[email protected]
لا شك أن اللغة الرؤياوية للسفر وفرت مناخا خصبا للتأويلات وللتعبير عن الرغبات الكامنة في مخيلة عقول المفسرين لنصوصها, كما أن بعض المفسرين قاموا بتأويلها روحيا والبعض الآخر جعل منها نصوصا ##للتعزية## فإذا كانت الأمور لا تسير بشكل ملائم اليوم فغدا ستكون الأمور علي ما يرام.
وفي الحقيقة فإن سفر الرؤيا لا يعطي أي انطباع بأن الأشياء تسير علي ما يرام. أو تسير بشكل أفضل, فلا يوجد مطلقا أي رجاء مبني علي انتصار في المستقبل. بل علي العكس نجد فيه الرجاء يواجه الموت باسم الحياة. فسفر الرؤيا مثل الرجاء المسيحي يبدأ من النهاية. فنحن أمام واقع مضاد. ليس في السماء أو في المستقبل, ولكن الرجاء موجود هنا والآن.. وهو مدفون في حاضرنا التاريخي الوجود, ونستطيع تمييز علامات وجوده.
وبشكل صريح وواضح, فإن سفر الرؤيا, لم يكتب ليعطي رجاء للمسيحيين المضطهدين. أنه كتب ليشهد بأن الرجاء موجود فعلا, وبقوة في الجماعة المسيحية الأولي. فهو إذن ليس كتاب لتعزية المسيحيين المضطربين. علي العكس.إنه كتب ليظهر مدي تحدي وجرأة المسيحيين المؤمنين به , كما كان وهو الآن كائن وسيكون, فوجوده شئ مؤكد, ولكن علينا تكملة المسيرة معه حتي آخر الآزمنة, كما أن الروح القدس مطلق من قبل الله بمرافقة الكنيسة وكل الكنائس.
الرؤية الافتتاحية: رؤيا 1:9-20
##أنا, أخاكم يوحنا الذي يشارككم في الشدة والملكوت والثبات في يسوع, كنت في جزيرة بطمس لأجل كلمة الله وشهادة يسوع, فاختطفني الروح يوم الرب, فسمعت خلفي صوتا جهيرا كصوت البوق يقول: ما تراه فأكتبه في كتاب وابعث به إلي الكنائس السبع التي هي أسسل وأزهير وبرغامس وتياطيرة وسرديل وفيلولفيه واللاذقية## فالتفت لأنظر إلي الصوت الذي يخاطبني,فرأيت في التفات سبعة مناور من ذهب وبين المناور ما يشبه ابن الإنسان وقد لبس ثوبا ينزل إلي قدميه وشد صدره بزنار من ذهب. وكان رأسه وشعره أبيض كالصوف الأبيض, كالثلج وعيناه كلهيب نار, ورجلاه أشبه بنحاس خالص صفي بنار آتون, وصوته كصوت مياه غزيرة وفي يده اليميني سبعة كواكب ومن فمه خرج سيف مرهف الحدين, ووجهه كالشمس تضئ في أبهي شروقها, فلما رأيته ارتميت عند قدميه كالميت, فوضع يده اليمين علي وقال: لا تخف أنا الأول والأخير. كنت ميتا وهاءنذا حي أبد الدهور. عندي مفاتيح الموت ومثوي الأموات. فأكتب ما رأيت ما هو الآن وما سيحدث بعد ذلك. أما سر الكواكب السبعة التي رأيتها في يميني وهناور الذهب السبع, فإن الكواكب السبعة هي ملائكة الكنائس السبع, والمناور السبع هي الكنائس السبع.##
وأمام ما وصل عليه العالم من ضلال, إنه البشارة, التي رغم الغليان الذي يعيشه العالم تشهد أن الملكوت حاضر وبقوة, ولكن ينمو مثل حبة الحنطة. وكاتب سفر الرؤيا يقص علينا حركية وفعالية الرجاء المتجسد في (رؤيا 1:9-20) هذا هو العالم المضطرب.
وذلك بفضل الحياة التي تدفع المسيحيين المملوئين بمحبتهم للمسيح لقبول المنازلة والتحدي مهما كان خطيرا ومخيفا….