تأثيرات بيئية واقتصادية وصحية رهيبة اكتسحت العالم مؤخرا وعزلت قارة أوربا بأكملها عن العالم وحدثت مفارقات قدرية وطرائف عالمية أثارت علامات استفهام خطيرة..
فعقب بركان أيسلندا الثائر ارتفعت الصخور المنصهرة (الماجما) والمشبعة بالغازات من أعماقه.. وانطلقت المقذوفات البركانية من فوهة البركان إلي الخارج, بمكوناتها من الحمم السائلة (اللابة) (وهو اسم الصهارة الماجما عند وصولها إلي السطح).. والتي قد تصل بدرجة حرارتها إلي أكثر من 1100 درجة مئوية, وهي:
* الغبار البركاني ويتكون من جسيمات يقل قطرها عن 0.25 ملليمتر وقد حمله الهواء إلي أعلي لمسافات شاسعة ويرجح بعض العلماء أن الكميات الكبيرة من الغبار البركاني بإمكانها التأثير علي طقس الكرة الأرضية, حيث تؤدي إلي انخفاض مقدار ضوء الشمس الذي يصل إلي الأرض.
* الرماد البركاني ويتكون من شظايا قطرها أقل من 0.5 سنتيمتر ويسقط معظمه علي سطح الأرض ملتحما ببعضه البعض مكونا الحجر المسامي, وفي بعض الأحيان يختلط بالماء فيتشكل تدفقات طينية مدمرة قد تصل سرعتها إلي 100 كيلومتر في الساعة.
* القنابل البركانية أو الجمرات المتقدة وهي عبارة عن كتل متوسطة في حجم كرة التنس تقريبا, وأيضا الغازات البركانية التي تتكون من بخار الماء وتحتوي كذلك علي النيتروجين وثاني أكسيد الكربون وغازات أخري, والغازات البركانية هي التي تحمل كمية كبيرة من الغبار البركاني ويظهر بلون أسود شديد القتامة.
انعكاسات اقتصادية:
عقب تحذيرات العلماء في أوربا من النشاط البركاني الناجم عن ثورات بركان أيسلندا, أصبحت أوربا معزولة عن مطارات العالم وأصيبت حركة الملاحة الجوية بحالة شلل لستة أيام عقب ثورة البركان وانعكست آثار ذلك علي العديد من المطارات الدولية. أما المفارقة العجيبة فإن أيسلندا التي تسبب بركانها في تلك الكارثة العالمية أبقت مطاراتها مفتوحة وأحدث هذا ارتباكا في عدة مناطق من العالم مما أدي إلي إلحاق خسائر يومية هائلة بقطاع الطيران في العديد من دول أوربا وباقي البلدان في العالم تأثرا بالظاهرة.
تأثيرات علمية وبيئية:
وصف الاتحاد الدولي للنقل الجوي أزمة حركة الطيران الناجمة عن بركان أيسلندا بأن آثارها ربما تفوق أحداث 11 سبتمبر الشهيرة. وفي 19 أبريل 2010 دعا الاتحاد الدولي إلي تفادي الإغلاق الكامل لمجالاتها الجوية والبحث عن سبل لفتح المجال الجوي وتوفير رحلات بديلة, خاصة بعد أن تم إلغاء 63 ألف رحلة طيران في المجال الأوربي منذ بداية حدوث الكارثة..
والتفسير العلمي لأسباب الخطورة الجسيمة لهذه الظاهرة علي الطائرات بسبب السحابة البركانية المنتشرة في الأجواء والناتجة عن الغبار البركاني تقوم بحجب الرؤية كما تقطع اتصال أبراج المراقبة بالطائرات. أما الأكثر خطورة فهو احتواء الغبار البركاني علي جسيمات من الصخور والزجاج تؤدي إلي تلف محركات الطائرات وتآكل الأجزاء الخارجية للطائرة, وقد حدث بالفعل في ثمانينيات القرن الماضي, حيث تسببت دقائق الرماد البركاني في أجواء طيران إندونيسيا وألاسكا في إيقاف عمل محركات طائرتين وكادت تحدث كارثة لولا أنهما سارعتا بالهبوط إلي الحد الأدني فاندفع الهواء البارد إلي المحركات واقتلع دقائق الغبار التي تغلغلت داخل المحركات فنجت الطائرتان بأعجوبة.
أما بالنسبة لسحابة بركان أيسلندا فقد تمركزت في بدايتها علي ارتفاع ستة عشر كيلومترا في نطاق الارتفاع الذي تحلق عنه الطائرات وأثرت حركة الرياح علي انتشار هذا الغبار في المناطق المحيطة وكذلك وصلت إلي مسافات شاسعة وإلي دول وبحار في قارة بعيدة مثل كندا ودول البحر المتوسط. وعمدت منطقة الصحة العالمية إلي التحذير من مخاطر الغبار البركاني, حيث يتسبب استنشاق الجزيئات المنبعثة في مشاكل صحية للأشخاص الذين يعانون من أزمات بالجهاز التنفسي عند وصولها إلي القصيبات التنفسية والرئتين.
مفارقات وطرائف قدرية:
عزل الغبار البركاني أوربا عن قارات العالم, فبالإضافة إلي منع نحو 750 ألف سائح من العودة إلي بلادهم وما إلي ذلك من خسائر فادحة أحدث مفارقات قدرية من بينها أنها حال دون حضور قادة ورؤساء العالم لجنازة رئيس بولندا وزوجته ومرافقيهما من كبار شخصيات بولندا والذين كانوا لقوا مصرعهم في تحطم طائرتهم في منطقة غرب روسيا والعجيب أنهم كانوا في طريقهم إلي غابة كايتن بروسيا لإحياء ذكري 22 ألف جندي بولندي قتلوا بأمر من ستالين عام 1940 وإذا بالطائرة التي تقلهم تسقط بهم!
أما من بين المفارقات الطريفة فهو اضطرار عروسين لإقامة حفل زفافهما في دبي بعد أن حاصرتهما أزمة الطيران ومنعتهما من السفر إلي عائلتيهما في بريطانيا فقاما بإذاعة الحفل علي بث مباشر بالإنترنت كدعوة لكل العالم لمشاركتهوا الفرحة.