مع ضغوط الحياة اليومية التي نعاني منها وتكبل وقتنا ولا تسمح لنا بالتفاعل الحقيقي مع عائلاتنا أو أصدقائنا.. تأتي أيام العيد لتخرجنا من هذه الضغوط لنقضي أياما مملوءة بالفرحة والسعادة تختلف فيها نشاطاتنا عن باقي الأيام ونتوقف عن العمل والدراسة والكد والسعي.. فتتجدد فيها علاقاتنا بالأهل والأصدقاء من خلال التجمع العائلي والزيارات الودية أو الاتصالات الهاتفية أو حتي مجرد الرسائل القصيرة التي تحمل عبارة كل سنة وأنت طيب.. ويصبح العيد فاصلا قصيرا نستعيد فيه طاقتنا وحالتنا المزاجية لكي نواصل الحياة بمشاغلها وضغوطها..
تقول مارلين مجدي 36 سنة ربة منزل إن العيد فرصة لتوطيد العلاقات ففي ليلة العيد أتلقي العديد من رسائل المعايدة عبر المحمول من أصدقاء وأقارب قد ينقطع الاتصال بهم لعدة شهور وأحيانا لسنوات ليس لشئ ولكن لضغوط الحياة.
تذكر تريزة رسمي 48 سنة مهندسة أنها تعودت في ليلة العيد أن تدعو أخواتها وأخوات زوجها لتناول إفطار العيد ورغم تعب تحضير الطعام لهم إلا أنها تشعر بسعادة بالغة بذلك.
ويقول نصر جرجس 45 سنة موظف إنني حرصت علي الاشتراك في إحدي الرحلات للتنزه يوم شم النسيم مع عائلتي رغم خوفي من البلطجة وعمليات السرقة.
تقول د. إجلال حلمي أستاذة علم الاجتماع الأسري جامعة عين شمس: العيد فرصة للتلاقي الأسري وتوطيد صلة الرحم بين أفراد العائلة, خاصة مع انشغال الناس بالعمل والدراسة ولا توجد فرصة للتواصل العائلي إلا في أيام العيد, وأحيانا لا يعرف أفراد العائلة بعضهم بعض كأولاد العم أو الخال مثلا فيكون العيد فرصة للتعارف والتواصل وتلاقي الأجيال, وأكدت أن توطيد العلاقات الاجتماعية يخفف كثيرا من عبء الحياة وضغوطها, فالعيد فرصة لإلقاء هموم الدنيا جانبا وفرصة لتنحية الخلافات الأسرية فعندما تتجمع الأسرة في العيد يتناسي أفرادها أي خلاف مهما كان كبيرا وعبارات المجاملة والمعايدة التي يتبادلها الأهل والأصدقاء تساعد علي تقوية الترابط الاجتماعي وفرصة للتسامح وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الناس, والخروج والتنزه في أيام العيد مازال مظهرا من مظاهر فرحة العيد, ولا يمكن أن يتأثر بما يحدث في مصر من عدم الاستقرار وغياب الأمن, فخوف الناس من البلطجة لا يعني عدم مفارقة المنزل وقضاء أيام العيد في البيت دون تنزه أو ترويح, فالناس اكتسبوا بعض مهارات تأمين النفس ولديهم وعي بالأماكن التي يمكن الذهاب إليها في أمان.
من ناحية أخري تذكر د. منال الدماطي أستاذة علم النفس جامعة عين شمس أن الإجازات بوجه عام فرصة لرفع الروح المعنوية لكل أفراد الأسرة وتجديد نشاطهم وتحسين حالتهم المزاجية, ويتوقف هذا علي قدرة الشخص علي استغلال يوم الإجازة بحيث يكون أجمل وأكثر سعادة فلا يتذكر مثلا ماذا سيفعل في العمل بعد الإجازة, أو كيف يكفي مصاريف الشهر وماشابه ذلك من أمور قد تعكر صفو الإجازة, أضافت أن العيد فرصة لعدم وجود أعذار لعدم التواصل الأسري, فالجميع في أيام العيد يأخذ إجازة, وبالتالي سهولة التقارب بين أفراد العائلة من خلال الخروج معهم أو الزيارات, أري أن الناس تخرج بشكل طبيعي ولكن بحذر وحرص علي أن تؤمن نفسها بنفسها من أعمال الاعتداء والبلطجة فمن كان يلبس ذهبا كثيرا قلل منه جدا, وقد يقتصر علي دبلة أو خاتم, ومن كان يحمل أموالا كثيرة أصبح لا يحمل سوي القليل منها وخروج الناس يعطي أمانا للجميع وتواجدنا في الشارع يقلل من مخاوفنا من البلطجة بل إن كثيرا من البلطجية تم القبض عليهم بمساعدة الناس, والمجتمع يعيش حالة من النخوة والرجولة تجعله يتصدي لتلك الظاهرة.
ويقول د. إميل جوزيف أستاذ المشورة الأسرية وأستاذ الطب النفسي لابد أن يوجد لدي الإنسان رغبة وتصميم علي الفرحة أو العكس فالتصميم علي القضاء علي المخاوف والاستمتاع بالعيد شئ إيجابي فالقليل من المخاوف حقيقة, ولكن الكثير من المخاوف وهمية فلابد أن يكون تحمل المخاوف بقدر قدرات كل إنسان فهذه الأيام تكثر المخاوف بها لكن يمكن القضاء عليها بطرق بديلة حتي نستمتع بالعيد ومنها زيارة العائلات وتوطيد العلاقات مع أفراد العائلة, وتجمع أطفالهم مع بعضهم وكذلك الشباب فيخلق لديهم إحساس بالدفء الأسري مع الاستمتاع بطعم العيد بشكل جيد وسط الأهالي أو سفرهم في منازل أحد الأقارب في الأرياف وسط الخضرة والبعد عن الحياة العادية.
هناك أيضا طرق أخري منها التجمع في الكنائس وقضاء يوم روحي في العيد وتجمع الشباب والفتيات والحرص علي سلامة الفتيات في أماكن قريبة والبعد عن المناطق النائية غير الآمنة, مع تكوين مجموعات لزيارة الملاجئ في الأعياد والاستمتاع مع الأيتام في العيد والحرص علي مساعدتهم ففرحنا داخلي أكثر منه خارجي فلابد من مساعدة هؤلاء والذهاب أيضا إلي دار المعاقين وقضاء الأيام معهم.
يقول د. أمجد خيري استشاري العلوم السلوكية والطب النفسي: الخوف في الأصل هو من التهديدات التي يسمعها الناس فلابد أن يكون هناك حذر من عدم الذهاب إلي الحدائق المتطرفة والشواطئ في المدن البعيدة ففي وسط هذه الأجواء يكون الحذر هو أهم شيئا فمثلا الأفراح بعد العيد تقتصر فقط عند بعض الناس في الكنائس مع إلغاء السهرات بعد الإكليل. ويستطرد أن عمل المحبة وقضاء أوقات ممتعة مع المحتاجين ليس ماديا فقط بل نفسيا مثل مرضي السرطان وخاصة الأطفال منهم في يوم العيد واللعب معهم, وبذلك يكون يوما مختلفا عن كل عام وفي نفس الوقت إحساس بالفرحة والعطاء بدلا من الذهاب إلي أماكن متطرفة لقضاء العيد ولا يوجد بها أمان.