداسته خلال اللقاء أن الدولة تنظر جميع ملاحظات الكنيسة علي مشروع القانون وسوف يتم الموافقة عليها في أقرب وقت ممكن.